نصرالله يجدّد تأكيد الردّ في الميدان: فرصة تاريخية للتحرير
وكتبت” الشرق الاوسط”: تتعامل معظم القوى السياسية في لبنان مع اغتيال إسرائيل للعاروري من زاوية أنها تصرّ على استدراج «حزب الله» لتوسعة الحرب الدائرة في قطاع غزة نحو الجبهة الشمالية في جنوب لبنان. وأكد مصدر أمني لبناني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «استخدمت سلاح الجو للإغارة على المبنى الذي كان يوجد فيه العاروري واستهدفته بـ6 صواريخ أصابت 5 منها الطابقين اللذين يستخدمهما، فيما لم ينفجر السادس الذي قام الفريق الفني في الجيش بتعطيله».
وتوقف مصدر سياسي لبنان أمام موقف الولايات المتحدة من اغتيال العاروري، رغم أنها كانت قد رصدت مكافأة مالية لاعتقاله، وقال إن واشنطن «سارعت للتنصل من علاقتها باغتياله، وكأنها تنأى بنفسها عن تورطها بقتله، نافية أن تكون قد أُحيطت علماً بتدبير العملية التي استهدفته».
وأشارت مصادر مطّلعة على الوضعين السياسي والعسكري لـ”البناء” الى أن السيد نصرالله قدّم شرحاً تفصيلياً بالأرقام والمعطيات لأهمية جبهة الجنوب في الضغط على كيان الإحتلال وفي تخفيف الضغط عن المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في غزة، ورد على كل المشككين بجدوى دور المقاومة من الجبهة الجنوبية، واستند إلى تصريحات مسؤولين في كيان العدو وإحصاءات من مؤسساته الصحية لعدد القتلى والجرحى والخسائر البشرية فضلاً عن المادية والاقتصادية والمعنوية”.
والأهم برأي المصادر أن السيد نصرالله شرح للجنوبيين كما للبنانيين “الأهمية الوطنية لإشعال جبهة الجنوب وتحصين معادلة الردع ضد أي عدوان استباقي إسرائيلي على لبنان لهروب حكومة الاحتلال من تداعيات الفشل في الحرب على غزة”. كما شدد السيد نصرالله على الردّ على استهداف الضاحية الجنوبية واغتيال الشيخ صالح العاروري، وقوله إن “الأمر متروك للميدان يعني أن القرار اتخذ في قيادة المقاومة بالرد ومستواه وهو مسألة وقت والقيادة العسكرية في الميدان تنتظر اختيار الهدف الذي يليق باغتيال القيادي في حركة حماس العاروري والعدوان على الضاحية. لذلك على العدو الإسرائيلي تحمل تبعات الانتظار وهو في حالة استنفار شامل، وكما عليه تحمل الرد المؤلم”.
ويتوقع خبراء عسكريون لـ”البناء” أن “يتصاعد التوتر وتشتدّ العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية في الأسابيع المقبلة وسيتصاعد أكثر فور حصول رد المقاومة على العدوان على الضاحية، وقد تتحول جبهة الجنوب الى ساحة حرب حقيقيّة بحال أقدم جيش الاحتلال على الرد على رد المقاومة، وبالتالي سنكون أمام جبهات وليس جبهة واحدة، لأن أي عدوان اسرائيلي كبير وشامل على الجنوب ولبنان لن يبقى محدوداً بل سيوسّع الى كل المنطقة وستدخل الى الحرب سورية وستتسع دائرة المواجهات في العراق وسيوسّع أنصار الله والجيش اليمني عملياتهم وينفجر البحر الأحمر وربما تمتدّ شرارة التفجير الى الخليج ومضيق باب المندب وتدخل إيران في الحرب”، لذلك “يسعى الأميركيون الذين يدركون مخاطر ونتائج الحرب الشاملة الكارثية في المنطقة وربما على العالم، الى احتواء التصعيد بإرسال موفدهم عاموس هوكشتاين الى المنطقة”، لكن السيد نصرالله وفق الخبراء قطع الطريق على أي اقتراحات وحلول يحملها الوسيط الأميركي للترسيم البري وضبط الحدود وفق المفهوم الأميركي – الإسرائيلي، وأعاد السيد نصرالله التأكيد بأن لا بحث للملف الحدوديّ قبل توقف العدوان على غزة.
وكتبت” اللواء”: قرأت مصادر سياسية في الاطلالة التلفزيونية الثانية للامين العام لحزب الله للسيد حسن نصرالله خلال ثلاثة أيام فقط، مطالعة دفاعية لتفرد الحزب باشعال الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، تحت عناوين التضامن مع غزّة واشغال قسم كبير من قوات الاحتلال الاسرائيلي عن المشاركة بالحرب ضد الشعب الفلسطيني، وتهجير سكان المستوطنات الإسرائيليين الى خارج المنطقة، مفندا حجم الخسائر التي تسبب بها تدخل الحزب العسكري بالأرقام والوقائع التي يخفي معظمها العدو الاسرائيلي حسب قوله، وفي المقابل تجاهل نصر الله وجود الدولة اللبنانية بالكامل، او اراء معظم الشعب اللبناني الرافض لهذه العملية الخطيرة وتداعياتها المأساوية التي تسببت بها، لجهة الخسائر الكبيرة بأرواح المقاومين الذين استشهدوا جراء الاشتباكات الدائرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، او الخسائر بصفوف المدنيين وتهجير قسم كبير منهم من مساكنهم واراضهيم والضرر التي تسببت بها القنابل الفسفورية بالبساتين والإحراج والممتلكات، والدورة الاقتصادية والمالية بالبلاد عموما.
ووصفت المصادر كلام الامين العام لحزب الله حاول، ان الرد على جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفيقيه لن تمر وستكون بالميدان، بالعبارة المطاطة التي تخرج عن السياق التقليدي لدول محور الممانعة، بالرد في المكان والزمان المناسبين، وتحمل في طياتها اكثر من تفسير، وان كانت بمجملها تصب في خانة استيعاب تداعيات الجريمة وتهدئة مشاعر متهورة واستيعاب منتقدي الاختراق الامني الاسرائيلي للمربع الامني للحزب، باعتبار ان امكانيات الرد الفوري محدودة او غير ممكنة حاليا.
واعتبرت المصادر ان خلاصة قول نصرالله ان مايحصل يشكل فرصة تاريخية لتحرير كل شبر من الاراضي اللبنانية المحتلة ووقف التدخلات والتهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، بأنه يفتح باب المفاوضات السلمية مع إسرائيل بعد بلوغ الوضع الحائط المسدود بالاشتباكات الدائرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، ويشكل محاولة لاستيعاب نقمة الرافضين للمواجهة العسكرية مع إسرائيل والتخفيف من حدة التهديدات الإسرائيلية بانزلاق الوضع نحو حرب شاملة ،في حين يعلم القاصي والداني ان لبنان تبلغ خلال الزيارة الاخيرة للمستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، مقترحات إسرائيلية لحل مشكلة النقاط المختلف عليها لترسيم الحدود، باستثناء النقطة b1 على رأس الناقورة التي ماتزال تعترض التوصل إلى اتفاق شامل للترسيم.
وقالت اوساط سياسية ل” الديار” ان المقاومة لا تزال تبني حساباتها وفقا للداخل اللبناني، ولا تريد التصعيد باتجاه الحرب الكبرى. ولكن اصبح واضحا ان المخطط الاسرائيلي كان يقضي بالاستفراد بقطاع غزة وارتكاب جرائم حرب وتدمير شامل للقطاع وتحويل الغزاويين الى نازحين وصل عددهم الى مليون و900 الف نازح فلسطيني، اي 90% من عدد سكان غزة وفق بيان رسمي لوكالة الاونروا الدولية للاجئين . انما قرار حزب الله بفتح جبهة الجنوب لاسناد ودعم فصائل المقاومة الفلسطينية في قتالهم للعدو الاسرائيلي الى جانب قيام المقاومة بتكبيد جيش الاحتلال خسائر كبيرة في صفوفه على حدود شمال فلسطين المحتلة، اربك مخطط «اسرائيل» بما ان حصول اشتباكات بين جنودها ومقاتلي الحزب على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة امر لا يناسبها. عندئذ بدات حكومة الحرب «الاسرائيلية» تهدد بالحرب الكبرى على لبنان، ومن ثم اقدامها على خطة تصعيدية باغتيالها للقيادي صالح العاروري ومساعديه في الضاحية الجنوبية لبيروت يصب في خانة محاولة «اسرائيلية» لاستفزاز حزب الله ودفعه باتجاه الحرب الكبرى.
وهنا رأت المصادر الديبلوماسية ان حزب الله لا يبني ردوده على الانفعالات والغوغائية والفوضوية، بل يدرس رده جيدا وبطريقة ذكية، ومن ثم يحدد المكان والزمان ليسدد الضربة الموجعة للعدو الاسرائيلي.
ورأت مصادر محسوبة على محور الممانعة بأن حجم التضحيات التي يقدّمها الحزب، مع اتساع رقعة المواجهة على الجبهة الشمالية، تمنع من يحاول المزايدة عليه فلسطينياً، وقالت لـ«الشرق الأوسط» بأن لا مبرر للقفز فوق المصالح الوطنية اللبنانية والدخول معه في مزايدة لا جدوى منها، خصوصاً أن لا مكان للتذرُّع بدخوله في الحرب فيما قدّم حتى الآن هذا الكم من الشهداء.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook