آخر الأخبارأخبار محلية

إخفاق اوروبي.. بإنتظار تسوية ايرانية-اميركية

من الواضح أن أكثر المهتمين بالوصول الى تسوية سياسية داخلية في لبنان هم الاوروبيون، وتحديداً فرنسا التي تعمل بشكل كثيف على ايجاد مخارج حقيقية توصل الى حلّ للأزمة الرئاسية ولمختلف الأزمات اللبنانية، لكن هذه الحماسة الفرنسية والاوروبية تصطدم عادة بعدم وجود رغبة لبنانية بتقديم تنازلات والوصول الى حلول واقعية، وعليه فإن كل طرف يستمر بالمراهنة على الوقت وعلى التطورات الاقليمية لتحسين شروطه بالمفاوضات، ما يؤدي بالتالي الى اخفاق المبادرات الغربية وحتى العربية.


منذ عودة الإهتمام الفرنسي بلبنان، واجهت باريس معضلة كبيرة، هي أنها لم تستطع القيام بتوازن من خلال سلوكها السياسي والديبلوماسي بين الواقعية التي تفرض عليها التواصل والتفاهم والإعتراف بـ “حزب الله” من جهة وإرضاء القوى المسيحية المعارضة له والتي كانت تعتبر أن فرنسا “أمها الحنون، وهذا ما دفع الأحزاب المسيحية الاساسية الى الإبتعاد بشكل “فج” عن الفرنسيين وعدم التجاوب معهم بشكل فعلي، خصوصاً أن قوى المعارضة عموماً تعتبر أن لديها بديلا وشريكا دوليا اساسيا هو الولايات المتحدة الاميركية.

إنكفأت باريس مرات عدّة عن المشهد اللبناني لكنها عادت إليه مؤخراً في محاولة لإيجاد حلّ للمعارك الحاصلة في الجنوب، لكن وبالرغم من انحياز إقتراحاتها لإسرائيل الا أن “حزب الله” تعامل معها بشكل سلس وديبلوماسي، كما وفتح لها باباً لتستعيد دورها في الداخل اللبناني من خلال موافقته العلنية على عدم ربط الحرب في غزة وجنوب لبنان بالإستحقاقات الدستورية الداخلية، علماً أن الفرنسيين يحتاجون إلى ما هو أكبر من موافقة الحزب، إذ يريدون تجاوباً شاملاً من القوى السياسية وهذا الامر ليس متاحا.

تقول مصادر مطلعة أن جزءا من اسباب قيام الحزب “التقدمي الإشتراكي” بمبادرة سياسية داخلية يعود إلى حاجة باريس لطرف داخلي قادر على إقناع مختلف الأفرقاء بمسار ما للحل، ولعل الايام المقبلة ستظهر حجم التجاوب مع الحراك الإشتراكي الذي سيكون أكبر من التجاوب مع اي مبادرة فرنسية، وهذا بحد ذاته قد يعدّ ضربة قاسية للنفوذ والحضور الفرنسي والاوروبي في لبنان، والا ماذا يعني أن يكون هناك طرف لبنان ضمن الإنقسام السياسي الداخلي قادرا على التأثير أكثر من دولة مثل فرنسا.

وتشير المصادر أن الحلّ عملياً هو بيد الأميركيين، ولعل ما يقوله بعض قادة “حزب الله” في جلسات بعيدة عن الإعلام هو الأصدق في هذا الشأن، اذ يعتبر هؤلاء أن التسوية ستكون مع واشنطن دون غيرها من الدول. وهذا الامر يشمل بشكل خاص القضايا الحدودية، ويطال ايضاً الازمات الداخلية التي لا يستطيع اي طرف التأثير على خصوم الحزب في الداخل سوى الاميركيين، وعليه فإن التسوية التي يجب أن ينتظرها اللبناني هي أميركية – إيرانية، وهذا ما قد لن يكون بعيداً في ظل تنسيق كبير بين الطرفين منذ بدء الحرب في غزة.

وترى المصادر أن الطرف الوحيد الذي يمكن أن يكون له تأثير جدي إضافة إلى هاتين الدولتين هي المملكة العربية السعودية التي تشكل حاجة فعلية للبنانيين وللقوى السياسية الداخلية ، سواء إختلفوا معها أم إتفقوا، وعليه فإن إنكفاء الرياض الحالي، وان لم يعد بالحدود السابقة، قد يستمر إلى لحظة التسوية وعندها سيكون هناك تفاوض ضمني او علني على الدور والنفوذ السعودي والدعم المالي الذي قد يتم تأمينه.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى