آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – المرتضى في مؤتمر “الفن والتكنولوجيا” : لا يسوغ لإنسانٍ إلا وأن ينحاز إلى جراح المتألمين وأرواح الشهداء وعويل الأمهات ونحيب الحجارة والبيوت

وطنية – افتتح  وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى، فعاليات مؤتمر “الفن والتكنولوجيا “، في حضور راعي المؤتمر الرئيس العام للرهبنة الانطونية الآباتي جوزف بو رعد ورئيس المعهد الفني الانطوني الاب شربل بو عبود في لقاء عقد في مركز الرئاسة العامة للرهبانية الانطونية-دير مار روكز ضم حشد من  الفاعليات والشخصيات الثقافية والفنية  والمعنية بالفن التشكيلي لاسيما وان ورش العمل التي سيتناولها المؤتمر تربط بين الفن الكلاسيكي والذكاء الاصطناعي والثقافة اللبنانية، من تنظيم المعهد  الفني الانطوني بالتعاون مع وزارة الثقافة ومؤسسة Moses Art.
بداية النشيد الوطني ،ثم كلمة  ترحيبية من النقيب جان قسيس كما  قدم قراءة في رسالة البابا حول الذكاء الاصطناعي.

المرتضى

وكان للوزير المرتضى كلمة من وحي المناسبة جاء فيها :

“​بادئ ذي بدء، أتقدم بخالص التبريكات وصادق التمنيات إلى صاحب السيادة المطران ميشال الجلخ وإلى الرهبنة الأنطونية وأبناء الكنيسة المارونية واللبنانين أجمعين، بمناسبة سيامة سيادته رئيسا لأساقفة نصيبين شرفا للموارنة. وإذ أدعو له بالتوفيق في رسالته الأسقفية، أضرع إلى الله الواحد الأحد، أن يجعل منه في مسيرته وجهاده المقبلين ساعي خير في سبيل تعزيز وحدة اللبنانيين، مثلما عمل على تعزيز وحدة المسيحيين يوم كان مستشار قداسة البابا فرنسيس الأول لهذه المهمة.  

​وبعد،​”الفن والذكاء الاصطناعي والثقافة”، عنوان هذا المؤتمر الذي كنا أعلنا عنه مع الأب شربل بو عبود منذ أسبوع ونيف في المكتبة الوطنية ببيروت، يحمل أبعادا جليلة المعاني كثيرة المرامي، يتعلق أهمها بسطوة الحداثة على مقتضيات الأصالة، وكيفية التوفيق بينهما، تأسيسا لمستقبل ثقافي إنساني زاخر وزاهر، متجذر في يومه وأمسه. وكنت أشرت يومذاك إلى أن القاسم المشترك الأساسي الذي يجمع هذه المحاور الثلاثة: الفن، والذكاء الاصطناعي، والثقافة، هو الإنسان الذي لأجله كان كل شيء في هذا الوجود، بل لأجله كان الوجود نفسه. وهنا أتذكر الفيلسوف الألماني فريديريك نيتشه القائل: “للأرض جلد… له أمراضه… ومنها الإنسان”، لأضيف إلى هذه العبارة ثلاث كلمات أخرى هي: “وطبيبها أيضا الإنسان”. فإنه لنفسه وللأرض الداء والعلاج، المريض والطبيب في آن واحد، وذلك بمقدار ما تكون القيم مرتكزه للتمييز بين الخير والشر. وللإيضاح أكثر، أستعين على هذه الفكرة بقواعد اللغة العربية فأقول: “إن الإنسان في هذه الأرض هو الفعل والفاعل والمفاعيل جميعها، بل الجمل كلها… بل الأبجدية من ألف إلى ياء”. والحداثة العلمية التي لا ترتهن إمكانياتها لأجل رفاهية الإنسان ونمو ملكاته القيمية والإبداعية، تكون داء عضالا قد يتكاثر على وجه غير طبيعي في جسد الحياة حتى يصير مدمرا لخلايا العمران البشري”.

​ويعرف الجميع راهنا أن التحدي الأكبر يتمثل في التطور التقني المذهل في سرعته، والذي بات الذكاء الاصطناعي سمته الثقافية الأولى. ذلك أن مراحل التطور الحضاري التي شهدها العالم فيما سبق، كانت كلها تهدف إلى البحث عن سبل الاستفادة القصوى من موارد الطبيعة وتقدم العلوم وازدهارها، من أجل تيسير حياة الإنسان وتنمية مقدراته في هذه الحياة. مثال ذلك الثورة الصناعية الغربية وما أنتجت من آثار، سواء منها السلبية التي أصابت البيئة، والإيجابية التي طورت حياة الإنسان وحدثت مستلزماتها المادية منها والمعنوية، في العلوم والفنون والآداب والفلسفات وسائر ميادين المعرفة. أما الذكاء الاصطناعي الذي تسعى إليه الحضارة المعاصرة فيهدف، في بعض وجوهه المتطرفة، إلى الاستفادة من الطاقات المعرفية التي أفضت إليها العلوم الحديثة، ولكن بقصد الاستغناء عن الإنسان نفسه؛ وهذا هو الخطر الأكبر. من هنا تأتي أهمية هذا المؤتمر، بما هو سعي إلى البحث في كيفية وضع التكنولوجيا الحديثة في خدمة الفن والثقافة، أي في خدمة وجود الإنسان لا إلغائه. وهذا لن يتم بالصورة الفضلى حتى تسود تماما منظومة القيم التي تشكل البعد الأصيل في تكوين النفس البشرية.
​وأعترف أمامكم بأن ما حملني على تناول هذه القضية في خطابي إليكم اليوم أمران: السياسة التي اعتمدتها منذ تسلمي وزارة الثقافة، والتي تعكس إيماني بأن هدف الثقافة هو بث الوعي في المجتمع، عبر وسائط الإبداع الملتزم بقواعد الحرية، والعامل في الوقت نفسه على توطيد القيم الوطنية والإنسانية العليا. وأما الأمر الثاني فالعظة التي ألقاها أمس الأول صاحب السيادة المطران ميشال الجلخ، وركز فيها على قضية الإنسان المتألم في أي بقعة من الأرض، ومهما كان عرقه أو دينه. ولقد ذكر على الأخص شعوبنا التي تتعرض لأبشع الجرائم في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين، وتحديدا في غزة التي باتت اليوم المعيار الخلقي الأسمى الذي يفرق بين الإنسانية والهمجية. هناك حيث تسخر كل الإمكانيات العسكرية المتطورة من أجل القتل والتدمير وإزالة معالم الحياة في بقعة من الأرض، سيبقى أبناؤها متشبثين بحقهم في الحياة حتى الموت في سبيل أن تحيا أجيالهم المقبلة، بكامل كرامتها وسيادتها، وأن تعود إليهم بلادهم عن بكرة فلسطينها. إنها فعلا معركة الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، فلا يسوغ لمؤمن، ولا حتى لإنسان في عرقه نبض حياء، إلا وأن ينحاز إلى جراح المتألمين، وأرواح الشهداء، وعويل الأمهات، ونحيب الحجارة والبيوت”.

وختم :”​  نعم يا سادتي الإنسان هو الغاية والمنطلق، المبتدأ والخبر، هكذا علمتنا الأديان، وهكذا قال بالأمس المطران الأنطوني رئيس أساقفة نصيبين ميشال الجلخ.أتمنى لمؤتمركم التوفيق في موضوعاته كافة”.

الاب بو رعد

كما كانت كلمة لراعي المؤتمر الآباتي جوزف  بو رعد ، وقال:”يسعدني أن ألبي دعوة إدارة المعهد الفني الأنطوني، لأكون راعيا لمؤتمر الفن والتكنولوجيا الذي ينعقد حفل افتتاحه في رحاب دير مار روكز – مركز الرئاسة العامة لرهبانيتي الأنطونية، والذي يستكمل جلساته في رحاب المعهد – مركز مار روحانا.
ومع التعبير عن فرحي بأن نكون معا، ومع إشادتي برسالة المعهد وإنجازاته الفنية واختصاصاته المتنوعة والمميزة، لا يسعني إلا أن أعرب عن محبتي وتقديري لمديره أخي الأب شربل بو عبود على ما يقوم به مع أسرة المعهد وإدارته لكي يعزز في هذا الزمن الصعب، “الرجاء الذي لا يخيب صاحبه” والرفاه الإنساني وعشق الفن وجمال الابتكار”.

أضاف :”ويأتي هذا المؤتمر، الأول من نوعه عندنا تجسيدا لرسالة المعهد الفني الأنطوني، والتزاما بمواكبة التطور الفني والتكنولوجي والفكري وفقا لما تدعو إليه الكنيسة، وبالتالي الرهبانية التي أسست هذا المعهد لكي يرتقي برواده وطلابه الى ثقافة فنية وتكنولوجية تعزز الكرامة الإنسانية وتحد من المخاطر التي يتعرض لها عالمنا اليوم، بسبب سوء استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وبسبب كثرة الإشاعات وتشويه الحقائق.
وكم هو رائع أن تسند التكنولوجيا الفن، وأن يسند الفن التكنولوجيا!
ومع سعينا ليتكامل الواحد مع الآخر نسهم بتحقيق الإبداع، كما يريده الله، المبدع الأول، لكي تزهر أعمال الإنسان ومقدراته وكأنها صوت صارخ ينادي بالحرية المسؤولة، وبوجوب الاهتمام بقضايا الإنسان العادلة وبمقاومة كل تشويه للحقيقة وكل تعد على الخير العام وعلى الكرامة البشرية”.
وتابع :”إن عالمنا اليوم بحاجة  الى التكنولوجيا التي تزيد الإنسان أنسنة، وبحاجة الى الفن لكي يرتقي هذا الإنسان في سلم الكمال ويتطلع دوما إلى كل ما هو سام ومجرد عن الأنانيات.
فما أجمل الصورة التي يرسمها لنا عن الحياة، في حال صفت النوايا، تشابك الفن والتكنولوجيا ليقدما للعالم دعوة الى التناغم مع كل المخلوقات، وبخاصة مع الإنسان!
 نعم، نحن بحاجة اليوم إلى ثقافة تبعدنا عن السطحية في مقاربة الأمور، وتعمق نظرتنا الى التكنولوجيا والفن، لأن هكذا ثقافة، “تعرفنا، كما ورد في سفر الأمثال، الحكمة وحسن الرأي وتبين لنا الكلام المبني، وتعلمنا مشورة العقلاء والحق والعدل والاستقامة وتعطي الفتيان تعقلا والشباب معرفة وتدبيرا” (ا/ 1 – 4)”.
واستطرد :”يقول البابا فرنسيس في رسالته ليوم السلام العالمي لسنة 2024: “إن لتطوير تكنولوجيا تحترم وتخدم الكرامة البشرية أثارا واضحة على المؤسسات التربوية وعالم الثقافة”، ولأننا نؤمن بذلك، ولأن التكنولوجيا والفن عامودان أساسيان لخدمة هذا العالم، كان هذا المؤتمر”.
وتمنى للمؤتمر النجاح” وأقدر مجددا المبادرة الشجاعة التي قامت بها إدارة المعهد الفني الأنطوني، وأحيي جميع المشاركين في حفل الافتتاح، وفي الجلسات التابعة”.

الاب بو عبود

بدوره قال رئيس المعهد الفني الانطوني الاب شربل بو عبود :” من على هذا المنبر بالذات، ومنذ تسعة عشر عاما، أعلنت الرهبانية الأنطونية المارونية تأسيس المعهد الفني الأنطوني، تحت كنفها وبتوأمة مع منطقة رافينا الإيطالية، ومن على هذا المنبر إنطلق المؤتمر الأول الذي نظمه المعهد الفني الأنطوني حول الفن البيزنطي والجمالية البيزنطية برعاية وحضور سيادة المطران جورج خضر أطال الله بعمره… وبين المنبر والأيام العابرة والسنين الطوال، تاريخ معهد عريق هو مفخرة للرهبانية وللوطن، إنه المعهد الفني الأنطوني الدكوانة.
كم يصعب على المرء أن يختزل الأيام ويدون هذه الصفحات المشرقة من معهدنا بالرغم من قساوة الأيام والأحداث التي مر ويمر بها وطننا لبنان، وإنه لشرف لي اليوم ومن على هذا المنبر بالذات أن أطلق المؤتمر السادس الذي ينظمه المعهد حول الفن والتكنولوجيا بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية المشكورة بشخص معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى وشركة Moses art بشخص رئيسها السيد إلياس هليط وذلك برعاية وحضور قدس أبينا العام الأباتي جوزف بو رعد راعي هذا المؤتمر”.

أضاف :”قدس الرئيس العام،لقد واكبنا مسيرة التقدم والازدهار والتطور في المعهد منذ انطلاقته، وقد توسع ليشمل عشرة إختصاصات جديدة تحاكي تطلعات المجتمع وقد وقعنا في السنة الأخيرة ثلاث إتفاقيات تعاون كان آخرها مع وزارة العمل حول التدريب المهني المعجل، كل هذا زاد في تقدم المعهد وازدهاره ليكون على مستوى التحديات وأن يكون منارة للعلم والثقافة والفن والجمال، وهذا كله ما كان ليكون بدون رعاية أمي الرهبانية ومن تعاقب على رئاستها إيمانا منهم بأن هذا المعهد هو ركن أساسي من مؤسساتها التعليمية والثقافية”.

هليط
وقدم مؤسس Moses Art إلياس هليط مداخلة فصل فيها برنامج ورش العمل، وقال:”أرحب بكم دون استثناء في دير مار روكز مقر الرئاسة العامة للرهبانية الأنطونية الذي فتح لنا أبوابه رئيسها العام الأباتي جوزف بو رعد راعي هذا المؤتمر، فنشكره على دعمه للفن وللمبادرات التي تمكن الفنانين في ظل التطور التكنولوجي”.

أضاق :”نجتمع معكم اليوم، لافتتاح مؤتمر الفن والتكنولوجيا في أسبوع من المحاضرات ومن ورش العمل التي تربط الفن الكلاسيكي والذكاء الاصطناعي مع التركيز على الصحة النفسية وعلى الصحة الجسدية للفنانين، وريادة الأعمال في الفن في ظل الثقافة اللبنانية، على أن تكون باقي أيام المؤتمر في المعهد الفني الأنطوني من 11 حزيران لغاية 14 منه، وذلك باستضافة مديرها الأب شربل بو عبود الذي نكلل نجاحات مؤسستنا موزيس آرت معه للعام الثاني على التوالي مؤمنين سويا أن الإبداع لا يأتي من العزلة، بل ينمو من خلال التضامن والتبادل الفكري، فأثمر عملنا وأثمر هدفنا، ونواصل المضي قدما باعتزاز وبروح الاتحاد لتقديم خدمات مجتمعية ذات تأثير من خلال مبادرات إبداعية باستخدام الفن كأداة لدعم الإرث والمجتمع والثقافة وحمايتها”.

واردف :”الإبداع هو القوة التي تحرك العالم إلى الأمام، والتفكير الإبداعي هو الأداة التي تمكننا من استخدام هذه القوة بأفضل طريقة ممكنة. والمبدعون هم الذين يتمتعون بالقدرة على رؤية الأشياء بطريقة جديدة وبفهمها بعمق، ويبتكرون الحلول لمواجهة التحديات، وهم كذلك يملكون قوة فريدة  على تحويل الأفكار إلى واقع والتعبير عن أنفسهم وإثراء عالمنا بالجمال وبالفن”.

أضاف :”الفنان اليوم يجد نفسه على مفترق الطرق بين الفن والتكنولوجيا، فمن هنا يأتي هدف المؤتمر ليزيل العقبات ويرافق الفنانين على كافة الأصعدة لتمكينهم وتعزيز قدراتهم يهدف مؤتمرنا إلى التعمق في هذه التحديات والفرص، وتعزيز الحوار والتعاون بين الفنانين وخبراء التكنولوجيا وأساتذة في مجالات مختلفة كالصحة النفسية، وإدارة الأعمال وصنع المحتوى والتسويق، وذلك من خلال المحاضرات، والمناقشات الجماعية، وورش العمل، وجلسات التواصل، فنحن نسعى إلى تزويد المشاركين بالمعرفة وبالمهارات وبالتحليلات اللازمة للنجاح في هذه البيئة المتطورة باستمرار”.

 وتخلل المؤتمر عرض فيلم وثائقي عن نشاط المعهد الفني الانطوني  وورش العمل التي ينظمها من اجل الحفاظ على الموروث الثقافي والتراثي خاصة اللبناني منه .
 

                                            =============


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى