آخر الأخبارأخبار محلية

تفجير اسرائيل الـpagers .. لتجنب التوغل البري

تبدو الحرب الدائرة بلا أفق فلا أحد يعلم كيف ستنتهي، والقراءات السياسية والعسكرية تشير إلى أن العمليات العسكرية بين اسرائيل و”حزب الله” سوف تأخد منحى جديداً في المرحلة المقبلة مع السعي لعدم بلوغ الحرب الشاملة.

نفذت إسرائيل أمس عملية تفجير الـpagers، بالتوازي مع إعلان سلطاتها السياسية والأمنية والعسكرية توسيع أهداف الحرب الحالية في غزة، لتشمل عودة مستوطني الشمال إلى منازلهم قرب الحدود مع لبنان. وما حصل شكل سابقة في تاريخ الصراعات والحروب والمواجهات السيبرانية الحديثة، نظرا إلى إسلوب وطبيعة الخرق الذي حصل والذي امتد إلى عدد من المناطق اللبنانية وشمل سوريا أيضاً، حيث أظهر العدو من خلال العملية الأمنية التي نفذها أنه يمتلك تفوقاً استخباراتياً وتكنولوجياً يُمكنه من الوصول إلى الأهداف.

تقود كل القراءات والتحليلات إلى أن الخرق بدأ من خارج لبنان أي قبل شراء الحزب هذه الأجهزة، ووصولها إلى عدد من مسؤوليه الأمنيين وكوادره وعناصره. ويقول العميد الركن حسن جوني لـ”لبنان24″ هذا الخرق يمكن أن يكون خرقاً سيبرانياً محض ويعني أن هذه الأجهزة التي تتضمن بطاريات ليثيوم أرسل إليها رزمة كبيرة جدا من الرسائل في الوقت نفسه ما أدى إلى إحماء البطارية وتحويلها إلى متفجرة صغيرة جدا وهذا الاحتمال لا يرجحه جوني لأن من المستحيل أن تمتلك البطارية هذه القدرة التفجيرية التي أدت الى هذه الإصابات والبتر والقتل، أو يكون خرقاً سيبرانياً-أمنياً، ويتمثل هذا الخرق من خلال استيراد هذه الشحنة التي تم التلاعب بها سواء في الشركة المصنعة أو عبر الوسيط الذي استوردها، بإدخال شريحة معينة إلكترونية تؤدي إلى إحماء البطارية نتيجة حصول اتصال معين فيها أو تلقي رسائل، أو أن يتم تضمينها متفجرات قليلة الوزن والحجم لكنها شديدة التفجير، وربما يكون تم تضمين البلاستيك الذي يغلف الأجهزة بنوع من المتفجرات البلاستيكية، وهذا أيضا يحتاج إلى خرق سيبراني. فتفجير هذه الأجهزة في وقت واحد في الضاحية والجنوب والبقاع وسوريا يؤكد أن هناك ضرورة لمعرفة الكود والموجة التي يتم عبرها الاتصال.

وفي الولايات المتحدة، نقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أميركيين ، أن أجهزة النداء التي انفجرت تم تصنيعها من قبل شركة “غولد أبولو” التايوانية، وأن إسرائيل عبثت بهذه الأجهزة وزرعت كميات صغيرة من المتفجرات داخل كل جهاز قبل شحنها إلى لبنان.

ويقول المهندس زياد كريم لـ”لبنان 24″ إن البايجر جهاز صغير وبسيط جداً مقارنة بالهاتف النقال ولديه حجم بطارية قد لا يرقى إلى ربع بطارية الجوال وبالتالي موضوع انفجار البطارية لا يمكن أن يسبب هذا الأذى الذي شاهدناه، ويكاد يجزم أن السبب هو مواد متفجرة زرعت في بطاريات معدلة أو في جهاز البايجر نفسه.كما أن نظام البايجر هو نظام متلقي فقط أي لا يساعد البايجر في تحديد مواقع من يستخدمه وهو فقط يتلقى التعليمات على مثال رسالة نصية ولا يستطيع الرد ولا يمكن تحديد موقع متلقي الرسالة. كما أن نظام البايجر نظام بسيط ومغلق لا يدعم تطبيقات ولا يمكن تسخين البطارية عبر اي من تطبيقاته أو عبر ارهاقه بالرسائل.

ويضيف إن الجهاز كان مفخخاً سلفاً ولا علاقة بالتطبيقات أو بتسخين البطارية عن بعد أو بهجوم سيبراني على الأجهزة وبالتالي يمكن للبنانيين أن يطمئنوا.

إذن كيف تم التحكم بالجهاز وتفجيره عن بعد؟ يعتبر حكيم أنه إذا كان الجهاز نفسه مفخخاً فيمكن أن التفجير تم عن طريق طائرة مسيرة أو عبر قمر صناعي وإذا كانت البطارية نفسها مفخخة فالتفجير يحصل عند ارسال رسالة معينة تلقتها كل الأجهزة. وهذا أمر سهل إذا كان المصنع للأجهزة متواطئاً والاحتمال الثاني أن الأجهزة تم بتديلها أو تبديل بطارياتها خلال عملية شحنها، مشيراً إلى أن تعظيم قدرات العدو من حيث الاختراق السيبراني في غير محلها لأن نظام البايجر ليس من الصعب اختراقه لإرسال رسالة ما اذا كانت الترتيبات التي ذكرتها آنفاً قد حصلت فعلا. ويرى حكيم أن نظام الحماية في الأجهزة القديمة والتي لا تتلقى التحديثات المتعلقة بالأمن السيبراني هو نظام ضعيف وعرضة للاختراق أكثر بكثير من الأجهزة الحديثة التي تتلقى تحديثات الحماية من الاختراق ناصحاً بتحديث الأجهزة وتثبيت تحديثات الحماية كلما أمكن ذلك.

إن ما حصل، بحسب العميد جوني، هو عمل يتجاوز القوانين الدولية وقوانين الحرب فالذين اصيبوا لم يكونوا على جبهات القتال إنما كانوا يمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعي، ومن المدنيين ايضا. ومنهم من يعمل في أجهزة طبية وهؤلاء محميون بموجب القانون الدولي الإنساني.

لا شك أن العملية التي حصلت سيقابلها رد، والأكيد أن رد حزب الله، الحاصل حتماً وفي التوقيت المناسب، سيتحدث عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم غد الخميس مروراً بحيثيات ما حصل لا سيما وأن العدو الاسرائيلي يواصل العمل من خلال ضرباته على تأليب بيئة المقاومة وهز ثقتها بالحزب وقيادته، لكنه فشل.

لكن يبقى السؤال، هل العملية التي حصلت، هي عملية مستقلة نتجت عن خرق أمني جرى استثماره أم أن ما حصل يُعتبر مرحلة تمهيدية في سياق عملية عسكرية واسعة على لبنان سبقها العمل الأمني الكبير، خاصة وأن مجلس الحرب الاسرائيلي اجتمع يوم أمس واتخذ قراراً بتصعيد الأوضاع وشن حرب واسعة على لبنان، مع استبعاد العميد جوني التوغل البري الاسرائيلي الواسع، لأن الجيش الإسرائيلي يعاني نقصاً في العديد ويعاني من الإنهاك، وأن دخوله الى جنوب لبنان يعني دخوله إلى حزب الله، من ناحية قوة حزب الله لجهوزية الأخير في الميدان ومعرفته طبيعة الأرض واستعداد مقاتليه للقتال إلى أقصى الحدود.

إن توغل إسرائيل برياً، وفق جوني، سيعني الانتقال إلى فتح الجبهات واتساع أفق الحرب. ولذلك لا بد من التأكيد أن معادلات الردع لا تزال قائمة وهي التي منعت إسرائيل من توسيع نطاق الحرب. فربما تكون نية إسرائيل التصعيدية من خلال تكثيفها الغارات الجوية وتنويعها الأهداف في العمق اللبناني والقيام بضربات بحرية أيضا وقد تحاول تنفيذ عملية توغل بري في محيط ضيق جداً في القرى الأمامية المدمرة وذلك بهدف الضغط على الحزب والحكومة اللبنانية من أجل الدخول في مسار التفاوض بمعزل عما يجري في غزة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الأول، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يبصر النور، حيث أن منطقة الشمال ستبقى هدفا لصواريخ حزب الله ولن تشهد استقراراً إلا بوقف الاعتداء على غزة وفق ما يؤكد عليه الحزب.

ويمكن القول إن إسرائيل لا تريد الالتزام بقواعد الاشتباك مع تجاوزها للخطوط الحمر أكثر من مرة وعدم حصر قتالها مع المقاومين على الجبهة لكنها في الوقت نفسه تتجنب التوغل البري وتستعيض عنه بضربات تظهر تفوقها الأمني، لكن الأكيد أيضاً أن حزب الله قد يلجأ إلى تنفيذ رد موجع لإسرائيل على كل المستويات ويفاجئها بتفوقه الاستراتيجي.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى