آخر الأخبارأخبار محلية

تحوّل خطير.. ماذا بعد استهداف الضاحية واغتيال صالح العاروري؟!

“انفجار في قلب ضاحية بيروت الجنوبية”. للوهلة الأولى، ظنّ من قرأ الخبر العاجل مساء الثلاثاء، أنّ الدويّ الذي سُمِع في مختلف أرجاء الضاحية، قد يكون ناجمًا عن “انفجار قارورة غاز”، لا أكثر، قبل أن يكتشف “حجم” الانفجار الكبير، مع بدء تسرّب الصور والفيديوهات عبر منصّات التواصل، فيفترض أنّه انفجار “سيارة مفخّخة”، مستعيدًا بالذاكرة حوادث هزّت الضاحية في سنوات ماضية، وتبنّتها منظّمات متطرّفة.

Advertisement

 
لعلّ هذا “الارتباك” في قراءة المشهد واستيعابه يعود في جانبٍ أساسيّ منه، إلى أنّ أحدًا لم يفترض للوهلة الأولى، أن يكون ما حصل عبارة عن خرق إسرائيلي فاضح للسيادة اللبنانية، وفي قلب ضاحية بيروت الجنوبية تحديدًا، مع كلّ ما يمثّله ذلك من خرقٍ للخطوط الحمراء، على الرغم من كلّ “السخونة” التي تشهدها المنطقة، ولبنان جزء منها، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان في أعقاب عملية “طوفان الأقصى”.
 
لكنّ ما بدا “عصيًا على التصديق” للوهلة الأولى، تحوّل إلى “الخبر اليقين” بعد ذلك، فإسرائيل التي لم تتوانَ منذ بدء حربها على غزة وجنوب لبنان، عن ارتكاب المجازر، وخرق كلّ الأعراف والقوانين، لم تتوانَ أيضًا عن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري، مع آخرين، لتعلن بذلك عن “تحوّل نوعيّ” في مسار الحرب، فأين تكمن “خطورة” ما جرى؟ وقبل ذلك، ماذا بعد استهداف الضاحية واغتيال صالح العاروري؟
 
جريمة إسرائيلية موصوفة
 
في المبدأ، يقول العارفون إنّ ما ارتكبته إسرائيل في قلب ضاحية بيروت الجنوبية يشكّل “جريمة موصوفة”، لا تكسر كلّ قواعد الاشتباك وتفتح الباب أمام توسيع “جبهات” الحرب إلى الحدود القصوى فحسب، ولكنّها أيضًا تخرق السيادة في العمق، من دون أن تكترث لردود الفعل السياسية أو القانونية أو العسكرية، ولو أنّ علامات استفهام تُطرَح حول مواقف البعض، ممّن ذهبوا لحد “إدانة” وجود قادة المقاومة في بيروت، بدل التركيز على عملية استهدافهم.
 
وإذا كان البعض قرأ في الجريمة الإسرائيلية المستجدّة تأكيدًا على وجود معلومات استخباراتية في يد العدو، يوفّرها له عملاء وجواسيس، فإنّ هناك من أعطى الأولوية للقراءة السياسية والواقعية، ليستنتج أنّ ما ارتكبته إسرائيل في هذا التوقيت بالتحديد، له أكثر من دلالة ورمزية في سياق الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، إذ إنّ إسرائيل أرادت تسجيل “إنجاز” في بيروت، عجزت عن تحقيقه في غزة، حيث لم تصطد أيًا من قادة المقاومة بعد.
 
ويضع العارفون الجريمة الإسرائيلية المستجدّة أيضًا في سياق إطلاق “المرحلة الثالثة” من الحرب الإسرائيلية المفتوحة، وهي المرحلة التي تدفع واشنطن بشكل خاص تل أبيب إلى المضيّ بها، من خلال إنهاء القصف الهمجي الذي بات يضرّ أكثر ممّا ينفع في غزة، بعدما ثبت أنّ “بنك أهدافه” ليس سوى المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال منهم، والانتقال إلى “عمليات مركزة ومحددة”، قد يكون اغتيال العاروري “خير معبّر عنها” وفق هؤلاء.
 
كسر الخطوط الحمراء
 
لكن، أيًا كانت القراءة الموضوعية لعملية اغتيال العاروري، وسواء رُبِطت بمحاولة إسرائيل التعويض عن الفشل والإخفاق الذي منيت به في غزة، حيث لم تستطع حتى الآن تسجيل أيّ مكسب، أو بالحدّ الأدنى تحقيق أيّ من أهدافها المُعلَنة، أو بالمرحلة الثالثة من الحرب المفتوحة، والتي يقول البعض إنّ أوانها يقترب أكثر فأكثر، فإنّ الثابت وفق العارفين أنّ ما جرى سيكون له تبعات، ليس على الجبهة الفلسطينية فحسب، ولكن على الجبهة اللبنانية أيضًا.
 
بحسب هؤلاء، فإنّ الجريمة الإسرائيلية المستجدّة كسرت كلّ الخطوط الحمراء، بل أنهت عمليًا قواعد الاشتباك المعمول بها، مع كلّ التعديلات التي أدخِلت عليها منذ عملية “طوفان الأقصى”، فحتى لو حاول الإسرائيليون الترويج بأنّ العملية لم تستهدف الحكومة اللبنانية ولا “حزب الله”، إلا أنّ الواقع أنّها مسّت بما كان يُعَدّ “محظورًا” حتى الأمس القريب، ونقلت الصراع إلى قلب ضاحية بيروت الجنوبية، وهو ما لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام في قاموس “الحزب”.
 
ولعلّ المفارقة المهمّة وسط هذه “المعمعة”، تكمن في أنّ الجريمة أثبتت مرّة أخرى أنّ العدو الإسرائيلي هو الذي يخرق القرار الدولي 1701، وهو الذي يستدرج “حزب الله”، ومعه لبنان، إلى قلب المواجهة، بما يطرح علامات استفهام عن الفائدة من الحراك الدولي الذي جرى أخيرًا، بهدف الضغط على “حزب الله” لعدم الانزلاق إلى الحرب، تحت عنوان تطبيق القرارات الدولية، في حين أنّ الأوْلى الضغط على إسرائيل، التي لا تكفّ عن إدانة نفسها بنفسها.
 
ثمّة من يقول إنّ ما بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال صالح العاروري ليس كما قبله، ولا سيما أنّه الأول من نوعه منذ حرب تموز 2006. فحتى لو حصرت إسرائيل عمليتها بالجانب الفلسطيني، وحيّدت اللبنانيين عن “بنك أهدافها” حتى إشعار آخر، إلا أنّ أيّ جريمة تقع على الأراضي اللبنانية تشكّل استهدافًا للبنان في المقام الأول، وهو استهداف قد تكون له تبعاته على المستوى اللبناني قبل الفلسطيني والإسرائيلي!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى