آخر الأخبارأخبار محلية

صائب سلام… كلمات ومواقف

“كلمات ومواقف” كتاب ليس كسائر المطبوعات، لأنه مرجع وطني بامتياز نابع عن سلسلة مواقف اتخذها الرئيس صائب سلام في حياته السياسية المليئة بالأحداث، التي طبعت تاريخ لبنان، وبالأخص في المفاصل الصعبة والمصيرية. فالرجل تولّى منصب رئاسة الحكومة لأكثر من مرّة، ورافق فيها عهد ثلاثة رؤساء للجمهورية، وتولى أهم الوزارات، وكان نائبًا عن بيروت لفترة زمنية طويلة.

هو مرجع سياسي ووطني وتاريخي لا يمكن لأي سياسي اليوم إلاّ أن يرجع إليه، خصوصًا عندما يمرّ الوطن بأزمات مصيرية، فتحضر كلماته طبيعيًا، وهي التي أصبحت شعارات طبعت مرحلة غنية بالتجارب في حياة وطن كانت تلاطمه الأمواج من كل حدب وصوب، فقال عنه يوم كانت الطائفية تمزّقه إنه كالطائر الذي لا يمكنه التحليق إلا بجناحيه المسلم والمسيحي، وهو شعار يصلح اليوم أكثر من أي وقت مضى، خصوصًا أن الشك بهذه الصيغة اللبنانية الفريدة بدأ يتسلل إلى بعض قليلي الإيمان.
فالرئيس صائب سلام، الذي عاش هذا الشعار في حياته السياسية التقى بروحيته مع مؤسس حزب الكتائب اللبنانية الشيخ بيار الجميل، الذي آمن بالصيغة الفريدة كنهج قدري، على رغم الخلافات التي باعدت بينهما، وبالأخص في خلال الحرب العبثية، فكان الاحترام بينهما كبيرًا، على عكس ما نراه اليوم بين سياسيي حديثي النعمة، الذين لا يعرفون من لبنان سوى ما علق في أذهانهم من كوارث مع ما تركته من أحقاد ظرفية، وهو الذي أطلق شعار “لا غالب ولا مغلوب”، الذي لم يأت من عبث، بل هو نتيجة طبيعية لتجارب عايشها شخصيًا بكل تفاصيلها، وخلص إلى عنوان ذهبي، وهو أن لا أحد في لبنان يمكنه أن يلغي الآخرين مهما عظمت قوته.   
يحوي كتاب «كلمات ومواقف» خطباً ومحاضرات ألقاها رئيس الوزراء اللبناني صائب سلام، في مناسبات سياسيّة ووطنيّة بين عامي 1954 و1990، وفيها يناقش أفكاره وآراءه حول أحداث لبنانية وعربية. 
هذا الكتاب الوثائقي الذي جُمع محتواه من محفوظات الرئيس سلام الخاصّة، يقدّم لمحة وافية وشاملة عن مواقفه الأساسية في قضايا عديدة، ويظهّر بشكل أساسي توجّهاته السياسية طوال حياته، أبرزها توجّهه الوطني والعروبي عبر مواقفه من الصراع العربي – الإسرائيلي، ودعمه للمقاومة الفلسطينية الذي بدأ منذ العام 1936. وفي الكتاب أيضًا محطّات من رؤيته لبناء الدولة اللبنانية، كونه كان أحد الذين ساهموا في عمليّة بناء لبنان الحديث، عبر مشاركته في الجلسة النيابية لنزع المواد الانتدابيّة من الدستور، وفي رسم العلم اللبناني الجديد. ومنذ الخمسينيات، دعا إلى بناء دولة حديثة ومتطوّرة في كلّ المجالات، إلى جانب الدعوة إلى وضع دستور حديث يقوم على إلغاء الطائفيّة. كذلك، تقدّم الكلمات الرؤية العروبية لهذا الزعيم الوطني الذي لم يتعامل مع لبنان إلا كجزء من محيطه العربي والإسلامي.
من هنا تكتسب هذه “الكلمات والمواقف” أهميّتها، كونها وثيقة مهمّة لمحطّات من تاريخ لبنان الحديث وتحوّلاته، خصوصاً الحرب الأهليّة اللبنانية التي كان سلام قد حذّر منها منذ الخمسينيات.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى