هوكشتاين عاد الى واشنطن ولم يعرّج على بيروت.. مصادر دبلوماسية: الحرب لن تتوقف قريباً
وكتبت” الديار”: غرّد المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط آموس هوكشتاين الثلاثاء عبر حسابه على «أكس»: «أنا في واشنطن»، وذلك ردّاً على خبر كان قد نُشر عن وجوده في «تلّ أبيب». وقَصد هوكشتاين القول إنّه أصبح في واشنطن، لكي لا يستمرّ الحديث عن إمكانية عودته الى بيروت. والأهم من كلّ ذلك، أنّ زيارته الى «إسرائيل» وعدم مجيئه الى لبنان، يعني أنّ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو لم يُوافق على المطالب اللبنانية في ما يتعلّق بوقف إطلاق النار، وبالحلّ الديبلوماسي لتطبيق القرار 1701 بعد ذلك.
مصادر سياسية مطّلعة تجد أنّ مغادرة هوكشتاين من «تلّ أبيب» مباشرة الى واشنطن، دون التوقّف في بيروت، يعكس عوامل معقّدة عدّة تتعلّق بالوضع السياسي والأمني في لبنان والمنطقة، ورسالة واضحة للجميع تدلّ على فشل المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار. فنتنياهو لم يُوافق على وقف النار، إنّما يريد التفاوض خلاله، في حين أنّ حزب الله يتحدّث عن أنّ الكلمة الفصل هي للميدان، حيث تخوض عناصره أشرس المعارك البريّة مع جنود العدو، ويؤكد تحقيق النصر فيها، رغم كلّ ما يقوم به «الإسرائيلي» من مجازر وقتل وتدمير للقرى الجنوبية الحدودية.
ويُطالب رئيس مجلس النوّاب الذي يتمسّك بتطبيق القرار 1701، بوقف إطلاق النار أولاً، ليتسنّى للأطراف المعنية بوساطة أميركية الذهاب الى الحلّ الديبلوماسي، الذي من شأنه تثبيت الأمن والإستقرار على الحدود الجنوبية، ويمهّد لعودة أهالي القرى الجنوبية إليها.
ولعلّ أبرز النقاط التي بحثها هوكشتاين في «تلّ أبيب» وحالت دون عودته الى لبنان لأن لا جواب إيجابيا يحمله الى المسؤولين اللبنانيين، هي:
1ـ إعتقاد نتنياهو أنّ الفرصة سانحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لتنفيذ مخططه الذي يقضي بالسيطرة على الشريط الحدودي، من خلال تدمير القرى الجنوبية الحدودية وتحويلها الى أرض محروقة، ومن ثمّ التوغّل البرّي اليها واحتلالها.
2ـ ثمّة إشارات تفيد أنّ نتنياهو قد يكون رفض بعض المطالب اللبنانية، مثل وقف إطلاق النار في الوقت الراهن، كونه لن يقدّم ورقة رابحة للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن خلال الأيام الأخيرة من عهده، قد تنتقل الى مرشحة الحزب الديموقراطي كامالا هاريس. في الوقت الذي يُفضّل فيه أن يصل الرئيس السابق دونالد ترامب الى البيت الأبيض.
3ـ تمسّك الدولة اللبنانية بتطبيق القرار 1701 من دون زيادة أو نقصان، بعد وقف إطلاق النار. وهو ما تبلّغه هوكشتاين من الرئيس برّي خلال زيارته الأخيرة الى بيروت.
4ـ وجد هوكشتاين بأنّ الموقف اللبناني كما «الإسرائيلي» يحتاجان الى إعادة تقييم، وفق ما يجري في الميدان. ولهذا أعطى الجانبين المزيد من الوقت لإعادة تبلور موقف كلّ منهما.
في المقابل، يستفيد نتنياهو في الوقت الضائع بمواصلة تدمير القرى الجنوبية، بهدف ضرب القطاع الإقتصادي فيها. وقد قام بتدمير معالم أثرية وتاريخية في كل من صور والنبطية، ومحا معالمها وذاكرتها، بما فيها كورنيش نبيه برّي السياحي في صور، وذلك لعدم رضوخ برّي الى المطالب «الإسرائيلية».
يمكن الإستخلاص بأنّ سفر هوكشتاين الى واشنطن من دون التعريج على بيروت، يعكس مدى التعقيدات السياسية والأمنية الإقليمية، في حين أنّ موقف نتنياهو من المطالب اللبنانية يدلّ على فشل المفاوضات، وعلى استمرار التوتّر في لبنان والمنطقة.
وكتبت” الشرق الاوسط”: لم تنسحب أجواء التفاؤل التي بثها بعض الصحف الإسرائيلية على أرض الواقع في لبنان، الذي لا تزال المعطيات فيه جامدة على ما توافق عليه رئيس البرلمان، نبيه بري، والمبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، آموس هوكستين، من «خريطة طريق» لم تسلك طريقها إلى التنفيذ بعد.
وأتت تغريدة هوكستين، التي رد فيها على تقارير صحافية إسرائيلية عن تقدم الاتصالات التي يقوم بها في تل أبيب للوصول إلى وقف لإطلاق النار، لتدحض هذه المعلومات، بعبارة مقتضبة قال فيها: «أنا في واشنطن». ومن بيروت، أكملت مصادر قريبة من بري رسم «خريطة الواقعية» بتأكيدها لـ«الشرق الأوسط » أن لا شيء جديداً في هذا الملف.
وقالت المصادر إن بري «أنجز مع هوكستين خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان تفاهماً كاملاً أساسه تنفيذ القرار الدولي (1701) ووقف النار»، مشيرة إلى أن المبعوث الأميركي كان يفترض به أن يزور تل أبيب نهاية الأسبوع الماضي أو مطلع هذا الأسبوع، «لكن هذا لم يحدث».
وإذ أشارت إلى أن «لبنان لا يزال على موقفه»، في إشارة إلى ما تردد عن موافقة على فصل ملفَي غزة ولبنان، أكدت المصادر أن بري «لم يبلَّغ بأي شيء من الجهة المقابلة».
ولفتت مصادر ديبلوماسية وسياسية مطلعة ل «الجمهورية »، إلى انّ أخبار هوكشتاين تفتقر إلى كثير من الجدّية. فهو ومنذ زيارته الاخيرة لبيروت لم تشر المعلومات الى اي حراك له سوى لقاءاته مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومنها انتقل الى باريس، وقيل إنّه التقى بأعضاء من الخلية الفرنسية المكلّفة متابعة الوضع في لبنان ومن بعدها انقطعت أخباره. وجزمت هذه المصادر بأنّ الأخبار عن جهوده تفتقر إلى الدقة، ولربما كانت من نسج الخيال ويُستثنى منها ما تسرّب من لقائه مع بري، حيث قيل إنّه وعده بأنّه سيعود إليه بجواب اسرائيلي على اقتراحاته الجديدة في مهلة انتهت اول امس، ولم تتوافر أي معلومات في هذا الإتجاه.
مصادر دبلوماسية كشفت لـ«اللواء» ان العدوان على لبنان لن يتوقف في القريب العاجل، وان حل هذا الملف مرتبط ارتباطا وثيقا بتسوية الملف الفلسطيني من زاوية حل الدولتين، هذا أولا، وثانيا حل «الشيعية السياسية» أو لنقل إعادة النظر بدورها في التركيبة اللبنانية… وعلى هذا التقدير فاننا أمام مفاوضات تحت الطاولة لتسوية شاملة في الشرق الأوسط تبدأ في فلسطين ولا تنتهي في لبنان.
واعتبرت المصادر ان التعويل على نتائج الانتخابات الأميركية هو رهان على سراب، لاننا أمام مخطط لتغيير وجه المنطقة تقوده أميركا بصقورها وحمائمها للتخلص مما تسميه الهيمنة الإيرانية على امتداد المنطقة.
من هنا، فان الرهان على قبول لبنان بالقرارات الدولية وفي مقدمهم ١٧٠١ سيشكّل مدخلا للحل وللتسوية هو مضيعة للوقت، فالمسألة اليوم باتت أكبر من مجرد تنفيذ هذا القرار، لان المطلوب هو لبنان خالٍ كليّا من حزب الله في جناحيه العسكري والسياسي، وفي توضيح أهم وأشمل إنهاء «الشيعية السياسية».
مما كشفته المصادر أيضا ان تقديمات الدول الداعمة لم تعد بالمجان، والإدارة الجديدة للبنان ستكون تحت وصايتها من أصغر موظف الى أكبر مسؤول… من هنا، اننا أمام تقسيم جديد في المنطقة وفي لبنان، وهذا السيناريو حسب تقدير كل الجهات خطير جدا، ولكنه سيشكّل المدخل لإعادة بناء لبنان بوجوه وقيادات جديدة وأهم نقطة بدون حزب الله.
بناء على ما تقدم، خلصت المصادر الى القول باننا أمام مرحلة مخاض طويلة في لبنان قبل الوصول الى التهدئة، والتهدئة لا تعني بالضرورة نهاية العدوان الإسرائيلي بل الشروع في التسوية السياسية الشاملة التي تأتي برئيس جمهورية جديد وحكومة ببيان وزاري خالٍ من معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»… والأهم، إقرار قانون انتخابي جديد وحل المجلس النيابي وتقديم موعد الانتخابات.. ولكن السؤال المطروح اليوم، والذي ما زال يبحث في الكواليس، أي مجلس ينتخب رئيس الجمهورية الجديد؟
مصدر الخبر
للمزيد Facebook