ازمة التيار الداخلية.. خلاف على الهوية
لكن تغريدة كنعان واستقالتها تكشف عن نوع جديد من الخلافات داخل “التيار” ولعلها أخطر من الخلافات ذات الطابع التنظيمي والحزبي او حتى المصلحي، فجزء كبير ممن استقالوا من التيار في وقت سابق كانت استقالتهم نابعة من خلافهم الكبير مع باسيل واسلوبه في التعاطي داخل التنظيم او حتى بسبب اعتراضهم على الوراثة السياسية التي يمثلها الرجل، لكن هذه المرة يأخذ الخلاف طابعا لم يكن يصل عادة إلى حد الإستقالة، اذ ان الخطاب السياسي هو الذي ادى الى استقالة كنعان في ظل تباينات كبرى تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي بين العونيين حول مواقفهم ورأيهم السياسي في القضايا الداخلية والاستراتيجية.
ادخل باسيل “التيار” في دوامة ادت إلى ضياع القاعدة الشعبية، ففي لحظة التوافق الكامل مع “حزب الله” ولأسباب رئاسية قررت قيادة “التيار” الإتفاق مع “القوات اللبنانية” وتيار “المستقبل” بعد سنوات من الخلاف معهم، وهذا ما ادى الى جعل القاعدة الشعبية تتراجع بشكل تدريجي عن كل خطابها السياسي السابق، حتى ان البعض تناسى “الإبراء المستحيل”، ليعود الخلاف بسرعة مع معراب وبيت الوسط ويعيد العونيون خطابهم إلى ما كان عليه في السابق، وهذا ما ترافق مع تبدلات سريعة بالمواقف من “حزب الله” وهجوم عنيف على حركة “أمل”.
اختلف باسيل مع “حزب الله” وبدّل خطابه السياسي منه، وهذا ما توج بالموقف من المعركة التي يخوضها الحزب اليوم في جنوب لبنان، اذ ان الموقف الذي رفعه مراراً نائب رئيس “التيار” ناجي حايك بات الخطاب الرسمي، وهذا ما ازعج شريحة واسعة من العونيين القياديين والمناصرين الذين يفضلون التحالف مع الحزب ويحملون فكراً علمانياً كانوا يظنون انه يتطابق مع الفكر العوني الذي سوق له عون نفسه، لذا بدأت الخلافات الكبرى تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي بين المؤيدين والمناصرين والحزبيين، الذين اختلفوا علناً على موقفهم من “حزب الله” ومن الحرب الحاصلة ومن الخلافات الحزبية الداخلية وغيرها من القضايا.
بات واضحاً أن “التيار” يعاني من ازمة هوية، اذ لم يعد يملك خطاباً سياسياً متماسكاً بل على العكس، اصبحت كل مجموعة لديها رأيها الخاص، حتى بما يمكن تسميته، “الثوابت”، وعليه فإن الضياع الحاصل في المواقف السياسية يبدأ من القيادة ويصل الى اسفل الهرم الحزبي، واذا كانت الازمة التنظيمية يمكن حلها بالحوار وبالوصول الى نقاط مشتركة فإن الخلاف على التوجهات السياسية لا يمكن ان يحلّ الا بتبني خطاب هذا الفريق او ذاك، وعليه سيكون “التيار” في المرحلة المقبلة امام تحد اساسي يجب على باسيل حله بنفسه وبشكل علني والا سيؤدي الى تضرر الواقع الحزبي بشكل كبير.
الاهم من كل ما تقدم هو ان الخلاف التنظيمي بين بعض النواب وباسيل اتخذ طابعاً يتعلق ب” الهوية الحزبية”،بحيث اصبح النواب والقياديون المعارضون داخل التيار، يتبنون خطابا سياسيا مغايراً للخطاب العوني للحالي، وعندها سيصبح الخلاف نتظيميا وسياسيا في آن واحد الامر الذي سيعطيه شرعية مضاعفة ويجعله اكثر خطورة على اصل بقاء “التيار” بشكله الحالي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook