آخر الأخبارأخبار محلية

4.5 مليارات دولار قيمة التهرّب الضريبي سنويّاً واللبنانيون في حلقة مفرغة

كتبت باسمة عطوي في”الديار”: ليس هناك خلاف على أن النظام الضريبي في لبنان، غير عادل وغير فعّال ويحتاج الى تطوير. والدليل هو حجم التهرب الضريبي (على انواعه) الذي سجل في العام 2018 (قبل عام واحد من الانهيار) وهو 4,5 مليارات دولار، بحسب تقرير صادر عن بنك عوده، وهو مبلغ كان يمكن أن يوفّر تغطية طبّية شاملة للبنانيين المقيمين. لكن السؤال البديهي الذي يطرح في ظل كل هذه التعقيدات والمزايدات، كيف يمكن للدولة اللبنانية أن تستمر من دون ضرائب، ولماذا يكره اللبنانيون أفراداً وشركات تسديد ضرائبهم؟

Advertisement

وفي هذا الاطار يوضح العضو في الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين المحامي كريم ضاهر لـ»نداء الوطن» أن تسديد الضرائب أمر مهم لأنه يتعلق بالمواطنية الضريبية التي عملت عليها الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (Aldic). معنى الضرائب في لبنان يفهم بطريقة خطأ، فمنذ زمن العثمانيين وما قبلهم، كانت الضريبة تسمى جزية وكانت تعتبر جزاء لقاء السماح للمواطن (من دين مختلف عن دين الرسمي للسلطنة) بالعيش على أرضها. وفكرة الضريبة كانت وكأنها عقاب، بينما معناها في العديد من الدول هو المساهمة والمشاركة».
يشدد ضاهر على أن «فكرة الضريبة تدخل ضمن عقد اجتماعي متكامل تلعب فيه الدولة دوراً في التنمية والتطوير، وهذا ما طبقته الدول بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كان دورها قبلاً جباية الضرائب لتمويل النفقات. بعد الحرب تعلمت هذه الدول أن ترك الامور على غاربها سيؤدي الى كساد كالذي وقع في 1929، والانهيار المالي الذي ولّد في ما بعد التطرف النازي، وما حصل بعد الحرب العالمية الاولى من تكديس للثروات من دون معرفة كيفية استخدامها بطريقة صحيحة». ولفت الى أنه «بعد الحرب العالمية الثانية ونشوء الامم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية، بدأت فكرة تدخل الدولة عبر الضريبة لاعادة توزيع الثروة وتحقيق اهداف اجتماعية واقتصادية وتنمية مستدامة وهذه المفاهيم تتطور حالياً بشكل أكبر».
يؤكد ضاهر أن «هناك نفوراً من فكرة دفع الضرائب المرفوضة من قبل الشعب حين يلمس أن دفعه لها لا يعود اليه بأي منفعة. وهنا لا بد من التمييز بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة. هناك أشخاص لا يتحملون ضرائب مباشرة ولكنهم يتحملون ضرائب غير مباشرة وتنازلية ونسبتها عالية. ولذلك يجب ان يكون هناك توازن بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة لتحقيق العدالة الاجتماعية»، مؤكداً بأن «هذه مشكلة كبيرة، لأن الاستمرار في رفض فكرة دفع الضرائب والتهرب منها سيدفع الى مزيد من تقصير الدولة في تحصيل الضرائب المباشرة، ولكنها في الوقت نفسه تفرض ضرائب غير مباشرة تدخل الى الخزينة من دون معرفة المواطنين».
ينبه ضاهر أن «هناك مواطنين يتهربون ضريبياً ويحتَمون بأشخاص نافذين وتابعين لهم، لكن كرامة هؤلاء ستبقى مرهونة وفقاً لأهواء من يحتمون بهم. وهناك من يستسهل القيام بعصيان مدني وضريبي وهذا موضوع خطر ويجر الى عقوبات مالية»، شارحاً أنه «وفقاً لقانون الموازنة 144 المادة 57 والمتعلقة بقانون الاجراءات الضريبية رقم 44 / تاريخ 11 /11 2008، تم ربط جرم التهرب الضريبي بالمرسوم الاشتراعي رقم 156 /83 ويحدد عقوبات مالية حبس (بحسب الحالات) تتراوح بين 6 أشهر الى 3 سنوات. وانطلاقاً من هنا يمكن أن تحصل ملاحقة جزائية ضد المتهرب من الضريبة، بالاضافة الى العقوبة المالية (غرامة تحصيل وغرامة تحقق)، وايضاً في حال تم تحويل الاموال الى الخارج أو استعملت لاخفاء الاموال الناتجة عن التهرب الضريبي، عندها يتم الاتهام بتبييض الاموال وفقاً للقانون 44 /2015 مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب».
ويختم: «لا أنصح المواطنين بالدخول في عمليات التحدي للضرائب، لأن السلطة النافذة التي تملك كل وسائل التحكم يمكنها أن تؤذي كثيراً، وأنا اؤيد الخيار الآخر وهو الالتزام والمحاسبة كما نحاول اليوم، ومواجهة الفاسدين بالوسائل السلمية شرط أن نقوم بواجباتنا كلها كي لا نتعرض للابتزاز».


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى