آخر الأخبارأخبار محلية

النزوح السوري قنبلة موقوتة…ماذا يعني هذا القول؟

عندما دعا مجلس الوزراء في جلسة هي من بين أهم الجلسات التي عُقدت لمعالجة مفاعيل أزمة النزوح السوري وتداعياته على مختلف مناحي الحياة اللبنانية، وصف قائد الجيش العماد جوزاف عون هذا النزوح بأنه خطر وجودي. وهذا الوصف هو مرادف لقول آخر مشابه له ويرد على لسان أكثر من مسؤول أو سياسي لبناني، وهو أن هذا النزوح هو “قنبلة موقوتة” لا يعرف أحد متى تنفجر، وإذا ما انفجرت سياسيًا، أو اجتماعيًا، أو حياتيًا، أو ديموغرافيًا، أو أمنيًا فإن انفجارها سيكون مدويًا وذا مفاعيل قد تتخطّى بخطورتها الحدود اللبنانية الجغرافية.

فهذا الخطر الداهم، والذي يقضّ مضاجع المسؤولين على مختلف مستوياتهم، يوازي بخطورته ما يتهدّد لبنان جنوبًا، وما يعيشه اللبنانيون من أزمات اقتصادية، وما يخشاه البعض من استمرار تعطيل الحياة السياسية من خلال مدّ الفراغ الرئاسي بأمصال من شأنها أن تطيل بعمره إلى حدّ ذهاب البعض إلى توقع أن يطول أمده إلى ما بعد انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي، مع أن الذين زاروا واشنطن مؤخرًا سمعوا كلامًا أميركيًا موجهًا إلى اللبنانيين بضرورة انتخاب رئيس جديد قبل الصيف، وكأن في هذا الكلام تحذيرًا بأن ما بعد الصيف لن يكون ما قبله. وهذا يعني بكلام آخر أنه إذا انقضى فصل الصيف ولم يتمكّن اللبنانيون من إتمام هذا الاستحقاق فإنه يصبح من الصعب تحقيقه في المدى المنظور، خصوصًا أن ثمة من يقول بأن الأمور تسير بما لا تشتهي السفن الغربية، سواء مع رئيس أو من دونه. وهو كلام بات يردّده الذين ينفخون على اللبن بعدما كواهم حليب الأزمات المتتالية.
ما يخشاه بعض الذين قلبهم من الخارج على لبنان – الصيغة الفريدة أن ما يتعرّض له هذا البلد الصغير من مشاكل وأزمات تفوق بمئات المرّات قدرة أبنائه على الاحتمال، سواء من خلال ما يتردّد عن سعي إسرائيل إلى معاملته كما عاملت قطاع غزة من قبله، أي إلى تدميره وتشريد من يبقى على قيد الحياة، أو من خلال الانفجار الذي سيحدثه اكتظاظ النزوح السوري في أكثر من منطقة لبنانية، خصوصًا أن خرائط توزّع النازحين السوريين تظهر مدى خطورة تغلغلهم داخل المدن والبلدات والقرى في مختلف الأقضية في شكل ينذر بإمكانية أن يؤدي الاحتكاك اليومي بينهم وبين الأهالي، وبالأخص في بعض المناطق الحسّاسة، إلى انفجار أمني قد تصبح السيطرة عليه من قبل الجيش وسائر القوى الأمنية صعبًا، إن لم نقل مستحيلًا. وهذا ما قصده قائد الجيش عندما أشار في توصيفه لواقع النزوح بأنه “خطر وجودي”. وهذا ما يعنيه جميع السياسيين عندما يتحدثون عن “القنبلة الموقوتة”.
فهذا الموضوع يبحثه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع جميع الذين يلتقيهم في الخارج وفي الداخل، وهو على يقين من أن أي حلّ للأزمات اللبنانية المتراكمة لن يُكتب لها النجاح ما لم توضع خطة متكاملة لبدء عودة آمنة وكريمة لأعداد كبيرة من السوريين إلى الداخل السوري، خصوصًا بعدما تبيّن للجميع أن هناك مناطق في سوريا أكثر أمانًا من بعض المناطق اللبنانية المهدّدة يوميًا من قِبل العدو الإسرائيلي.
وهذه الخطة ستبحث اليوم في السرايا الحكومية مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، الذي سبق له أن زار لبنان قبل نحو أسبوعين، ومعه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين، وذلك قبل مشاركة لبنان ممثلًا برئيس الحكومة في مؤتمر بروكسيل المخصّص للبحث في شأن النزوح في نهاية ايار الجاري، في ضوء المواقف الاوروبية المتفاوتة بين مؤيد لطرح انشاء مناطق آمنة تسمح للسوريين بالعودة إلى بلادهم، وبين معارض لطرح كهذا، وداعم لاستمرار بقاء هؤلاء في لبنان، مع كل ما يتطلبه الامر من مساعدات وتمويل، تبين في نهاية المطاف انها تصل مباشرة الى السوريين، فيما تراجعت حصة لبنان من الدعم في شكل كبير، بات معه عاجزاً عن تحصين شبكات البنى التحتية والحماية.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى