بوريل يودّع لبنان وخليفته أقرب لاسرائيل في مقاربتها لملفات المنطقة
أبرز رسائل بوريل الذي يغادر منصبه، في آخر مهمة ديبلوماسية له إلى لبنان، تكمن في ثلاث: تجديد تأكيد الدعم الأوروبي للجيش، ممارسة أقصى الضغط على إسرائيل للقبول بالعرض الأميركي لوقف إطلاق النار، ودعوة كل الأفرقاء من دون استثناء إلى تحمّل مسؤولياتهم لوقف الحرب وانتخاب رئيس للجمهورية. أما على جبهة الجنوب، فدعوة من بوريل إلى تحييد قوات الطوارئ، من أجل أن تستمر في القيام بدورها.
لم يحمل المسؤول الأوروبي أي جديد في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، بل هو جاء ليجري جولة أفق أخيرة لوضعها في تقريره لمن ستخلفه في المنصب، وهي رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس. وكان واضحاً تركيزه على ملف دعم الجيش من باب الاعتمادات التي خُصّصت له في مؤتمر الدعم المنعقد في باريس أخيراً. وعُلم في هذا الصدد أن بوريل جدّد التذكير بالمساعدات المخصصة في هذا المؤتمر وقيمتها ٢٠٠ مليون يورو، وهي معقودة من موازنة الاتحاد الأوروبي لسنة ٢٠٢٤، بينما مبلغ الـ٤٠ مليوناً الذي كشف عنه بعد لقائه رئيسي المجلس نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، معقود في موازنة الاتحاد لسنة ٢٠٢٥. والمفارقة أنه رغم مضيّ خمسة أسابيع على انعقاد المؤتمر، فإن أيّاً من هذه الأموال لم يصل بعد إلى الجيش، رغم الإعلانات المتكررة لمسؤولين أوروبيين أو أميركيين بأهمية وضرورة تقديم الدعم للجيش لكي يتمكن من القيام بالمهمات المتاحة به تطبيقاً للقرار الدولي ١٧٠١.
نقطة ثانية لا تقلّ أهمية أثارها بوريل وتكمن في تحذيره من أن لبنان على شفير الانهيار ، وذلك بعدما قارن بين الوضع في البلاد قبل بدء الحرب أي قبل شهرين عندما زارها في أيلول الماضي، وبين الوضع اليوم في ظل حجم الدمار الهائل، من دون أن يعني ذلك أن هذا التحذير سيلقى أيّ صدى من شأنه أن يمنع حصول الانهيار. ذلك أن التحذيرات الدولية للبنان توالت دورياً منذ بدء حرب الإسناد لغزة ولم تلق أيّ آذان صاغية داخلياً.
مع مغادرة بوريل منصبه، وتسلم كالاس مهماتها، سيفقد لبنان حليفاً مهماً، مؤمناً بقضيّته، كما بالقضية الفلسطينية، وهو دافع عن كليهما من خلال سياسته المتشددة والمنتقدة لإسرائيل، وليس آخرها إعلان التزام دول الاتحاد تنفيذ أمر المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كما على قادة حركة حماس، علماً بأن خروج بوريل من رأس ديبلوماسية الاتحاد الأوروبي سيترك ارتياحاً لدى تل أبيب، نظراً إلى أن خلفه أقرب في مقاربتها لملفات المنطقة من إسرائيل. ويمكن تلمّس ذلك من مواقف سابقة لها دعمت فيها حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
الأكيد أن منطقة الشرق الأوسط لن تكون ضمن أولويات كالاس، كما تبيّن مواقفها واتجاهاتها أكثر نحو رصد ومواكبة الحرب الروسية -الأوكرانية. وقد يكون على لبنان أن يبذل جهوداً من أجل العمل على تعاطف المسؤولة الأوروبية الجديدة مع الملفّ اللبناني، علماً بأن الأخيرة لن تخرج في نهاية المطاف عن السياسة العامة لدول الاتحاد الأوروبي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook