آخر الأخبارأخبار محلية

هل تذكرون عندما كانت الفرقة 16 ترجّف أكبر شنب؟

يقول المثل الفرنسي ما معناه “أن تأتي متأخرًا أفضل من ألا تأتي أبدًا”. وهذا ما فعله وزير الداخلية القاضي بسام مولوي في موضوع النزوح السوري غير الشرعي، مع التشديد على كلمة غير شرعي. ولو لم يتوافر له الغطاء الرسمي من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والغطاء السياسي والشعبي ايضا لما استطاع أن يُقدم على هذه الخطوة. وهو لم يقم بما قام به إلاّ من منطلق تطبيق القوانين ليس إلاّ. كان يجب أن يقوم بما قام به، وهو الآتي إلى العمل السياسي من خلفية قانونية وقضائية، من دون أن يأخذ في الاعتبار ما سيقوله عنه هذا الفريق أو ذاك، مع العلم أن الذين رأوا في الإجراءات، التي اتخذها الأمن العام لوضع الأمور في نصابها الصحيح، ممارسات عنصرية، هم في أغلبيتهم متضررون من تطبيق القانون، لأنهم يعلمون علم اليقين أن دورهم آتٍ لا محال.

 

 لم تقتصر إجراءات وزارة الداخلية على وضع النقاط على الحروف النافرة لموضوع النازحين السوريين، بل شملت في ما شملته ما تقوم به قوى الأمن الداخلي من خطوات أمنية تنفيذية في مختلف المناطق اللبنانية، وبالأخص في مجال مكافحة أعمال السرقة ومطاردة تجار المخدرات وضبط الممنوعات ووقف التعديات على الأملاك العامة وتنظيم محاضر ضبط في حق مخالفات البناء ومصادرة الدرجات النارية غير المرخصة وغير المسجلة قانونًا. وقد لاقت هذه الخطوات استحسانًا لدى أغلبية المواطنين، الذين يشتكون من كثرة هذه الظواهر المخّلة بأمنهم.
وعلى رغم الحملات التي تعرّض لها، والتي طاولته أحيانًا بالشخصي، لم يتردّد الوزير مولوي في المضي قدمًا في التشدّد بفرض القانون، وهو المصمّم على ألاّ يكون أي مقيم على الأراضي اللبنانية خارج هذا القانون.  
ولأن ثمة من يأخذ على عاتقه مسؤولية إعادة الدولة إلى أصحابها كان موقف رسمي واحد وموحد حيال وقاحة رئيس مكتب مفوضية اللاجئين في لبنان. ولو لم تسارع الحكومة بتوجيه من رئيس الحكومة ، عبر وزارة الخارجية، وهي المرجع الصالح لمخاطبة المنظمات الدولية العاملة في لبنان، لسمح نفسه هذا الموظف الدولي بأن يتطاول ليس على وزارة الداخلية وحسب، بل وعلى كل الدولة اللبنانية بكل أجهزتها وإداراتها. وبذلك تُعمّم حال التطاول على خلفية تكبيل أيدي جميع الذين يحاولون الوقوف في وجه الذين “يستوطون” حائط الدولة. ولولا هؤلاء، لبقي وضع بعض السوريين، الذين يتصرّفون مع البلد المضيف على أساس أنه سائب. ولأن المال السائب يعلم الناس على الحرام، قرّر من لا يزال يؤمن بفكرة لبنان أولًا وأخيرًا، وأن مصلحة أبنائه تأتي قبل أي مصلحة أخرى، أيًّا تكن أهمية هذه المصلحة، التصرّف بحزم ومسؤولية وجرأة. ألم يُقال يومًا “بحبك يا اسوارتي بس مش قدّ زندي”. فالزند اللبناني يأتي أولًا، ومن بعده يُصار الاهتمام بـ “الاسوارة”.

 

أخذت الأمور مسارها الطبيعي، وواصلت وزارة الداخلية إجراءاتها القانونية، وهي إجراءات كان يُفترض أن تطبّق قبل هذا الوقت لو أن الظروف السياسية سمحت بذلك، ولكي لا يقال “لو” جاءت خطوة الداخلية من ضمن السياق الطبيعي للأمور، وهي ستستتبع بخطوات استكمالية أخرى بما يؤول إلى استعادة الدولة بعضًا من هيبة مفقودة بسبب التطاول على “مزراب العين”، حتى أن بعض الذين عاصروا العصر الذهبي للدولة حين كانت هيبتها ترهب جميع المتطاولين على القانون قالوا إن “زمن الفرقة الـ 16” عائد بكل ما كانت تعنيه هذه الفرقة من قوة ومن جرأة ومن إقدام وتفانٍ وإخلاص وهيبة. فهي كانت عنوانًا لقوة الدولة بأجهزتها الأمنية قبل أن تُستباح هذه الهيبة، والتي ساهم الجميع مع الأسف، في الانتقاص منها.
فبعد إجراءات وزارة الداخلية جاء دور وزارة الخارجية، التي طلبت من رئيس مكتب مفوضية اللاجئين سحب كتابه الموجه إلى وزارة الداخلية، فكان ما تمناه جميع اللبنانيين التواقين إلى رؤية دولتهم وقد استعادت دورها كاملًا، وفرضت سلطتها على كل أراضيها.
فعندما يقرّر أي مسؤول في الدولة، التي عودونا على اعتبارها مغلوبة على أمرها، التصرّف كرجل دولة، وعلى أساس أن مصلحة المواطن تأتي في المرتبة الأولى، عندها تستعيد هذه الدولة هيبتها وسلطتها وقوتها. فما ينقصنا ليس كثرة القوانين، بل إرادة صلبة لتطبيقها.    
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى