رمزية صورة رئيس الدولة في وظيفتها ومَعْنَاها ومَبْنَاها..!
كأنه صار من تقاليدنا ان يحضر مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية كابوس الـشغور في الرئاسة الاولى و الفراغ على الحائط ، مع ترك الرئيس للقصر ، و غالبا ما ينعكس ذلك على المشهد السياسي الداخلي ، تجاذباً و مخاوف و مزايدات !
و كي لا نشعر بالإحباط مع كلَّ موسم إنتخاب رئيس للجمهورية ، و تكاثف حالات التشظي بين الجماعات ، نسأل ماذا لَوْ إستبدلنا صورة الرئيس بخارطة او علم لبنان ، أقلُّه في الفترة الفاصلة بين الشغور و الانتخاب ؟
مِنْ تُراثاتِ الحياةِ السياسية ، في وُجوهِهها و أَشكالِها و أَنماطِها ، الديمقراطية والعسكرية والشموليَّة والملكيَّة والديكتاتورية والتوتاليتاريَّة ، أَنْ تُرْفَعَ في مُؤسساتِ الدَوْلةِ الدستورية و الإدارية و مَقارِّ بِعثاتِها الدبلوماسيةِ ، صُورَةُ رئيسِ البلادِ مع خَلْفِيَّةِ عَلَمِ البلَدِ ، طِيلَةَ فَترَةِ رِئاسَتِهِ و عَهْدِهِ ، كَرَمْزٍ لِكَرَامَةِ الوطنِ و دلالَةٍ على هَرَمِيَّةِ السُلطَةِ ، و أَنَّ للدولةِ رَأْسٌ ، بمَعزَلٍ ما إذا كانت السلطةُ التَنفيذيَّةُ مُناطَةٌ بِهِ كاملةً ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ بِمَثَابَةِ مَلَكٍ أبيض لا يملك ، أَوْ رئيسٍ فَخْريٍّ يَرأَسُ و لا يَحكُمُ ..! في لبنان ، بلد المتغيّراتِ السياسية و التبدلات الزمنية ، تحضر أزمة إنزال و إبدال و نزع و تعليق صورة رئيس الجمهورية ، بعد إنتهاء ولاية و بداية عهد رئاسي جديد ، بسب عدم إنتخاب رئيس في الفترة الدستورية وما تنتجه من حالات شغور رئاسي ، فتحدث أزمة بروتوكولية ، تحارُ معها المؤسسات و الإدارات بكيفية التعامل مع الواقع المستجد في الوقت الضائع بين رئيس سابق و رئيس لم يُنتَخب بعد . و اذا كانت دوائر البروتوكول في القصر الجمهوري تسارع الى رفع صورة ألرئيس عن صفحة الرئاسة في وسائل التواصل و في أجنحة القصر و دوائره ، و إنزال العلم و إغلاق مكتب ألرئيس ، إعلاناً عن شغور في إشغال القصر من رئيس جديد ، فالموضوع البروتوكولي الأكثر إلحاحاً هو إصدار مذكرة ادارية من المرجع المختص بشأن رفع صورة الرئيس من المقرات و الادارات العامة ، تماما مثل المذكرة التي تصدر برفع صورة الرئيس للجمهورية عند إنتخاب رئيس جديد. و حيث ان لبنان يشهد حالات متكررة للفراغ على مستوى الرئاسة الاولى، فإن المطلوب هو الإسراع بوضع آلية ادارية و بروتوكولية برفع صورة الرئيس المنتهية و لايته وفق مراسم تحفظ كرامة الرمز و شرف الشخص . غير أن صورة الرئيس أوْ رَأْسِ الدَوْلة في دول العالم الثالث، لَها مسار و مفهوم مختلف عن غيرها من بقية الدول و المجتمعات والانظمة السياسية ، حيث ثُ تَتَبَدُّلُ المفاهيم و يكون لكل صورة ظلها و ابعادها و رمزيتها، وصولا الى مرتبة القدسية في بعض المجتمعات ذات التبعية الإِنقِيَادِيَّةِ و الإسْتِسْلامِيَّة..! فالحَيَاةُ السِيَاسيَّةُ لها سُلوكاتُها و طُقُوسِيَاتُها و تقاليدُها و أَعَرافُها و تَقَاليدُها و المَرَاسِمُ الخاَصَّةُ بِها . و مِنْ هذهِ التقليدِيَّاتِ والبروتوكولاتِ ،رَفْعُ صورةِ رَئيس الدولةِ في في المَقرَّاتِ والمُؤَسَّساتِ الرسميَّةِ داخلَ الوطنِ و خارِجَه . و بما أَنَّ السُلُوكَاتِ الشعبية الرَفْضِيَّةِ للجَمَاعَاتِ السياسيَةِ ، غَالبَاً ما تَتَّخِذُ شَكْلَ إِحْتِجَاجَاتٍ إعْتِراضِيَّةٍ مَيدانِيَّةٍ ، تُتَرْجَمُ مِن خِلالِ حَقِّ المُمَارَسَةِ الديمقراطيَّةِ ، أَوْ إِستِعْراضِ فَائِضِ القُوَّةِ السِيَاسيَّةِ أوْ التَخْريبِيَّةِ لدى بعضِ الجِهَاتِ أَو الأفرادِ المُنَدَفعينَ عَفْواً أَوْ تَنْظيماً للإِعتِراضِ ، مُتَسَلِّحينَ بِمَبْدأ حُريَّةِ الرأي والتعبير، فإِنَّه قدْ يكونُ من المُفيدِ ،كَحالَةٍ تَجريبيَّةٍ ، إقتراحُ إِستبدالِ صُورَةِ رئيسِ الدولةِ في هذهِ الأنماطِ ولمجموعاتِ السياسية بعَلمِ البلَدِ مُظَلِّلاً الخَارِطَةِ الجُغرافيةِ ، من دون أي اضافات او تحسينات . و ذلكَ مَنْعاً لِتَعريضِ شَخْصِ الرئيس من خلال الصورة لإِعتداءاتٍ مَعنَوِيَّةٍ ، يَشعُرُ معها كُلُّ مواطِنٍ أَنَّ كرامَتَهُ مُسَّتْ. وليسَ في إبدال صورة الرئيس بصورة العلم أَيُّ إِنتقاصٍ منِ سِيادِيَّةِ رئيس البلادِ أَوُ مَسٍّ بِرَمزِيَّةِ مَقَامِهِ التمثيلي و الدستوري، بل هي مُجَرَّدُ فِكرَةٍ لِمَنْعِ فَتائِلِ الفِتَنِ الرخيصةِ مِنَ الإشتعال في ظُروفِ هذا الزَمَنِ الضائِعِ من عُمْرِ الوطنِ ، الذي لَمْ يَبدأْ تاريخُهُ بصورة زعيم ، ولَنْ تُسْدَلَ السِتَارةُ عليه إذا ما تمّ إستبدالُ صورة الرئيس بصورةِ الوطن ، عَلَماً و خارِطةً وكما يتم اتباع مراسم خاصة مشفوعة بمذكرة ادارية لرفع صورة رئيس الجمهورية في المقرات و المؤسسات الرسمية و البعثات الدبلوماسية و الدوائر الرسمية عند انتخاب رئيس جديد ، ماذا لَوْ يتم اصدار مذكرة مماثلة لرفع الصورة مع انتهاء الولاية و ابدالها بصورة الرئيس الجديد. و في الحالات الاستثنائية التي تتكرر في لبنان ، فإن الحل هو رفع الصورة الوطن كي لا نشعر بشغور في الرئاسة و لا بفراغ على الحائط ؟!”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook