آخر الأخبارأخبار محلية

اقتراحا المعارضة لانتخاب الرئيس.. فتش عن المبادرة؟!

تحت عنوان “خارطة طريق للاستحقاق الرئاسي”، أطلق نواب قوى المعارضة ما وُصِفت في بعض الأوساط بـ”المبادرة الرئاسية”، التي انضمّت إلى باقة واسعة من المبادرات الداخلية والخارجية التي تناوب الجميع تقريبًا على تقديمها منذ اليوم الأول للفراغ الرئاسي، لكنّ ما ميّز “مبادرة المعارضة” عنها، أنها تنطلق من “اقتراحَيْن” منفصلين متصلين، يمكن اختيار أحدهما من أجل “تذليل العقبات أمام هذا الاستحقاق الدستوري”، وفقًا لبيانهم.

Advertisement










 
يقوم الاقتراحان اللذان تقدّم بهما نواب المعارضة على فكرة التشاور، كسائر المبادرات، لكنّهما يختلفان عنها بشكل هذا التشاور، الذي يحدّده الاقتراح الأول بـ”48 ساعة في المجلس النيابي”، لكن “دون دعوة رسمية أو مأسسة أو إطار محدّد”، فيما يعتبره الثاني جزءًا من جلسة الانتخاب، لكن بعد الدورة الأولى، بحيث “يقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على أن يعودوا بعدها إلى القاعة العامة للاقتراع”.
 
ويتقاطع الاقتراحان على العديد من النقاط، التي توصَف بـ”الإشكاليّة”، كالحديث عن “جلسة مفتوحة بدورات متتالية”، والتركيز على “عدم إقفال محضر الجلسة”، فضلاً عن التزام جميع الأفرقاء “بحضور الدورات وتأمين النصاب”، وهو ما يطرح السؤال عن “الخرق” الذي يمكن أن يؤسّس له اقتراحا المعارضة المستجدّان، فهل يندرجان فعلاً في خانة “المبادرة الرئاسية” بأتمّ معنى الكلمة؟ وكيف يمكن أن يتلقّفها الفريق الآخر؟
 
“الكرة في ملعب الثنائي”
 
بمعزل عن ردود الفعل المتفاوتة التي لاقاها الطرح الذي قدّمه نواب المعارضة، يدافع المؤيدون لوجهة نظر هؤلاء عنه باعتبار أنّه يشكّل “دليلاً ملموسًا” على أنّ المعارضة ليست من يعطّل الاستحقاق الرئاسي، بل أنّها من يسعى لتسهيله عمليًا، بدليل أنّ “خريطة الطريق” التي قدّمتها يمكن أن تفضي إلى انتخاب رئيس الجمهورية، إذا ما تلقّفها الطرف الآخر إيجابًا، ولا سيما أنّها تنصّ عمليًا على مبدأ “التشاور”، ولكن “تحت سقف الدستور”، على حدّ وصفهم.
 
يقول المحسوبون على المعارضة إنّ المبدأ الأساسي الذي انطلقوا منها في رسم المبادرتين، باقتراحيْها المنفصليْن، هو الالتزام بالدستور أولاً وأخيرًا، من دون التأسيس لأيّ بِدَع أو أعراف جديدة، تتنافى مع الطابع الديمقراطي المفترض للانتخابات الرئاسية، ولذلك فإنّهم أرادوا التشاور “جزءًا لا يتجزأ” من العملية الانتخابية، وليس مسارًا مستقلاً عنها، وسابقًا لها، برئيس ومرؤوسين، ولذلك أيضًا أصرّوا على أن يكون التشاور في مجلس النواب حصرًا.
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يقول المحسوبون على المعارضة إنّ “الكرة أصبحت في ملعب الثنائي الشيعي” بموجب المبادرة التي أطلقوها، والتي يمكن أن تشكّل “هجمة مرتدّة” على كلّ الحملات التي يقوم بها الأخير ضدّ المعارضة في محاولة لشيطنتها، والقول إنّها برفضها الحوار والتشاور من تسعى لإطالة أمد الفراغ، وبالتالي أصبح على “الثنائي” اليوم أن يقرّر ما إذا كان سيقبل بالتشاور وفقًا للدستور، أم سيتمسّك بالشكليّات، لأنه بكل بساطة لا يريد الانتخابات.
 
“نكتة ثقيلة”
 
ما يقوله المحسوبون على المعارضة لا يجد صداه لدى المعسكر الآخر، الذي يعتبر وصف الطرح الذي تقدّمت به المعارضة بالمبادرة، بعد الكثير من التشويق، “نكتة ثقيلة”، وربما “سمجة”، وكأنّ الأخيرة أرادت القول “أنا هنا”، في محاولة لتبرئة “ذمّتها” ليس إلا، أو من باب “رفع العتب” ربما، علمًا أنّ ما سُمّيت مبادرة تأتي لتعمّق الشرخ والانقسام، ولا سيما أنّ القيّمين عليها “تعمّدوا” تضمينها كلّ النقاط “الخلافية”، لغايةٍ في نفس يعقوب.
 
في هذا السياق، يتوقف هؤلاء عند الطابع “الاستفزازي” في صياغة المبادرة، بدءًا من مقدّمتها، التي لا توحي برغبةٍ بالتلاقي والتفاهم، وصولاً إلى نصّ الاقتراحين، حتى بالحديث عن نقطة التشاور، الذي كان يفترض أن يشكّل “تنازلاً” من المعارضة، فإذا به يتحوّل إلى محاولة تحقيق “انتصار”، عبر اشتراط أن يكون “بلا دعوة رسمية أو إطار محدّد”، وهو ما سبق أن رفضته أوساط رئيس مجلس النواب، متسائلة عن شكل الحوار “بلا رئيس ومرؤوسين”.
 
أما “النقطة الإشكالية” الأهمّ، فتكمن في تمسّك نواب المعارضة بفكرة “الجلسة المفتوحة بدورات متتالية”، لا “الجلسات المتتالية”، بل تشديدهم على “عدم إقفال المحضر”، وهو ما يدركون سلفًا أنه مرفوض من الرئيس بري، الذي قال في أكثر من مناسبة إنّ ذلك يقفل الباب على التشريع في حال عدم إنجاز الاستحقاق، علمًا أنّ هناك من يذكّر المعارضة بأنّها سبق أن شرّعت لنفسها حضور جلسة “تشريع ضرورة”، فكيف تريد اليوم إقفال باب التشريع بالمُطلَق.
 
إزاء ما تقدّم، يبدو واضحًا أنّ اقتراحي المعارضة، اللذين لا يرتقيان برأي كثيرين لوصف “مبادرة”، لكونهما لا ينصّان أساسًا على أيّ “تنازلات متبادلة”، لن يُحدِثا أيّ “خرق” في المعادلة السياسية. ثمّة من لا يرى في الاقتراحين أصلاً أكثر من “رفع عتب”، أو “إثبات وجود”، ليبقى الثابت الفراغ الرئاسي الذي لا يبدو أن ظروف إنهائه قد نضجت، ولو أنّ الأزمة تتفاقم يومًا بعد يوم، وعلى أعتاب الترتيبات الجديدة في المنطقة!   


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى