آخر الأخبارأخبار محلية

خطورة الهجوم على السفارة الأميركية.. مَنْ يريد العبث بالاستقرار؟!

في غمرة الانشغال الداخلي بالتصعيد الميداني غير المسبوق على خطّ الجبهة المفتوحة مع الجيش الإسرائيلي في الجنوب، وعلى وقع التهديدات المتصاعدة لقادة العدو، والتي دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصيًا على خطّها، عندما توعّد بـ”عملية مكثفة جدًا” ضدّ “حزب الله”، جاء الهجوم المسلح الذي استهدف محيط السفارة الأميركية في عوكر صباح الأربعاء، ليخطف صدارة الاهتمام على كلّ الاهتمام.

Advertisement










 
فعلى الرغم من أنّ الأضرار المباشرة للهجوم بقيت محدودة، ولا سيما أنّ الأجهزة الأمنية نجحت في تطويقه سريعًا، وسط حالة واضحة من الاستنفار الأمني، إلا أنّ الأضرار غير المباشرة بدت كبيرة، ولا سيما أنّ الحادث جاء “صادمًا” للمتابعين، في الشكل قبل المضمون، وفي التوقيت قبل الأبعاد، علمًا أنّ القاصي والداني يدرك صعوبة الوصول إلى مقرّ السفارة الأميركية، وبالتالي تخطّي كلّ الحواجز والإجراءات، في منطقة يدرك الجميع حساسيّتها الأمنية.
 
لكلّ هذه الاعتبارات، عُدّ الهجوم على السفارة الأميركية خطيرًا، وإن كان قد سبقه حادث آخر قبل أشهر عُدّ “فرديًا”، وفتح الباب أمام الكثير من علامات الاستفهام، فأيّ رسالة خلف استهداف السفارة الأميركية، وفي هذا التوقيت تحديدًا؟ وهل من يسعى لزعزعة الأمن والعبث بالاستقرار في البلاد، في ظلّ ما يجري أصلاً في الجنوب؟ وما حقيقة الحديث عن ارتباط المتورطين بتنظيم “داعش”؟ هل استيقظت “الخلايا النائمة” التي يحذّر الكثيرون منها؟
 
“رسائل متضاربة”
 
في قراءة الحادث، الذي يتفق الجميع على “خطورته”، تتفاوت “الرسائل والأبعاد الأمنية” التي يمكن أن تفسّر ما جرى في محيط السفارة الأميركية، حيث يضعه البعض في خانة “التسخين” الحاصل في المنطقة عمومًا، وفي لبنان من ضمنها، ولا سيما أنّ الحادثة تزامنت مع أعنف جولات التصعيد على الجبهة الجنوبية، وكأنّ هناك من يريد “الاستفادة” من أجواء التوتّر القائم، لتعميمه إلى سائر الساحات والجبهات، إن جاز التعبير.
 
في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يربط الهجوم بالأوضاع في المنطقة، عبر مقاربته باعتبار أنه يحمل بين طيّاته “رسالة” يريد البعض إيصالها إلى الولايات المتحدة تحديدًا من خلال سفارتها في بيروت، وهي “رسالة” تتقاطع مع الاحتجاجات التي تشهدها المدن والجامعات الأميركية، رفضًا لما يعتبره الناشطون “غطاء أميركيًا” لجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، من دون حسب أو رقيب.
 
وبين هذا الرأي وذاك، ثمّة من يقرأ الحادث بوصفه “عبثًا بالاستقرار الداخلي” في المقام الأول، خصوصًا إذا ما صحّ الحديث عن وقوف تنظيم “داعش” خلف الهجوم، استنادًا إلى الروايات التي أشارت إلى “رموز” مرتبطة بالتنظيم مع منفذ الهجوم، وهو إن دلّ على شيء، فعلى وجود خلايا مرتبطة بالتنظيم في الداخل، أراد البعض أن “تستيقظ” في هذا التوقيت تحديدًا، وهو ما يفترض أن يقرع “جرس الإنذار” على أكثر من مستوى.
 
“خرق أمني”
 
في مطلق الأحوال، وكيفما كانت التفسيرات للهجوم على السفارة، وبمعزل عن الاختلاف في قراءة التوقيت والأبعاد، وربما الخلفيات، يتّفق العارفون على أنّ ما جرى يُعَدّ في مكان ما “خرقًا أمنيًا”، وبالتالي فهو يتطلّب درجة أعلى من الجهوزية والاستنفار الأمني، للتعامل مع “حساسيّة” المرحلة الحالية، ولو أنّ الأجهزة الأمنية نجحت إلى حدّ بعيد في تجاوز “الامتحان الصعب”، كما حافظت على حد أدنى من الاستقرار الأمني رغم الظروف الصعبة.
 
لكن، حتى لو صحّت نظرية “الخرق الأمني”، وهي واردة في كلّ دول العالم، بما فيها تلك التي تنعم باستقرار سياسي وأمني كامل، يؤكد العارفون أنّ ثمّة مسؤولية مضاعفة على القوى السياسية، التي تقع على كاهلها مسؤولية قطع الطريق على كلّ من يسعى للعبث بالاستقرار، والتي يفترض أن تتلقف ما جرى بكلّ مسؤولية، لمنع المزيد من الانكشاف الأمني، الذي يدرك القاصي والداني أنّ مردّه في المقام الأول، هو “الانكشاف السياسي”، إن صحّ القول.
 
ويوضح العارفون أنّ ما جرى يستدعي قرع “جرس الإنذار” لضرب ما توصَف بـ”الخلايا النائمة” ومنعها من تنفيذ مخطّطاتها التي قد تضرّ بالبلد، أيًا كان عنوانها، لكنه يستدعي من السياسيين أيضًا إعادة رسم الأولويات التي تصبّ في صالح البلد، وبالتالي التخلّي عن أنانيّاتهم، التي تمنعهم حتى الآن من الجلوس على طاولة واحدة من أجل التفاهم بالحدّ الأدنى، علمًا أنّ هذا التفاهم يشكّل “الحصانة الأولى” المطلوبة لمواجهة أيّ سيناريوهات للمرحلة.
 
تتقاطع “خطوط النار” إذاً من تصعيد الجنوب وتهديدات قادة العدو، إلى “رسالة” هجوم السفارة الأميركية. قد تلتقي التفسيرات أو تتفاوت، لكنّ الثابت أنّ المرحلة التي يمرّ بها البلد، ومعها كلّ المنطقة، صعبة وحسّاسة، وتتطلب تضافر الجهود لتجاوزها. وإذا كانت الأجهزة الأمنية معنيّة بهذه المهمّة في المقام الأول، فإنّ “الامتحان الأكبر” يبقى على عاتق القوى السياسية، المختلفة حتى على مصلحة البلد، فهل تنجح في تخطّيه؟


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى