آخر الأخبارأخبار محلية
الحرب الواسعة خلال ساعات أو أيام.. هل حُسِم الأمر فعلاً؟!
كالنار في الهشيم، انتشر خلال الساعات الماضية تصريحٌ مقتطَعٌ من مقابلة تلفزيونية للنائب مروان حمادة يقول فيه إنّ الحرب الشاملة أو الواسعة واقعة خلال أيام، “إن لم يكن ساعات”، ويربط كلامه بمعلومات من جهات دبلوماسيّة غربيّة، على صلة مباشرة بالمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، فضلاً عن التحضيرات الميدانية لدى مختلف الفرقاء، سواء بالنسبة إلى العدو الإسرائيلي، أو حتى على مستوى “حزب الله”.
لم تمرّ تصريحات حمادة من دون “بلبلة”، حيث فجّرت حملة غير مسبوقة ضدّه على منصّات التواصل الاجتماعي، دفعته إلى محاولة توضيحها، عبر القول إنّها جاءت في معرض التحليل الصحافي بالدرجة الأولى، وأنّه بناها على وقائع ميدانية مقلقة خلال الأيام الأخيرة، خصوصًا بعد الغارات المكثّفة على البقاع، فضلاً عن وقائع سياسية تتمثّل بالضبابيّة التي أحاطت بالمفاوضات، خصوصًا بعد مغادرة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المنطقة.
لكن، بعيدًا عن هذه الضجة التي قد تكون “مفتعلة”، فإنّ الأكيد أنّ هذه التصريحات لم تكن “معزولة” في سياقها، إذ تتقاطع مع تحذيرات وتنبيهات تتناقلها العديد من الجهات الدبلوماسية والسياسية، تتّفق على أنّ الحرب الواسعة باتت أقرب من أيّ وقت مضى، وأنّ احتمالات الانزلاق إليها تتقدّم أكثر فأكثر يومًا بعد آخر، فهل قُضي الأمر فعلاً، وهل أصبحت هذه الحرب التي يقال إنّ لا أحد يريدها في المنطقة، تحصيلاً حاصلاً، شاء من شاء وأبى من أبى؟!
تصريحات أخذت “أكثر من حجمها”
في محاولة للتقليل من وقع تصريحاته، أو ربما لاحتواء الحملات المضادة التي تعرّض لها، ووصلت لحدّ تخوينه، قال النائب مروان حمادة إنّ كلامه عن التصعيد الكبير في المنطقة خلال أيام، وربما ساعات، “أخذ أكثر من أبعاده”، ليحصره في إطار “التحليل الصحافي” ليس إلا، وهو ما استغربه كثيرون، لأنّ حمادة كان قد ربطه في تصريحاته بكلام “دبلوماسيين غربيين على صلة مباشرة بالمفاوضات”، وفق ما قال في مقابلته التلفزيونية.
يقول العارفون إنّ حمادة الذي وصفه تصريحه حين أطلقه بـ”الخطير”، وأراد أن ينبّه من خلاله المعنيّين إلى ما يُحاك ربما للبنان والمنطقة، لم يكن يتوقع أن يُقابَل كلامه بالضجة التي لقيها، خصوصًا أنّه لم يكن أول مسؤول يثير موضوع الحرب المباشرة، التي تتباين القراءات بشأنها في المرحلة الأخيرة، بين من يعتبر أنّ إسرائيل تتأهّب لإطلاق صافرة انطلاقتها، ومن يعتبر أنّ شبحها يبتعد، خلافًا لكلّ ما يروَّج، بدليل إحجام إيران عن ردّها المُنتظَر.
وإذا كان العارفون يعتبرون أنّ التصريحات أخذت فعلاً أكثر من حجمها، لا ينكرون أنّ حمادة بناها فعلاً على معطيات على الأرض، باعتبار أنّ الأجواء “الحربية” أصبحت ملموسة بالفعل، ولا سيما بوجود انطباع عام بأنّ المفاوضات لم تتعثّر فحسب، بل سقطت، وأنّ إعلان فشلها قد يكون النقطة الفاصلة في مسار المواجهة، لأنّ ما بعدها لن يكون كما قبلها، وثمّة اعتقاد بأنّه قد يكون “نقطة الصفر” لردّي إيران و”حزب الله”، وبالتالي للحرب الواسعة.
الأمور لم تُحسَم
لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ هذا الانطباع، ولو كان موجودًا، لم يصل بعد لحدّ “اليقين”، ما يعني أنّ الأمور لم تُحسَم بعد، وأنّ خيار “الحرب الواسعة” لا يزال في إطار التكهّنات والإشاعات حتى إثبات العكس، مشيرين إلى انّ السباق بين الحلول الدبلوماسية والعسكرية لا يزال مستعرًا، واحتمالي التسوية والحرب لا يزالان بالتالي متساويَيْن، بعيدًا عن التسابق المحموم على توقّع الحرب، وضرب مواعيد بدايتها، من قبل بعض “المنجّمين”، إن صحّ التعبير.
قد يكون لمنظّري اقتراب الحرب دوافعهم ومبرّراتهم، فالضبابية المحيطة بالمفاوضات، والمقاربة التشاؤمية لها، تصل لحدّ الاعتقاد بأنّ عدم نعيها رسميًا حتى الآن قد يكون الهدف منه تجنّب العواقب التي قد ترقى لمستوى الحرب، وهو ما يعزّزه الانطباع بأنّ استمرار الحرب يعني تصعيد المعارك على الجبهة اللبنانية تحديدًا، بعدما انتهت حرب غزة بالمعنى العسكري المتعارف عليه، وتحوّلت إلى ضربات تكتيكية ومحدّدة، خلافًا لما كانت عليه في الأشهر السابقة.
لكن في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يعتقد أنّ احتمالات التسوية لا تزال أعلى، فعدم نعي المفاوضات يعني في مكانٍ ما تمسّك الوسطاء بضرورة إيجاد حلّ، وفي مقدّمة هؤلاء الولايات المتحدة، ولذلك رمزية خاصة، ولا سيما أنّ “الفيتو الأميركي” الذي منع إسرائيل من الذهاب إلى الحرب الشاملة لم ينتهِ مفعوله بعد، ولا حرب من هذا النوع من دون غطاء واشنطن، علمًا أنّ إسرائيل نفسها قد لا تجد مصلحة في هذه الحرب اليوم، في ظلّ الظروف الموضوعية المعروفة.
ثمّة عبارات أقرب إلى الثوابت تتكرّر منذ اليوم الأول لحرب غزة، منها أنّ أحدًا في المنطقة لا يريد الحرب الشاملة، ومنها أنّ الحرب الإقليمية ليست في مصلحة أيّ طرف في الوقت الحاليّ. في المبدأ، لم يتغيّر شيء على خط هذه “الثوابت”، إلا أنّ كلّ شيء يبقى قابلاً للتغير، فالانزلاق إلى الحرب التي لا يريدها أحد، قد لا يكون مهمّة مستحيلة فعلاً، ليصبح الثابت الوحيد، أنّ إسرائيل التي أطلقت الحرب قبل عشرة أشهر، غير قادرة على إنهائها، وهنا بيت القصيد!
مصدر الخبر
للمزيد Facebook