الأراغيل تغزو مراكز الايواء.. أداة للتأقلم والصمود
على غرار المقولة الشهيرة “نفّخ عليها تنجلي”، وضّب اللبنانيون الأراغيل وتوجهوا بها الى مراكز الايواء أو مساكنهم الجديدة، لعلّ دخان التبغ يخفي ولو قليلاً دخان الغارات ويطفئ جمرة النيران التي اضرمها العدو في قلوبهم. مشهد الجلسات و”قرقرة” الأراغيل تتكرر في المراكز، وكأنها صورة موحدة وامتداد لثقافة أهل الضيافة والكرم وسط فوضى الحرب والتهجير.
وتوضح الاختصاصية بعلم النفس، كاندي أبو سرحال، في حديثها لـ”لبنان 24″، ان التمسّك بوجود الأراغيل في مراكز الايواء، هو مؤشر على رغبة اللبنانيين وقدرتهم بالاستمرار بحياتهم وثقافاتهم، رغم كل الصعاب. ووفقاً لأبو سرحال، قد تكون مشهدية الاراغيل والجمعات أكبر دليل على الصمود ورمز للمقاومة الشعبية وللوحدة بوجه آلة القتل الإسرائيلية.
ولتفسير الأمر، تقول أبو سرحال إن الحروب تدمّر الحياة اليومية للافراد وتصبح الأولويات ملخّصة بأولوية واحدة وهي البقاء على قيد الحياة، معتبرة أن احتفاظ اللبنانيين بعادة “جمعة الاراغيل” والتي باتت من ثقافة شعوبنا يعدّ رسالة يوجهها هذا الشعب للعالم بحبه للحياة ورغبته بالسلام وأنه قادر بالرغم من مأساته من إيجاد سبيل للاستمرار والتكاتف وتبادل الخبرات والتجارب القاسية بهدف الصمود.كما ان اللجوء الى “الشيشة” قد يكون للحصول على لحظة هدوء وسط الاضطرابات اليومية والحرب المندلعة وكل ما يترافق معها من ضغوط.
وتقول أبو سرحال إن “نفس” الأرغيلة او التدخين والحصول على النيكوتين يعتبر من أكثر ما يستهوي الافراد للهروب من الواقع الأليم الذي يحيونه، مضيفة أن البعض يعتبره كوسيلة للتكيّف مع الوضع الحالي، فالنيكوتين يحفّز إفراز الدوبامين في الدماغ، مما يمنح المدخن شعوراً موقتاً بالاسترخاء والهدوء وهو أقصى ما يطلبه أي انسان بهذه الظروف.
ملاذ ضارّ يجلب الخلاف!
الأراغيل في لبنان اذاً دخلت في صلب الصراع وباتت أداة للتأقلم والتكيف والصمود، غير أنها أيضاً مصدر للخلاف في بعض مراكز الايواء. وتقول أبو سرحال إن المراكز تضمّ العديد من الأفراد الكبار والصغار ومن يعاني من الأمراض المزمنة والرئوية. لذا قد يولّد التدخين حالة من التوتر بين المقيمين في المركز بسبب مضار التدخين وتأثيره على الأطفال والمرضى.
كما أن مادة النيكوتين والتي يحصل الافراد على جرعات منها عبر استخدام الأراغيل، قد تؤدي الى تفاقم مشاكلهم النفسية. وتقول أبو سرحال إن الحصول على النيكوتين بشكل مستمر ومضاعف يزيد في وقت لاحق الشعور بالقلق والاكتئاب، مشيرة الى أن “الراحة والاسترخاء” هي فكرة قد توصل الافراد الى الإدمان على التدخين والارغيلة، بعد ان كانت ملاذاً للسكينة والتسلية لهم.
في السراء والضراء، الأرغيلة رفيقة اللبنانيين وكلفتها الصحية والاقتصادية مهما كثرت لن تكون أكبر من كلفة الحرب بالنسية لهم.. ادخلوها في الصراع وارادوا أن يقولوا للعالم اجمع بعزّ محنتهم أنهم صامدون وان ثقافتهم ووحدتهم لن يقوى عليها من أي عدوان. مشهدية الأراغيل تتخطى مفهوم التسلية لتصبح رسالة مفادها: لم ولن نهزم!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook