آخر الأخبارأخبار محلية

الردّ المدروس…فرصة أخيرة للحلول الديبلوماسية الممكنة

أن تتمكّن إسرائيل من قصف المبنى، حيث كان القيادي في “حزب الله” فؤاد شكر موجودًا في الضاحية الجنوبية، وأن تغتال بعد ساعات رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في غرفة نومه في طهران، ليس تفصيلًا عابرًا في مسار الحرب الدائرة منذ 7 تشرين الأول من العام الماضي بين إسرائيل وحركة “حماس” من جهة، وبينها وبين “حزب الله” من جهة ثانية، بل يعيد هذه الحرب إلى بداياتها، ويعيد طرح الأسئلة الكثيرة التي بقيت من دون أجوبة على مدى ما يزيد عن تسعة أشهر من القتل والدمار والخراب، مع ما يمكن أن ينتج عن هاتين العمليتين من تطورات ميدانية ستشارك بها ايران بقوة لأنها تعتبر أن استهداف هنية على أرضها هو استهداف لأمنها وسيادتها وشرفها، على حدّ توصيف الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله”، وهي ستلجأ بالتالي إلى استخدام كل ما تملك من وسائل الردّ المباشر أو عبر تفعيل تحريك أذرعها في المنطقة سواء بواسطة الحوثيين عن طريق تضييق الخناق على الحركة الملاحية في البحر الأحمر وإطلاق مسيراتها في اتجاه الجنوب الإسرائيلي، فضلًا عن تهديد الوجود الأميركي في العراق وسوريا. ولكن الردّ الموجع سيكون على محوري حركة “حماس” و”حزب الله” بما يوازي عملية “طوفان الأقصى” إن لم يكن أشدّ وقعًا.

Advertisement










فاستهداف الضاحية الجنوبية، وبالتحديد منطقة حارة حريك بما ترمز إليه في وجدان المقاومة، كما استهداف هنية في طهران، قد أسقطا ما دُرج على تسميته بـ “الخطوط الحمر” لـ قواعد الاشتباك”. فردّ “حزب الله” حتمي وسيكون موجعًا وبحجم استهداف كل من شكر وهنية إن لم يكن أكثر. ولكن هل ستقف الأمور عن حدود هذا الردّ الحتمي والموجع أم أنه سيستدرج تل أبيب إلى ردّ على الردّ، وهل ستؤول التطورات الميدانية إلى ما هو أوسع من حرب مناوشات بين اسرائيل و”حزب الله”، وهل ستنجح تل أبيب في اخراج “حارة حريك بجهازيها السياسي والعسكري عن طوعهما وجرّها إلى حرب لا تزال تردّد بأنها لا تريدها ولا تسعى إليها، ولكن إن فُرضت عليها فهي على أتمّ الاستعداد لها بكل ما أوتيت من قوة ومما لديها من فائض من هذه القوة؟
المؤشرات الميدانية توحي بالنسبة إلى البعض بأن بوصلة التطورات العسكرية تميل إلى ما هو أسوأ في التقديرات والتحليلات الموضعية والموضوعية، خصوصًا أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو العائد من واشنطن لا يبدو في وارد دفع الأمور نحو التهدئة. فاستغلاله لمجزرة مجدل شمس بتوجيه ضربتين مزدوجتين في المكانين الأكثر حساسية في المعادلات الاستراتيجية يعني أنه “ينوي على الشر”. فضرب حارة حريك واستهداف قيادي بمستوى الحاج فؤاد شكر كما استهداف إسماعيل هنية في طهران بالذات لا يمكن تفسيرهما إلا من زاوية أن نتنياهو وحكومته العسكرية يحاولان استفزاز طهران و”حزب الله” إلى أقصى درجات الاستفزاز، خصوصًا أن هاتين الضربتين جاءتا بعد خطابه الناري في الكونغرس الأميركي حيث باع الأميركيين من كيسهم حين توجّه إليهم بالقول بأن إسرائيل تحارب إيران وحلفاءها نيابة عنهم.
فهل سيكون رد طهران هذه المرّة كردّها يوم استُهدفت قنصليتها في دمشق، أم أن التهديد الذي طالها هذه المرّة في عقر دارها مختلف بالشكل والمضمون، باعتبار أن إسرائيل أرادت أن توجّه رسالة مزدوجة المضامين من خلال استهدافها طهران وحارة حريك في الوقت ذاته إلى كل من القيادتين السياسية والعسكرية في إيران بأن يد تل أبيب طويلة، وهي قادرة على أن تصل إلى أي مسؤول حزبي أينما كان. وهذا يعني بالمؤشرات السياسية أن الردّ الإيراني، سواء أكان بالمباشر أم بالواسطة، سيكون قاسيًا ورادعًا للغطرسة الإسرائيلية، وذلك من أجل وضع حدّ لتمادي تل أبيب في استباحة المحرمات.
أمّا البعض الآخر فرأى في كلام السيد نصرالله عكس ما يُروج له، وقد بدا حريصًا على انتقاء كلماته المدروسة كما سيكون عليه الرد العسكري. وهذا يعني أن إيران، التي لا بدّ من أن ردّها سيكون مدويًا، لم تعطِ بعد إشارة التصعيد الشامل، وهي لا تزال على موقفها المنضبط، من دون أن تسمح للبعض من الغمز من قناة إمكانية خرق جديد لسيادتها.
ولأن الوضع أكثر من خطير مع ما يتهدّد الاستقرار العام في المنطقة بالاهتزاز نشطت الديبلوماسية الأممية في كل اتجاه في محاولة لتبريد الميدان والحؤول دون تفلّت الوضع إلى مكان لا يعود في الإمكان ضبطه أو السيطرة على ايقاعه. وتأتي الزيارة التي قام بها للبنان كل من وزيري الخارجية والدفاع البريطانيين في هذا السياق، مع ما لهذه الزيارة من معانٍ ديبلوماسية وعسكرية في آن.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى