آخر الأخبارأخبار محلية

هواجس وتحذيرات.. هل يتفق اللبنانيون على مقاربة موحّدة لأحداث الحدود؟

 
عندما أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إطلاق معركة “طوفان الأقصى” صباح السبت الماضي، “تقاطعت” معظم القوى السياسية اللبنانية على الإشادة بالعملية “النوعية” التي أنهت عمليًا “أسطورة” الجيش الذي لا يُقهَر، وغيّرت المعادلات التي لطالما قامت عليها كلّ الحروب الإسرائيلية ضدّ الفلسطينيين، ولو أنّ هناك من خرج ليطرح علامات الاستفهام حول آفاق العملية، وتداعياتها المستقبليّة على عملية السلام.

Advertisement

 
ولكن، بالتوازي مع الترحيب والتنويه بالعملية الفلسطينية، بدا أنّ دخول لبنان على خطّ “طوفان الأقصى” شكّل “الهاجس” بالنسبة للعديد من القوى السياسية الداخلية، التي سارعت للتحذير من “توريط” البلد في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، وفق تعبيرها، ولتنبيه “حزب الله” من مغبّة الانضمام إلى المعركة، تحت شعار “وحدة الساحات”، خصوصًا بعد دعوة كتائب القسام صراحة فصائل المقاومة لخوض المعركة معها، جنبًا إلى جنب.
 
لم يطُل الوقت، حتى “اشتعلت” الجبهة اللبنانية الجنوبية، ولو أتى ذلك على دفعات، بدءًا من عملية “حزب الله” في مزارع شبعا التي اعتُبِرت “رسالة” في المقام الأول، وصولاً إلى العملية التي تبنّتها سرايا القدس، وأعقبها قصف إسرائيلي أدى لاستشهاد عناصر في “حزب الله”، مرورًا بالصواريخ التي أطلِقت من الجنوب، فكيف يقارب اللبنانيون كل هذه الأحداث المتسارعة في غمرة استحقاقاتهم المؤجّلة، وهل يتفقون على مقاربة “موحّدة” لها؟!
 
حماسة “متفاوتة”
 
قد تكون من المرّات النادرة التي يتفق فيها معظم اللبنانيين على رأي “واحد” إزاء الملف الفلسطيني تحديدًا، خلافًا لانقسامهم المعتاد بين مؤيدين للمقاومة ومناصرين لها من جهة، ومشكّكين بأجنداتها من جهة ثانية، ولو أنّ اللبنانيين يتقاطعون بصفة عامة على “ثوابت” يفترض أن تكون واحدة لجهة اعتبار الكيان الإسرائيلي عدوًا، ورفض مبدأ “التطبيع” معه، أقلّه قبل أن تسلك طريقه كلّ الدول العربية، وتتحرّر كل الأراضي المحتلة.
 
لكن، رغم التقاطع على الوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية في عملية “طوفان الأقصى”، التي بدت للوهلة الأولى عصيّة على الاستيعاب والفهم، وإن حملت بين طيّاته “فشّة خلق” للكثير من اللبنانيين كما الفلسطينيين، كان واضحًا أيضًا منذ اللحظة الأولى وجود “تفاوت” في “الحماسة” إزاء هذه المعركة، بين فريق وجد نفسه جزءًا لا يتجزأ منها، وفريق آخر اكتفى بالتعاطف والتضامن، معطوفين على رفض اعتبار ما حصل “قضيته”.
 
من هذا المنطلق، كان لافتًا حرص فئة من اللبنانيين على التأكيد على وجوب “تحييد” لبنان عن المعركة منذ اليوم الأولى، باعتبار أنّ الإنجاز الذي تحقّق هو فلسطيني بامتياز، ويجب أن يبقى كذلك، وأنّ “توريط” لبنان في الحرب لن يكون لا في مصلحة اللبنانيين، الذين آخر ما يريدونه في هذه المرحلة هو الانغماس في حرب تفاقم الأزمات المعيشية، ولا في مصلحة الفلسطينيين أنفسهم، وقضيتهم المبدئية النبيلة والمحقّة.
 
ما بعد “اشتعال الجبهة”
 
لكن، إذا كان هناك من يحبّذ رفع شعار أنّ ما بعد معركة “طوفان الأقصى” ليس كما قبلها، في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإنّ هناك على الصعيد اللبناني، من يحلو له رفع شعار موازٍ قوامه أنّ ما بعد “اشتعال الجبهة الجنوبية” ليس كما قبلها، وبالتالي فإنّ النظريات والفرضيات التي طُرِحت في اليوم الأول، ما عادت صالحة للاستخدام في الأيام التالية، خصوصًا بعد القصف الإسرائيلي الذي أدّى لسقوط شهداء من “حزب الله”.
 
هنا، يظهر الانقسام في المقاربة اللبنانية بوضوح، فثمّة فريق كان متحمّسًا أصلاً للانغماس في المعركة، انطلاقًا من رفض الوقوف على الحياد على خطها، بات يعتبر أنّ لبنان أضحى جزءًا من المعركة، شاء من شاء وأبى من أبى، ولا سيما أنّ القصف الإسرائيلي لمناطق لبنانية يشكّل انتهاكًا فاقعًا لكلّ القوانين والأعراف، ولا يمكن السكوت عليه، كما أنّ “حزب الله” لا يمكنه “تمرير” قتل عناصره بلا “ثمن” يجب أن يكون “ثقيلاً”، وفق هؤلاء.
 
في المقابل، ثمّة فريق من اللبنانيين يعتبر أنّ أيّ “مغامرة” قد تفضي إلى حرب لن تفيد في هذه المرحلة، بل يرى أنّ على “حزب الله” أن يضبط الجبهة الجنوبية، ويسيطر على انفعالاته وعواطفه، وأن يكتفي بالمساندة “المعنوية”، علمًا أنّ بين هؤلاء من يرفض السماح للفلسطينيين بإدخال لبنان في أتون معاركهم، كما حصل في عملية “سرايا القدس”، ولا سيما أنّ فاتورة أيّ حرب ستكون كبيرة، في ظلّ الانقسام اللبناني المضني على كل المستويات.
 
هو الانقسام اللبناني يتجلّى بوضوح في مقاربة أحداث الجنوب. بين اللبنانيين من يرى أنّ الانغماس في “طوفان الأقصى” ليس ترفًا، فالمعركة وجوديّة، ولا بدّ أن يكون لبنان جزءًا منها. وبينهم من يرى في المقابل، أنّ الأولويّة في مكان آخر، وأنّ الحرب في ظلّ هذه الظروف ستعمّق الأزمة، بل المأساة. وبين هؤلاء وأولئك يبقى التحدّي الأكبر أن “يتّحد” اللبنانيون في المواجهة، ولا سيما أن الجنوب بات في قلب المعركة، بشكل أو بآخر!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى