آخر الأخبارأخبار محلية

عالوعد يا كمّون.. هل نعى حزب الله فرص الاتفاق مع إسرائيل؟!

 
يومًا بعد آخر، “تتقلّب” الأجواء على خط “الحرب الموازية” التي تدور في جنوب لبنان، تزامنًا مع تلك التي يشنّها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الماضي، فبعد تسريباتٍ عن “اتفاق وشيك” تمّ التوصّل إليه برعاية أميركية، على أن يتمّ الإعلان عنه في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، عاد “التصعيد” ليطبع المشهد في الأيام الأخيرة، مع استهدافات واغتيالات إسرائيلية مباشرة.

 
وسط هذه الأجواء، التي تزامنت أيضًا للمفارقة مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية باجتياح مدينة رفح جنوبي غزة، بعدما تحوّلت إلى قِبلة الفارّين من القصف الإسرائيلي خصوصًا في الشمال، وسط تحذيراتٍ بالجملة من “كارثة إنسانية” متجدّدة، جاءت كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في “يوم الجريح”، لتضاعف “الشكوك” التي تحوم حول “التسوية”، ولو أنّ البعض يعتقد أنّها ستأتي، ولو بعد حين، قد يكون انتهاء جولة التصعيد الحاليّة.
 
فعلى الرغم من أنّ السيد نصر الله تعمّد عدم إعطاء إجابات حاسمة حول “الأفكار المطروحة”، إلا أنّه وجّه في الوقت نفسه انتقاداتٍ واضحة وصريحة للموفدين الدوليين الذين حملوها، والذين كان كلّ همّهم “حماية إسرائيل”، من دون تقديم ضمانات فعليّة في المقابل، حتى إنّه استعان بعبارة “عالوعد يا كمّون” ليختصر المشهد، فهل يمكن القول إنّه بخطابه الأخير “نعى” فرصة التوصّل إلى اتفاق، ما يعيد الأمور إلى النقطة “الصفر”، وربما ما هو أقلّ منها؟!
 
رسائل “حازمة”
 
يتحدّث العارفون عن رسائل “حازمة” وجّهها الأمين العام لـ”حزب الله” في خطابه الأخير إزاء المبادرات والوساطات الدولية، ولو أنّه حرص على عدم التعليق بشكل مباشر على كلّ ما يُطرَح من أفكاره، بما في ذلك إمكانية انسحاب مقاتليه خلف شمال الليطاني، حيث كان لافتًا تأكيده أنّ الإجابات ينبغي أن تأتي من المسؤولين في الدولة، وأنّه ليس معنيًا بتقديمها لأحد، تاركًا بذلك باب “المفاوضات” مطروحًا، ولو من خلال القنوات الرسمية.
 
لكن بالتوازي مع هذا “الانفتاح”، إن جاز التعبير، يقول العارفون إنّ السيد نصر الله كان أكثر من “واضح” بالانتقادات التي وجّهها إلى المبادرات الدولية، من خلال “تصويبه” على الموفدين الذين أتوا إلى لبنان في الفترة الأخيرة، حيث اعتبر أنّ كل ما كان يشغل بالهم هو “حماية إسرائيل”، عبر محاولة “انتزاع” التزامات عجزت عن الحصول عليها في الميدان، ومن دون تقديم أيّ شيء ملموس في المقابل، وفق معادلة “الدفع سلفًا، وبعد ذلك نرى”.
 
ولعلّ “الوضوح” جاء أيضًا برفض الأمين العام لـ”حزب الله” الفكرة التي يتمسّك بها الموفدون والقائمة على “الفصل” بين جبهتي جنوب لبنان وغزة، حيث أكّد أنّ الجبهة في جنوب لبنان هي جبهة ضغط ومساندة ودعم وتضامن، وأنّ وقف إطلاق النار فيها لن يحصل إلا عندما يتوقف العدوان على غزة، وفي ذلك تأكيد على “الترابط” بين الجبهتين، ولكن أيضًا دعوة واضحة لعدم التفكير بإمكانيّة “الحسم” لبنانيًا، قبل إنهاء الحرب على غزة بالمُطلَق.
 
“ترغيب وترهيب”
 
وتبقى الرسالة الأهمّ التي وجّهها السيد نصر الله للقاصي والداني بحديثه عن “الوساطات” تكمن في حديثه عن “تكتيكين” لن يجديا نفعًا، وهما يمكن أن يندرجا في خانة “الترغيب والترهيب” إن جاز التعبير، وهو ما بدا واضحًا بكلامه عن “حفلة التهويل” التي مارسها الوسطاء، وكذلك كلامه عن “التوظيف السياسي للجبهة”، بإشارته إلى “مكاسب سياسية يلوَّح بها من هنا وهناك”، في إشارة “مبطنة” إلى ما تمّ تداوله حول “مقايضات” يمكن أن تخدم الحزب في مكانٍ ما.
 
يتوقف العارفون كذلك عند بعض الإشارات التي تعمّد السيد نصر الله تمريرها عندما تحدّث عن مستويات “السفالة والانحطاط” لدى البعض، وعندما أثار موضوع التنصّت والهواتف والكاميرات الموصولة بالإنترنت، فضلاً عن “فوضى” منصّات التواصل الاجتماعي، التي تقدّم “خدمات مجانية” للعدو، الأمر الذي أثار تساؤلات عن “التأثير” الذي تتركه العمليات الإسرائيلية على بنية الحزب، وما إذا كان الاتجاه يميل بالتالي نحو التصعيد، لا التسوية.
 
لكن هل يعني ما تقدّم أنّ السيد نصر الله نعى بكلامه هذا كلّ ما أثير من أفكار في الآونة الأخيرة، وبالتالي أعاد الأمور إلى المربع الأول؟ يقول العارفون إنّ “لا إجابات حاسمة” على هذا الصعيد، فباب التفاوض يبقى مفتوحًا، ولكن وفق معادلاتٍ واضحة وصريحة، قوامها أنّ “لبنان هو الطرف القوي، وأنّ العدو هو الضعيف والمأزوم”، وبالتالي أنّه “ليس في موقع من يفرض الشروط على لبنان”، وفق كلام الأمين العام لـ”حزب الله”.
 
في الخلاصة، تبقى الرسالة “الثابتة” هي أنّ الجبهة اللبنانية مستمرّة ما دامت الحرب على غزة متواصلة، وأنّ أيّ اتفاق لا يمكن الوصول إليه قبل إنهاء المجازر في القطاع المُحاصَر. لكنّها رسالة “معطوفة” على أخرى أكثر وضوحًا وهي أنّ الجبهة اللبنانية “ثبّتت” موازين الردع، وأنّ “لا خيار أمام العدو سوى أن يمارس فعل الهزيمة ويوقف العدوان”، فكيف ستنعكس هذه الرسائل على مسار المفاوضات؟!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى