آخر الأخبارأخبار محلية

معالم لبنان الأثرية تحت الإستهداف.. مدينة الشمس تواجه القصف!

بعلَبك…مدينة الشمس، هي التي غنّتها السيدة “فيروز” قصّةً للعزّ، وتغنّت الشحرورة “صباح” بوسع قلبها، تعيش منذ يومين أكثر أيامها سوادًا، إثر تعرّضها لسلسلة غاراتٍ إسرائيليّة متتالية، تُعدّ الأعنف منذ توسّع الحرب بين حزب الله وإسرائيل.

 

جاءت هذه الغارات على المدينة ومحيطها، بعد أن نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصّة “إكس” إنذارًا بالإخلاء فورًا “لسكّان بعلبك وعين بورضاي ودورس”، مرفقًا بخارطة للمنطقة، وقائلًا إنّ الجيش “سيعمل بقوّة ضد مصالح حزب الله داخل مدينتكم وقراكم”.

اللافت في خريطة استهدافات الجيش الإسرائيلي أن المناطق التي شملها أمر الإخلاء في بعلبك، تضمّ “آثارًا رومانية” لتتوجّه الأنظار مباشرة إلى قلعة بعلبك التاريخيّة، البالغ عمرها أكثر من 3000 عام، والمدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونيسكو”.

يؤكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، في حديثٍ لموقع “الحرّة”، أنه “فور ورود التهديد الإسرائيليّ بقصف مدينة بعلبك، أجرى سلسلة اتصالات برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ورئيس البعثة الدائمة للبنان لدى منظمة اليونيسكو في باريس، السفير مصطفى أديب، طالبًا منه أن يكرّر سريعًا المراجعات والشكاوى التي تقدّم بها أخيرًا لمديرة عام اليونسكو أودري أزولاي، ومدير مركز التراث العالمي لازار إلوندو “.

وإذ نوّه المرتضى، في حديثه لموقع “الحرّة”، “بالجهد الكبير الذي قام به السفير اللبناني”، أشار إلى أنّ “مساعي حماية المعالم التراثيّة في لبنان بدأت منذ أشهر بتكليف أديب تقديم الشكاوى والمراجعات للمنظّمة والمعنيين، وتواصَلَت مع ارتفاع حجم الدمار في الجنوب والذي طال معالم أثريّة عدّة”. 

وزير الثقافة أكد أن “منظّمة اليونيسكو ستخصّص جلسةً بدايةَ الشهر المقبل، لدراسة شكاوى لبنان ومراجعاته”. 

وطمأن المرتضى في حديثه لموقع “الحرّة” إلى أن “قلعة بعلبك ما زالت سليمة حتى الآن ولم تتعرّض للقصف، في ظل الغارات العنيفة التي طالت المدينة وتخوم القلعة، معرباً “عن تخوّفه من أن يؤدي استهداف محيط هذا المعلَم الأثري بصواريخ ثقيلة تُعرّضه للأذى أو الدمار بطريقة غير مباشرة”.

ويضيف المرتضى، أنّ “إرث بعلبك الثقافيّ لا يخصّ لبنان وحده، بل الإنسانيّة بأسرها”، لذلك ونتيجةً للضغوط والاتصالات اللبنانيّة، غرّدت منظّمة اليونسكو نهار الأربعاء على موقع “X”، مذكّرة جميع الأطراف بالتزامها احترام وحماية سلامة المواقع التراثيّة العالميّة لأنها تراث للإنسانيّة جمعاء، ولا يجب استهدافها أبدًا، وخصّت بالذكر المواقع المعرّضة حاليًّا للتهديد، تحديدًا في لبنان، الأراضي الفلسطينية، وإسرائيل واليمن، مرفقة تغريدتها بصورة لقلعة بعلبك. 

وقد علّق وزير الثقافة على هذه الدعوة لموقع “الحرّة” قائلًا إن “إسرائيل ليست عضواً في اليونسكو، ولم تقبل أن تكون عضوًا فيها”.

الغارات على مدينة بعلبك ومحيطها، أعادت إلى الواجهة حادثة وقعت منذ نحو عام وتحديداً في 2 تشرين الثاني 2023، عندما أمر وزير الثقافة محمد المرتضى بإزالة  شعار الدرع الأزرق من على جدران قلعة بعلبك الأثرية، بعد أن كانت قد وضعته قبل يوم واحد المديرية العامّة للآثار بالتنسيق مع جمعية “بلادي” التي تُعنى بالحفاظ على التراث لحماية الممتلكات الثقافية خلال النزاع المسلح.

ولدى سؤاله عن سبب إزالة شعار الدرع الأزرق يومها، أكد المرتضى أن “هذا الشعار تمّ تعليقه من دون العودة إليه، وبمبادرة محض فردية”، وقال لموقع “الحرّة”:  “فاقد الشيء لا يعطيه، وهذه الشكليات والفولكلوريات لا تحمي من الغارات الإسرائيليّة، والدليل على ذلك استهداف مدارس الأونروا التي تلبس ثوب الأمم المتحدة، الصليب الأحمر واليونيفل”>

 

تدمير مقصود

 

إلى ذلك، نشر موقع “إرم نيوز” تقريراً قال فيه إن اللبنانيين عبروا عن قلقهم من أن يكون استهداف إسرائيل لبعلبك جزء من خطة متعمدة لإزالة تراث لبنان.

 

وفي السياق، قال الصحافي خليل القاضي، من مدينة بعلبك، إن قصف بعلبك يعد مؤشراً خطيراً على استهداف التراث الثقافي اللبناني، وأضاف: “بعد استهداف قرى وبلدات كالمحيبيب وسوق النبطية الأثري وصور، يبدو أن الهدف ليس فقط قتل الشعب والحجر، بل طمس الذاكرة الثقافية”.

 

وأكد القاضي أن بعض المعالم الأثرية، مثل قبة دوريس وثكنة ديغول، تعرض لأضرار جسيمة، ما يعزز المخاوف من محاولة “قتل التاريخ” اللبناني.

وفقاً لعمر حيدر، المتخصص في ترميم المباني الأثرية، تنقسم المباني التاريخية في لبنان إلى مبانٍ أثرية مسجلة لدى اليونسكو وأخرى تراثية يتجاوز عمرها المئة عام.

ويعتقد حيدر أن إسرائيل تتعمد إلحاق أضرار بالمباني الأثرية بشكل غير مباشر، عبر استهداف المباني المجاورة لتتأثر بفعل قوة الانفجارات.

وأوضح حيدر لـ”إرم نيوز” أن سوق بعلبك التراثي، الذي يعود تاريخه لأكثر من 150 سنة، تعرض لأضرار جسيمة نتيجة القصف، ما يعكس سياسة ممنهجة لمحو الطابع التراثي والسياحي لهذه المدن، وتدمير الاقتصاد المحلي الذي يعتمد على تجارة صغار ومتوسطي التجار في هذه الأسواق.

يؤكد حيدر على صعوبة إعادة بناء هذه المناطق بالأسلوب ذاته، إذ يقول: “الحجارة المستخدمة في بناء هذه المعالم تضررت بشكل كبير، مما يمنع إعادة استخدامها لترميم المواقع التاريخية بنفس الطابع الأصلي”.

وأشار إلى أن ترميم بعض الأجزاء، مثل سور قلعة بعلبك، قد يكون ممكناً، بينما تضررت معالم أخرى مثل قبة دوريس بشكل يصعب معه استعادتها إلى سابق عهدها.

خطر الاهتزازات والانهيارات

إضافة إلى الأضرار المباشرة، يشير حيدر إلى خطورة الاهتزازات التي تسببها قوة الانفجارات، والتي تعادل زلزالاً محلياً، مما يزيد من احتمال انهيار المعالم الأثرية.

وأوضح أن هذه الاهتزازات، بالتزامن مع الأمطار والثلوج المتوقعة في فصل الشتاء، قد تشكل خطراً كبيراً على الأبنية القديمة، مما قد يسرع انهيارها.

وأثارت هذه التطورات مخاوف كبيرة على الساحة الدولية، حيث يعد تراث لبنان جزءاً من التراث الإنساني المشترك، وتدميره يشكل خسارة كبيرة للبشرية.

 ومع استمرار القصف، تتعالى الأصوات المطالبة بوقف هذه العمليات والحفاظ على التراث اللبناني، باعتباره ذاكرةً ثقافية وتاريخية لا تقدر بثمن. (الحرة – إرم)

 

 

 

 

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى