آخر الأخبارأخبار محلية

من انقذ العسكريون المتقاعدون: الحكومة أم القائد؟

كتب جورج شاهين في”الجمهورية”:النصائح التي أُسديت الى رئيس الحكومة منذ الدعوة الى الجلسة لتأجيلها لم تنجح. لا بل على العكس، فقد سعى المعنيون لاستعادة بعض الوزراء من الخارج لتأمين النصاب، وهو ما نُفّذ بالفعل، فعاد الى بيروت من كان في المغرب كما في الخليج، حتى انّ احد الوزراء الذي وصل متأخّراً الى بيروت ليل أمس الاول تلقّى عدداً من الاتصالات لضمان حضوره، لمجرد أنّه عبّر عن احتمال تغيّبه عن الجلسة، تاركاً “قراره الشخصي” بالخطوة الإيجابية كما السلبية، رهن مضمون جدول أعمال الجلسة الذي كان في حوزته قبل ساعات عدة بالوسائط الالكترونية أينما وُجد. ولما قرّر المشاركة استجابة لمسلسل الإتصالات والتمنيات فإنّه لم يتمكن من الدخول وبقي عند حواجز المتقاعدين البشرية التي قطعت الطرق الى المدخل الرئيسي للسرايا.

وإلى هذه المعطيات، فقد شكّل وصول ثلثي أعضاء مجلس الوزراء في الموعد المحدّد للجلسة – بعدما حضر اثنا عشر وزيراً – لا يمكن الحديث عن جهة حكومية ارادت التعطيل، فالعودة الى اسمائهم وهوياتهم الحزبية والسياسية لا توحي بأي قراءة استثنائية. فقد كانوا من مختلف القوى السياسية التي تتعاطى مع ملف التمديد او تأجيل التسريح لقائد الجيش من مواقع لم تقل كلمة سلبية علنية، ومن بينهم وزيرا “حزب الله” اللذان يخضعان لـ “الفحوص المخبرية” في مثل هذه المحطات الأساسية ومعهما وزيرا حركة “امل”، ولكن حضورهما أوحى بأنّ الأمر عادي وليس هناك ما يدعو للتشكيك بموقف “الثنائي الشيعي” لجهة تطيير النصاب من عدمه. وإن استُعرضت أسماء المتغيبّين فإنّ من بينهم من هو محسوب على رئيسي المجلس والحكومة شخصياً، من دون احتساب تغيّب احد وزيري “المردة” الذي لم يتوافر اي معلومة عن مكان وجوده قبيل انعقاد الجلسة.
وبعيداً من هذه المعطيات التي لا يمكن تجاهلها لمن يبحث عن “العقل المؤامراتي” في مثل هذه المعالجات، رغم خطورتها ودقّة المرحلة التي تعبرها، فإنّ من المنطقي تناول الموضوع من زاوية أخرى. ذلك أنّ تعطيل الجلسة – لأي سبب كان ـ قد يكون له فائدة إن كانت النيّة لدى اهل المنظومة التمديد او تأجيل التسريح لقائد الجيش ولأي مهلة كانت. فإنّ ذلك لن يطول انتظاره. ففي العلم الدستوري والقانوني، تبقى الإشارة ضرورية الى انّ مثل هذا الموضوع المطروح، سيتوافر بطريقة اكثر متانة وصلابة قانونية إن صدر بقانون عن مجلس النواب بدلاً من قرار حكومي اياً كانت مساحة أو لائحة المستفيدين منه شرط ألاّ يكون على قياس شخص واحد.
وعليه، فإنّ المنطق القانوني يقول انّ أي قرار من هذا النوع في مجلس الوزراء سيكون سهلاً الطعن بقانونيته أمام مجلس شورى الدولة، طالما انّ وزير الدفاع نأى بنفسه عنه مهدّداً بقرار آخر يتعارض مع ما سعى إليه آخرون. وإن كان له الحق القانوني بذلك إن صدر عن الحكومة، فإنّ صدور قانون عن مجلس النواب يمكن أن يكون اصعب عليه تجاهله وسيلتزم به، ان كان صادقاً في التعبير عن موقف قانوني، متجاهلاً الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد ومعها المؤسسة العسكرية، منعاً لأي خلل محتمل في إحدى وأكبر المؤسسات وأكثرها صموداً في مواجهة الانهيارات في مثيلاتها الحكومية، وإن كانت دونها اهمية. ذلك أنّ ما يمكن أن تُصاب به إن كان ناجماً عن تقصير او فشل في مواجهة اسبابه، فالنتيجة سلبية في الحالتين. فأي قائد جديد للجيش قد يُعيّن في غياب رئيس الاركان المفقود الذي يمكن ان يتسلّم مهماته، فإنّه سيكون امام من يُعيّن في مهمّته وقتاً غير قصير للإمساك بزمام القيادة ومواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها المؤسسة. فليس هناك من قائد عسكري يمكن أن يستبدل أحصنة اي قافلة وهي في “وسط النهر” كما يقول المثل العسكري القديم.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى