حزب الله يُطلق فيديو الأنفاق: ما خفي أعظم
وجاء في” الاخبار”: حرصت المقاومة على عرض مدخل النفق، ثم مساره الذي سلكه مقاومون من خلال دراجات نارية سارت لوقت طويل في النفق المُضاء بطريقة احترافية، والذي يرتفع سقفه نحو خمسة أمتار مع عرض يسمح بمرور شاحنة كبيرة. كما توجد في النفق زوايا خاصة لتموضع شاحنات أخرى، كما تظهر في إحدى الزوايا طاولة يُعتقد أنها لإدارة العمليات.
ونقلت قناة «الميادين» معلومات خاصة بها، تفيد بـ«أنّ هذه المنشأة أشرف عليها الشهيد عماد مغنية، وهي عينة من ترسانة القوة الصاروخية، وأن المنشأة مجهّزة بعشرات الآليات للرمي بصواريخ ثقيلة من عيار «220» و «303»، وتتضمّن المنشأة مهاجع لتخزين الصواريخ لتذخير الراجمات بعد الرمية الأولى، ومنظومة تقنية وفنية متكاملة مع منظومة اتصالات تتمتّع بتشفير خاص. كما تضمّ مستشفى ميدانياً وحاجات حياتية تلبّي أفرادها لنحو سنة كاملة».
ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية فيديو منشأة «عماد 4» بـ«التحذير الاستثنائي لحزب الله من داخل الأنفاق»، وأطلق موقع «سروغيم» وصف «سلاح يوم القيامة؟»، مشيراً إلى أنّ حزب الله ينشر لمحة عن منشآته السرية. أما موقع «يديعوت أحرونوت» فرأى أنّ حزب الله نشر فيلم تهديدات جديداً، كشف «متاهة طويلة ومُضاءة وشاحنات مرقّمة، تمرّ الواحدة تلو الأخرى من دون إزعاج».
اضافت” الاخبار”: على المستوى العملياتي، هدف فيديو الإعلام الحربي، إلى إفهام العدو بأن قدرات المقاومة الصاروخية والعسكرية، مُحصَّنة إلى حد أنها تشكّل تحدياً جوهرياً أمام جيش العدو حول كيفية التعامل معها، وتفرض نفسها على مؤسسة القرار في ظل محدودية نتائج أيّ خيار عدواني. ضمن نفس الإطار، يقدّم هذا الفيديو أيضاً معطى ملموساً حول قدرة حزب الله على الجمع بين «البقاء والنيران»، بمعنى أن هذه التحصينات توفّر لحزب الله الحفاظ على قدراته، قبل أو بعد الاستخدام، وفي الوقت نفسه مواصلة النيران في مواجهة التطور الهائل لدى العدو على المستوى التكنولوجي والدقة والتدمير والغزارة من البحر والجو والبر. وبحسب تعبير أحد ضباط الاستخبارات العسكرية (أمان) السابقين، فإن حزب الله أراد إظهار قدرته على «الاستمرارية الوظيفية» في ما يتعلق بقدراته على إطلاق الصواريخ إلى العمق الإسرائيلي، وهو أهم شرط للتأسيس للردع.
من جانب آخر، يأتي هذا الكشف المدروس في مضمونه وتوقيته، ليُحفِّز قادة العدو على إطلاق خيالهم في توقّع ما يخفيه حزب الله من مفاجآت، ولتعزيز الشكوك لديهم بما يفترضون أنهم يعلمونه عن قدرات حزب الله. ولذلك عليهم أن يذهبوا بعيداً في فرضياتهم. وينبع هذا المفهوم من حقيقة أن حزب الله عندما يسمح بنشر هذا الفيديو وما تضمّنه، ينبغي الافتراض أن ما لم يتم كشفه أعظم بكثير، خاصة أنه حريص على التمسك بعقيدة المفاجآت التي تشكّل أحد أهم مداميك عقيدته العسكرية. لذلك يجمع حزب الله في أدائه بين الحفاظ على جوهر هذه المفاجآت، والكشف المدروس الذي يلبّي متطلبات صناعة المستقبل في هذه المعركة الممتدّة من غزة إلى مختلف ساحات محور المقاومة.
على مستوى التوقيت، يأتي هذا الكشف بعدما بلغت التطورات الميدانية والسياسية في فلسطين ولبنان والمنطقة مفترق طرق. وهو ما يفرض على قيادة العدو اتخاذ القرار بشأن خيارات حاسمة تؤسّس من خلالها لمسارات المستقبل. وبدا أن العدو اختار على حذر، الانتقال إلى ارتقاء مدروس ومغامِر في العدوان على لبنان، وظهر ذلك جلياً في العدوان على الضاحية الجنوبية، واغتيال القائد شكر، ثم عمد بعد ساعات إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران. ويبدو أن العدو كان يهدف من خلال عملياته، إلى حشر حزب الله بين خيارات مفصلية، من ضمنها أن يضغط على الحزب من خلال تحذيره بأن ردّه سيؤدي إلى التدحرج نحو مواجهة كبرى، وهي المواجهة التي لا يريدها أيّ من أطراف المواجهة حتى الآن.
وقد راهن العدو على خياره، من خلال محاولة فرض قواعد جديدة في مواجهة حزب الله، ما قد يؤثّر على استمرار جبهة الإسناد، وأيضاً على مستقبل المعادلات الحاكمة للميدان في مواجهة حزب الله. ويمكن الانتباه، إلى أنه من منظور استراتيجي جامع، فإن كيان العدو يحاول أيضاً إعادة إنتاج صورة جديدة له، في وعي حزب الله ومحور المقاومة، خصوصاً أن الصورة تهشّمت في «طوفان الأقصى» والحرب التي تلتها. وهاجس العدو هنا، هو الإيحاء، من موقع الممارسة العملياتية، بأن إسرائيل أصبحت أكثر اندفاعاً ومغامرة واستعداداً للمخاطرة بالحرب، وأكثر استعداداً لتلقّي الردود ودفع الأثمان…
في المقابل، ينبغي قراءة رسائل فيديو «عماد -4»، كجزء من سلسلة خطوات وإجراءات أقدم عليها حزب الله، باعتباره مكمِّلاً لما سبقه، وتمهيداً لما سيليه أيضاً. وإذا ما كان حزب الله، أثبت للعدو وبالملموس عبر فيديوهات «الهدهد» دقة المعلومات المتوفرة لديه حول منشآت العدو الحيوية والاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، فإن قائمة هذه الأهداف تحتاج إلى قدرات خاصة لاستهدافها، وإلى إرادة تفعيل هذه القدرات أياً كانت الأثمان والتداعيات.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook