تقرير لـForeign Policy عن حزب الله في عهد عون وسلام.. هذا ما كشفه
وبحسب المجلة، “كما حدث في عام 1958، عندما انتخب المشرعون اللبنانيون فؤاد شهاب رئيساً، فإن عون يتولى الرئاسة في أوقات مضطربة في البلاد والمنطقة بشكل عام. في ذلك الوقت، كان اللبنانيون منقسمين بشدة حول الاتجاه السياسي وتوجه السياسة الخارجية لبلادهم، مما أدى إلى اشتباكات في الشوارع. ولا يزال اللبنانيون منقسمين بشدة ولكنهم وجدوا الآن إجماعاً في عون، الذي، مثل شهاب، لم يُبد أي اهتمام بدخول المجال السياسي حتى اتضح أنه المرشح الوحيد الذي كان لديه أي أمل في القبول الواسع من قبل الشعب اللبناني والقوى الأجنبية. لا شك أن الولايات المتحدة هي الأكثر نفوذاً من بين تلك القوى في لبنان، وكانت دبلوماسيتها الأخيرة مفيدة في تحقيق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل بعد صراع مدمر استمر أكثر من عام، فضلاً عن دفع العملية الانتخابية إلى الأمام في بيروت”.
وتابعت المجلة، “لا شك أن حزب الله هو الخاسر الأكبر في ظل الحكومة الجديدة، وعون هو نقيض كل ما يمثله حزب الله: فهو باني دولة قال في شهادته العلنية إنه سيلتزم بمحاربة الفساد وجعل الجيش القوة الشرعية الوحيدة في البلاد. إن حقيقة أن عون يحظى بتفضيل واشنطن وإعجاب القيادة العسكرية الأميركية تجعله أقل جاذبية لحزب الله. لعدة سنوات، قاد عون إصلاحًا رئيسيًا للجيش في شراكة وثيقة مع الولايات المتحدة. وفي عام 2017، قاد الجيش في معركة لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من لبنان، والأهم من ذلك أنه حول الجيش من مؤسسة متداعية إلى قوة قتالية محترفة. لقد وثق بواشنطن، ووثقت هي به. وبصفته رئيسًا، سيشرف على برنامج إصلاح الجيش ويضمن استمراره، الأمر الذي من شأنه أن يخدم المصالح الأميركية”.
وأضافت المجلة، “حزب الله يشعر بالقلق إزاء عون، ولكنه أكثر معارضة لسلام. فالأخير محام لا يعرف الكلل، وقد اكتسب بفضل ذكائه ومهاراته ونزاهته منصب رئيس محكمة العدل الدولية. ومن المتوقع أن يلتزم لبنان بحكم القانون في الداخل والخارج، وأن يسعى إلى احترام التزام لبنان بقرارات الأمم المتحدة، بدءاً بالقرار 1559، الذي يدعو إلى حل ونزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية داخل لبنان، والقرار 1701، الذي أنهى حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، والذي يتطلب، مثل القرار 1559، نزع سلاح كل الجماعات المسلحة في البلاد. ومن الواضح أن حزب الله لا يقبل أي شيء من هذا القبيل. واستناداً إلى الخطب التي ألقاها مسؤولو حزب الله بعد ترشيح سلام، فمن الواضح أنه يشعر بالضيق كما بالخيانة. لقد كانت جرعة عون مرة للغاية، ولكن بعد ذلك جاءت صدمة سلام، والتي تسببت في اختناق حزب الله تقريباً. وكان الحزب عارض سلام بشدة في السنوات السابقة وحرمه من رئاسة الوزراء بسبب مواقفه المناهضة للفساد والمطالبة بالعدالة والإصلاح”.
وبحسب المجلة، “لقد ضعف حزب الله بشكل كبير في أعقاب حربه مع إسرائيل، ولم يكن أمامه خيار سوى التسوية وقبول عون. والواقع أن الكيفية التي اجتمع بها النواب لصالح الأمة في اللحظة الأخيرة هي مادة أسطورية سياسية. ولم تمل واشنطن هذه النتيجة ولم يكن بوسعها أن تمليها، ولكنها بالتأكيد أثرت عليها، إلى جانب المملكة العربية السعودية. إن التحدي المباشر الذي يواجهه عون وسلام هو تشكيل حكومة تمثل تطلعات كل من يرغب في بداية جديدة في لبنان. أما التحدي الأوسع فهو التعامل مع حزب الله الساخط، والذي يقول بالفعل إن تعيين سلام يتعارض مع روح الوحدة الوطنية، على الرغم من أنه قانوني ودستوري تمامًا. وهذا يعني في الأساس معارضة حزب الله سياسياً للحكومة المقبلة وربما اللجوء إلى العنف”.
وتابعت المجلة، “صحيح أن حزب الله اليوم ليس قريباً مما كان عليه في السابق، لكنه لم يُهزم، ولا يزال مسلحاً وخطيراً. إن خطة حزب الله وطريقه إلى التعافي غير واضحة، لكنه يحتاج بشدة إلى التمويل الدولي لإعادة بناء جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت والمناطق الأخرى التي يعيش فيها أعضاؤه أنصاره وعناصره. ومع ذلك، لن يأتي هذا التمويل إذا هاجم الحزب الحكومة المقبلة”.
وبحسب المجلة، “لا ينبغي لعون وسلام وأنصارهما أن يتراجعوا عن موقفهم، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يلتزم اللبنانيون برغبات حزب الله أو شروطه. فقد اتبعوا العملية الديمقراطية وقاموا بكل شيء وفقاً للقواعد. وفي تشكيلهم للحكومة المقبلة، يتعين على عون وسلام أن يختاروا فقط الوزراء الملتزمين بالإصلاح والعدالة وسيادة القانون، وهناك الكثير من المرشحين الشيعة الأكفاء والمستقلين لضمان الشمولية. ولكنهما لا يستطيعان القيام بذلك بمفردهما، وسوف تتطلب مثل هذه الزعامة اللبنانية الجريئة الدعم المستمر من واشنطن والرياض، خشية أن يكرر التاريخ نفسه”.
وختمت المجلة، “لقد سمح رحيل واشنطن لإيران وسوريا وحزب الله بتحويل لبنان إلى دولة تابعة ملتزمة بتقويض المصالح الأميركية والاستقرار في المنطقة. إذاً، يتعين على الولايات المتحدة أن تتعلم من تاريخها في التدخل في لبنان. وهذه المرة، لديها حلفاء حقيقيون في بيروت يتمتعون بدعم محلي واسع النطاق وتفويض قوي للإصلاح،ويمكنهم قيادة النهضة السياسية في البلاد وحرمان إيران من فرصة إعادة بناء نفوذها المزعزع للاستقرار في بلاد الشام، وخاصة الآن بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا المجاورة”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook