هل تنفجر الجبهة الجنوبية بعد هدنة غزة؟
الجواب عن هذا السؤال البديهي والطبيعي جاء سريعًا من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، الذي أبلغ الأميركيين أن قصف القطاع سيعود أقوى من ذي قبل ما أن تنتهي الهدنة الإنسانية، وبعد الافراج عن عدد من الرهائن المحتجزين لدى كتائب “القسام”، وبعد إطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وبهذا يكون نتنياهو قد حسم الجدل حول “السيناريوهات”، التي كان يتم التداول بها لمرحلة ما بعد الهدنة. ومن بين هذه “السيناريوهات” واحد عن تكريس وقف إطلاق النار، وهو أمر طبيعي بعد كل جولة من جولات القتال المتعددة. وهذا ما قد يقود طبيعيًا إلى الشروع في البحث عن الحلول السياسية، وذلك استنادًا إلى عدد من المؤشرات والمعطيات، ومن بينها: أن إسرائيل في حروبها السابقة، سواء في فلسطين المحتلة أو في لبنان، كانت تعتمد مبدأ الحروب السريعة. أمّا في حربها اليوم فإنها تأخذ في الاعتبار ما تواجهه من ضغوط قد تجبرها على وقفها. ومن بين هذه الضغوط ما هو عسكري وما هو اقتصادي، فضلًا عمّا تواجهه من حملات شعبية في مختلف الدول العربية والغربية، ومن بينها الشارع الأميركي.
فبعد مضي شهرين تقريباً على هذه الحرب المدّمرة أيقنت إسرائيل أنها غير قادرة على القضاء على حركة “حماس” كحركة مقاومة ومنظمّة، خصوصًا أنها أثبتت بعد عملية “طوفان الأقصى” وصمودها المتواصل في القطاع أنها رقم صعب من غير المنطقي ألا تفكرّ إسرائيل في فتح حوار مع قادتها توصلًا إلى حل سياسي، ولو مؤقت، تمامًا كما فاوضتها في مسألة إطلاق الأسرى.
في المقابل فإن هذه الهدنة تأتي في وقت بدأت فيه الفصائل الفلسطينية تشعر بأن مساعيها لتوحيد الساحات لم تنجح، وأن امتداد الحرب وتوسعها بعد مضي شهرين من اندلاعها أصبح احتمالاً أقل من السابق، ما يعني أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من الاستنزاف لمخزونات تلك الفصائل من السلاح والعتاد، وكذلك إلى المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين من سكان قطاع غزة. وهذا ما كشفته كاميرات التلفزة من داخل القطاع.
فاستمرار الحرب يعني تعاظم مخاطرها على إسرائيل، ومن أجل وضع حد لتلك المخاطر يتعزز خيار تكريس وقف إطلاق النار الذي يتضمن الاكتفاء بمنطقة عازلة داخل غزة بشكل مؤقت، وشن حملات أكثر تنظيماً وطويلة المدى لاحقاً، مع استمرار الصراعات المنخفضة الحدة كعمليات الالتحام والضرب من وراء المنطقة العازلة، والإبقاء على العمليات الجوية لكن في حدود منخفضة.
أمّا إذا لم تصمد الهدنة الممدّدة فإن استئناف الحرب من حيث توقفت تبقى خيارًا واردًا، خصوصًا على جبهة لبنان الجنوبي، حيث يُنقل عن “حزب الله” أنه سينقل المناوشات، التي كانت تدور على محاور التماس، إلى مرحلة جديدة، وهو يحضرّ للعدو مفاجآت من شأنها، كما يعتقد قادة “الحزب”، أن تغيّر الكثير من الوقائع، التي ستفرض على العدو التعاطي معها بطريقة مختلفة. وهذا يعني في موازين القوى أن هذه المناوشات ستكون أشمل، وقد يكون لها طابع آخر لا يستبعد كثير من المحللين أن تكون حربًا شاملة. ولا يزال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقوم بما يلزم من اتصالات ومساعٍ في الخارج والداخل لتجنيب لبنان تجرّع هذه الكأس المرّة.
السيناريو الثاني: استئناف الحرب كما كانت
السيناريو الثالث: تغير طبيعة الحرب
وأخيراً؛ فإن سؤال مسار الحرب ما بعد الهدنة، لن يُصبح واقعاً إلا إذا صمدت الهدنة طوال أيامها الأربعة، وهي مسألة بالغة الصعوبة في ظل ميدان الحرب الذي يعتبر بيئة معقدة، وفي ضوء الانتشار العسكري الإسرائيلي داخل قطاع غزة، واستمرار عمليات الرصد الاستخباراتية، ومخاطر التصرفات الفردية والتحصينات المعقدة، وكذلك تداخل لبعض الجبهات بين قطاع غزة ولبنان، مع ذلك فإن موقف الأطراف وضمانات الوسطاء تبقي احتمال نجاح الهدنة قائماً، ومنه تأتي سيناريوهات ما بعدها.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook