هل تتمكن باريس من تحسين صورتها لبنانياً؟
تعرضت فرنسا لنكسات متتالية في لبنان، ولعل أهمها كان الفتور الكبير الذي سيطر على علاقتها مع القوى المسيحية التي كانت، تاريخياً، الحليف الأول لباريس، والمساعد الأساسي لها في تطبيق سياساتها والحفاظ على مصالحها ضمن التقسيمات التقليدية اللبنانية، لكن التراجع الحالي ساهم من دون ادنى شك في إضعاف الدور الفرنسي الذي بات غير قادر على التأثير الحقيقي…
وجد الفرنسيون أن تقاربهم مع “حزب الله” سيؤدي الى خسارتهم لحلفهم التقليدي مع المسيحيين، من دون أن يترافق هذا الأمر مع جعل “حزب الله” حليفاً صلباً، اذ ان للحزب حلفاء اقليميين وعمقاً حيوياً لن يستبدله بفرنسا، مهما تعاظمت المصالح، وهذا يعني أن الواقعية السياسية الذي تعاملت بها باريس في الملف اللبناني لم تكن فعالة، إلا في جعلها طرفا قادرا على التواصل مع الجميع.
لا تستطيع باريس الإصطدام مع “حزب الله” كما تفعل الولايات المتحدة الاميركية، أولاً لأن حضورها الإقليمي لا يوازي الحضور الاميركي،وثانياً لأن مصالحها في لبنان باتت اليوم إقتصادية أكثر من كونها سياسية، وعليه فإنها ترغب بالإستفادة من لبنان لا الإستثمار المالي فيه بهدف الحصول على مردود سياسي وشعبي، وعليه إذا كان هذا الأمر يتطلب منها مراعاة الحزب، فليكن.
لكن فشل المبادرة الفرنسية، وان لم يكن بسبب عوامل داخلية فقط، أوحى للفرنسيين بضرورة مراجعة أدائهم السياسي مع القوى السياسية في لبنان، لذلك فإن من إلتقاهم المبعوث الفرنسي ووزير الخارجية السابق جان إيف لودريان في زيارته الاخيرة اجمعوا على ان الرجل كان أكثر حرصاً على مراعاة القوى المسيحية وعدم إستفزازها، حتى انه أكد عدم دعم باريس لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
من الواضح أن فرنسا ترغب في إستغلال مرحلة إنكفائها لتحقيق امرين، الاول هو إستعادة التوازن لموقعها السياسي في لبنان من خلال نسج علاقات جيدة من جديد مع الأحزاب والرأي العام المسيحي، والثاني هو انتظار فشل المساعي التي سيقوم بها نظراء باريس الاقليميون والدوليون لإيجاد حل في لبنان، وبعدها ستعود فرنسا وإستراتيجيتها السياسية الى الواجهة كمدخل وحيد للتسوية..
مصدر الخبر
للمزيد Facebook