الوكالة الوطنية للإعلام – الخطيب طالب بإدانة الجرائم البربرية: انها لحظات تاريخية تحتاج لموقف وطني مسؤول
وطنية – أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة، في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة التي قال فيها:
“السلامُ لغزة وأهل غزة الصابرين والصامدين الذين يقهرون بصمودهم وصبرهم وتضحياتهم وشهدائهم وحشية العدو بجبنه وإجرامه ومجازره واستهدافه المستشفيات والمرضى والأطفال والنساء والشيوخ والبنية التحتية وكل ما يتصل بالحياة، بقطع المياه والطعام والدواء والكهرباء والإمدادات الصحية ومنع المنظمات الدولية من نجدة المدنيين بالحاجيات الضرورية، ويرتكب أفظع الجرائم بحق الانسانية أمام أنظار العالم الذي يشارك العدو في جرائمه حينما يتبنى التضليل الإعلامي للعدو ويسوّق أكاذيبه واتهاماته أو بالتهويل الدعائي الذي يعمل على التخذيل والتخويف للبنانيين من الوقوف مع أنفسهم في هذه المواجهة المفروضة على الأمة، ولبنان يقف على رأس اللائحة المطلوبة رؤوسهم وعلى خط النار الذي استُهدف بالعدوان والقتل والمجازر منذ أن اغتُصبت فلسطين وقبل أن تُستهدف القدس وتُحتَل أراضٍ عربية أخرى.“
اضاف: “لقد وضع العدو الصهيوني العنصري لبنان نصب عينيه لما يشكّله من تحدٍ لكيانه العنصري بتكوينه الديموغرافي والتنوع الثقافي والطائفي والتعدّد المذهبي الذي يعطي انطباعاً يُكذّب الصورة التي يريد بها العدو تبرير وجوده العنصري في هذه المنطقة وكيانه المعادي لشعوب المنطقة من استحالة التعايش معها، ولهذا هَدَفَ إلى إيقاع الفتنة بين اللبنانيين وجرّهم إلى الحروب الطائفية والمذهبية، وهَدَفَ إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وعرقية ابتداءً من لبنان مروراً بسوريا والعراق وإيران وتركيا. وما جرى في هذه الدول وبينها في الماضي، استمراراً الى ما حدث في الفترة الاخيرة، لم يكن وليد الصدفة أو لعوامل داخلية بحتة، وإنّما كانت سياسة غربية استعمارية منذ أن وطأت أقدامه هذه المنطقة، بل قبلها التي مَهَّدَ لها بمشاريع وطروحات فكرية مكَّنته من تحقيق غاياته بوضع يده عليها”.
ورأى “انّ ما أضمره الاستعمار الغربي طوال العقود الماضية فضحته مواقف الرئيس الأميركي السيد بايدن بالأمس حينما قالها صراحة: إنّ إسرائيل لو لم تكن موجودة لوجب أن نوجدها، لأنّ وجودها ضرورة استراتيجية لمصالح الغرب الاستعماري، فهي تؤدي وظيفة استراتيجية للعالم الغربي الذي أطلق على نفسه زوراً تسمية العالم الحرّ والحضاري ورفع شعار الديموقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، حتى وصل إلى رفع عبقريته بادعاء حقوق الحيوان وغيرها من الشعارات البرّاقة التي لم تكن الا لتضليل الشعوب ليصل إلى طرد الشعب الفلسطيني من أرضه وتوطين الصهاينة في مكانه بادعاءات كاذبة خلقتها الدعاية الباطلة والشعارات المزيفة، ليصل إلى هذه اللحظة من اختراع هذا الكيان كحارس لمصالحه التي اقتضت تخريب الواقع الديموغرافي للمنطقة العربية والاسلامية كوظيفة لهذا العدو وكيانه”.
واشار الى “انّ وجود هذا الكيان هو وجود وظيفي كما قلنا، ولذلك فالمشكلة ليست معه ككيان فقط وبمعزل عن أداء هذه الوظيفة فهي تشكل لبّ هذا الصراع، ولذلك فإنّ الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة اضطر الى الافصاح عن هذه الحقيقة والاعتراف بها بعد أن بَان بشكلٍ واضح وبما لا يقبل الشكّ أن معركة طوفان الاقصى شكّلت خطراً وجودياً للعدو، لهذا اضطر الوحش الأميركي الغربي أن يُكشّر عن أنيابه ويقود المعركة بشكل مباشر بكل أشكالها الاعلامية والسياسية والعسكرية، ويستقدم البوارج وحاملات الطائرات ويوجّه القيادة العسكرية للعدو ويضع له الخطط عبر قياداته العسكرية والمشاركة المباشرة لحكومة الحرب المصغّرة للعدو الصهيوني. ويوجّه عبر سفاراته القوى والإعلام المرتبط به بتضليل الرأي العام باتهام المقاومة في لبنان بالتهاون في نصرة غزة، وفي المقابل يبرئ أنظمة الدول العربية ويشهد لها بأنها تقوم بما عليها في المواقف التي تصدرها والتي لا تتعدى المواقف الكلامية الخالية عن أي موقف فيه شيء من الصلابة يأخذها العدو على نحو الجدية. فلم تقطع الدول المطبّعة العلاقات معه بل حتى لم تهدّد بها، وهو أقل ما يمكن اتخاذه نصرةً للشعب الفلسطيني في الوقت الذي يُرتَكب في حقّه كل هذه المجازر. أليس هذا إلا حماية لهذه الدول بدل دفعها إلى اتخاذ مواقف متقدّمة تمنع العدو فعلاً من التمادي في جرائمه، أفبهذا ننتصر للقضية الفلسطينية، أم بتعمّد الترويج للفيديوهات التي تثير النعرات الطائفية بين المناصرين الحقيقيين للفلسطينيين الذين يشاركونهم الدم والشهداء والقلق؟.“
وأكد الخطيب “انها حرب شاملة شعواء تُخاض ضد الأمة، وتحاول إشغال قواها بالفتن عمّا يجري من عدوان الغرب المنافق عليها من خلال استهداف غزة وشعبها ومقاومتها. إنهم الْمُرْجِفُونَ في البلدان العربية والاسلامية ولبنان، المخفيون الذين يدّعون نفاقاً وكَذِباً دفاعهم وحرصهم على غزة وأهلها (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)، على غرار الْمُرْجِفُونَ في المدينة الذين هدّدهم الله تعالى في كتابه بفضحهم امام النبي واغرائه بهم ونفيهم خارجها وعزلهم عن المجتمع لشدة خطرهم) لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (.
وقال: “لقد جَنَّدَ الغرب كل شياطينه في هذه المواجهة، أنظمة وعملاء، لينتقم للعدو من هذا الانتصار التاريخي الذي سجَّلته قوى المقاومة التي تُنِسّق الخطط في ما بينها لإحباط نتائجه غير المسبوقة، حمايةً للعدو وللنهج الاستسلامي الكارثيّ النتائج على الامة التي أدخلتها في حروب وفتن داخلية قاتلة استغلت فيها قوى مذهبية متخلّفة التفكير والفهم لتحقّق السياج الواقي للعدو عن علم أو جهل اعتبرته طريقاً للدخول الى الجنة، فيما هي تصنع طريق جهنم لها وللأمة.
وها هي اليوم تُستعمل للتضليل والتفرقة بين أبناء الأمة التي تلتحم اليوم في هذه المعركة المصيرية المباركة”.
وتابع: “أسأل البعض من القوى أو الشخصيات الذين يرفعون الصوت بعدم إدخال لبنان في هذه المواجهة، متى كانت المقاومة سبباً في إدخال لبنان في مواجهات، أليست كل المواجهات التي خاضتها المقاومة دفاعاً عن لبنان بعد أن قام العدو باحتلال أرضه بتواطؤ مع قوى داخلية لأهداف طائفية والتنكيل بشعبه بدعم خارجي وتآمر داخلي وتخلٍّ عربي، وهل كان اللبنانيون يتخيلون أو يحلمون بتحرير أرضهم وأن تكون لبلدهم هذه القوة التي هزمت العدو وردعته عن العدوان وحقّقت للبنان السيادة والامن، وأن يكون للبنان هذه الأهمية التي لا يحسب العدو لأحد حساباً يخشاه دونها. ويكفي انها ترغم العدو اليوم على تعطيل ثلث قوته العسكرية على الاقل على الحدود اللبنانية وتشغلها عن الانخراط والاقدام على اجتياز غزة وأن تتسبّب في هذا التردد للقيادة السياسية والعسكرية الصهيونية خوفاً من دخول المقاومة المعركة التي تسببت بمجيء حاملات الطائرات والبوارج العسكرية الغربية والاميركية لتطمين العدو المهزوم”.
واكد ان “المقاومة أثبتت انها الدرع الفولاذي للسيادة اللبنانية وأن المواقف المعادية كانت المفرِّطة بالسيادة والاستقلال، فلن تُقنعوا حتى أنفسكم أنكم الأحرص على السيادة والحماية لحدود لبنان التي هي الأغلى لدينا، فلم تضحوا بشيء أبداً من أجله ولا بنقطة دم واحدة بذلتموها حين اجتاح العدو لبنان، كما لم تضحوا أبداً بنقطة دم واحدة لإخراجه، بل كنتم كما أنتم اليوم تحيكون لها المؤامرات وتحاصرونها وتناصبونها العداء وتعملون على تشويهها وتنشغلون بالفتن الطائفية والحروب المذهبية، ولم يكن لكم يوماً موقف يذكره التاريخ بفخر، وسيعرف اللبنانيون جميعاً يوماً ما حقيقتكم وأنكم كنتم تكذبون عليهم”.
وتابع: “واسأل هنا من يدّعون الاهتمام بالوجود المسيحي في المنطقة العربية: أليست بعض المستشفيات والكنائس الذي ارتكب فيها العدو الصهيوني مجازره الرهيبة أليست مسيحية، أولم يكن ذلك بتنسيق مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا الذين شكّلوا مجلس قيادة للحرب الصهيونية على غزة وشعبها، حيث يشكّل المسيحيون بعضاً منه، فأين هم دعاة الرعاية للمسيحيين من هذه الجرائم؟.“
وقال: “نحن نُقدّر ما صدر عن الحبر الاعظم لكن ما يتعرّض له الفلسطينيون، ومنهم المسيحيون، من مجازر رهيبة وجرائم يصفها القانون الدولي بأنها جرائم حرب، هؤلاء ينتظرون موقفاً أكثر حزماً يؤثّر في وقف هذه المجزرة التي ترتكبها عصابات القتلة في الاراضي المقدسة”.
اضاف: “لقد حاول العدو أن يوجِّه الرأي العام العالمي، وساعده على ذلك الموقف الرسمي للدول الغربية على ألسنة رؤسائها وحكوماتها وإعلامها أنَّ المشكلة هي في قوى المقاومة التي سمتها بالإرهابية، فيما يتبيّن أن الهدف هو الشعب الفلسطيني والتخلّص منه بطرح تهجيره إلى سيناء والأردن، وهو ما يفسّر النهج الصهيوني بالقتل والابادة والدمار للبنية التحتية وجعل غزة غير قابلة للحياة، بما يفضح الأهداف التآمرية للدول الغربية وللعصابات الصهيونية حين عبَّرت عن أهدافها برفع ممثلها الإرهابي نتنياهو من على منبر الامم المتحدة خريطة ما يُسمى بإسرائيل ولا وجود فيها لفلسطين والجولان والضفة الغربية، ما يعني أن العدو كان يعدّ لتنفيذ هذه الأهداف العدوانية وإنهاء القضية الفلسطينية”.
وأكد انه “هنا تكمن أهمية التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني للحفاظ أولا ًعلى أمنه القومي المهدّد، بعد أن أسفر العدو عن أهدافه الحقيقية ولم تنفع معه كل التنازلات واتفاقيات السلام.
طوفان الاقصى هو من كشف عن هذه المؤامرة الغربية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية وقال فيها الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة كلمته الفاصلة بأنه ثابت في تمسّكه بأرضه وقدرته على مواجهة العدو ومخططات الغرب التي تريد القضاء على قضيته وأن يوجّه تهديداً وجودياً لهذا الكيان رغم كل عمليات القتل والإبادة”.
وقال: “التاريخ والشعب يُحمِّل العرب قادةً وحكّاماً وشعوباً مسؤولية ما سيحصل غداً، والذي لن يستثنيهم. ان الشعوب العربية تقف اليوم إلى جانبكم في اتخاذ القرار المناسب لإفشال هذه المؤامرة والضغط على الولايات المتحدة وحلفائها لإنقاذ نساء وأطفال غزة من جرائم الابادة التي يرتكبها العدو بقطع إمدادها بالنفط وقطع علاقات الدول المطبّعة مع العدو”.
وطالب “المنظمات الدولية المعنية بتقديم المساعدات والمسارعة في القيام بإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة بشكل عاجل الذي يحتاج لكل شيء وإنقاذ المرضى والمصابين جراء العدوان البربري والهمجي الإسرائيلي والقيام بواجبها في حماية أماكن العبادة الاسلامية والمسيحية التي تستبيحها آلة العدوان للعصابات الصهيونية وتطال المدنيين والصحافيين بشكل متعمّد، ما يشكّل جرائم حرب موصوفة وانتهاكاً للقانون الدولي، ونطالبها بإدانة هذه الجرائم البربرية التي طاولت قرى لبنانية حدودية تواجهها قوى المقاومة بكل شجاعة وقوة ويرتفع معها شهداء دفاعاً عن سيادة لبنان”.
وأعلن “انّ كل هذه الجرائم والبقاء على الحصار والتهديد لكل عناصر الحياة الذي يطال البشر والحجر في غزة يستدعي أيضاً من المراجع الروحية الاسلامية التداعي لعقد قمة إسلامية روحية على مستوى العالم العربي على الاقل للبحث في ما يمكن القيام به دفاعاً ونصرةً لفلسطين ودفعاً للأخطار التي تهدد البلدان العربية والاسلامية الأخرى.“
وقال: “أيها اللبنانيون، إننا اليوم وفي هذه الظروف الاستثنائية والمصيرية مدعوون جميعاً إلى تقوية الجبهة الداخلية وتوحيد الموقف الوطني لنتمكن من مواجهة تداعيات الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة التي لن تقتصر على القضية الفلسطينية فلن يكون لبنان بمنأى عنها، ولذلك فلينصبّ الجهد اليوم على تحقيق التوافق لما فيه المصلحة الوطنية التي تفرضها الظروف التي تمرّ بها المنطقة لحماية لبنان الذي يفرض انتخاب رئيس للجمهورية يستطيع التعامل مع هذه الظروف والخروج من الحسابات الشخصية والطائفية والحزبية التي تطيل أمدَ الفراغ وترهن البلد للمصالح الدولية وتعرّضه للأخطار”.
وأكد “انها لحظات تاريخية تحتاج لموقف وطني مسؤول، إننا نحيي النشاطات التي تقوم بها الهيئات الشعبية من مظاهرات وندوات تؤيد وتناصر الشعب الفلسطيني وتندّد بما يتعرّض له في غزة والضفة الغربية وتفضح للرأي العام العالمي حقيقة ما يقوم به العدو من ارتكابات وأضاليل، وندعوها أن تحرص على سلمية التعبير والالتزام بالقانون وعدم التعرض للأملاك الشخصية والعامة، والتنبّه الى العناصر المندسة التي تريد التشويه والاساءة الى هذه النشاطات والى القضية الفلسطينية بالتخريب والاساءة لتأليب الرأي العام والاضرار بالقضية”. إننا ندين كل عمل تخريبي ونعتبره إساءة لقضية الشعب الفلسطيني المحقة ونطالب القوى الأمنية بالقيام بمسؤوليتها للحفاظ على الأمن والممتلكات العامة والخاصة.
============ ن.م
مصدر الخبر
للمزيد Facebook