آخر الأخبارأخبار محلية

هذا ما على باسيل أن يوعز به إلى وزرائه

ليس ما هو أسهل من الانتقاد لمجرد الانتقاد، هو ألا يُقدم المرء على فعل أي شيء لتغيير ما يشكو منه. والأدهى من هذه الحال، التي تُعتبر قمة في السلبية، أن يحاول هؤلاء المنتقدون رمي المسؤولية دائمًا على الآخرين، وأن يبتعدوا قدر الإمكان عن تحمّل أي مسؤولية من أي نوع كان، بل يكتفون بـ “غسل أيديهم من دماء الصدّيقين”. وبذلك يكونون، من حيث يدرون أو لا يدرون، مشاركين أكثر من غيرهم في مشروع إيصال البلد إلى ما وصل إليه من حال أصاب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس صفير حين وصفه بأنه أصبح غريبًا عن ذاته، أي أنه لم يعد كما كان من قبل. وعندما يصبح أي بلد غريبًا عن ذاته فهذا يعني أن هويته ستصبح مهدّدة بالضياع. وعندما تضيع الهوية يُفقد الشعور بالانتماء الوطني.

هذه هي حال بعض الذين لا يريدون أن يتحمّلوا أي مسؤولية، ويكتفون بتصويب سهامهم نحو صدور الذين قرّروا أن يتحمّلوا المسؤولية كاملة، ولو على حساب أعصابهم وراحتهم. ومن بين هؤلاء الذين لا يرون سوى القشّة في عيون الآخرين ويتغاضون عن الخشبة، التي تعمي بصرهم وبصيرتهم، رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي أطّل على محازبيه في البترون في عشائهم السنوي. ومن بين الذين انتقدهم “أشباح” “سمحوا من اوّل يوم بالـ 2011 لأزمة النزوح انها تصير وتتفاقم، وسكتوا وتواطؤا بأوّل موجة واعتبروا النازحين رافدا عسكريا وانتخابيا وديمغرافيا لهم بمواجهة النظام بسوريا و”حزب الله” بلبنان. حاولنا ننسى طلعاتهم على عرسال ومواقفهم انو النازحين ما بيرجعوا على سوريا ولو على جثتهم، وننسى اعمالهم بمنع احصاء النازحين وتسجيل الولادات ومنع خطط عودة النازحين؛ ولكن ذكّرونا بحالهم بالموجة الثانية، يلّي هي اقتصادية وبس، ما فتحوا تمّهم لمّا طالبنا من اسبوع بتسكير الحدود برّاً! عاملين العكس! فاتحينها برّاً بالدخول، ومسكّرينها بحراً بالخروج؛ استحلينا نسمع منهم كلمة عن النازحين بخطاب سنوي مدّته ساعة! بس مسبّات– ومش كأنو في جريمة متجدّدة بحق الكيان اللبناني ووجوده”!
فإذا كان نائب البترون حريصًا على معالجة مضاعفات ما يسبّبه هذا النزوح فما عليه سوى الإيعاز إلى وزرائه للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء غدًا، التي ستخصّص حصريًا لدرس أنجع الطرق لوقف هذا النزف، من خلال ما تشهده الحدود الشمالية والشرقية من عمليات تسّلل منظّمة، بحيث يتمكّن عدد غير قليل ممن لا تُعرف هوياتهم أو أسماؤهم أو انتماؤهم من التغلغل داخل القرى والبلدات، التي يتكاثر فيها النازحون السوريون.
فبهذه الطريقة يكون النائب باسيل، المجدّدة ولايته “الرئاسية” لـ “التيار العوني”، مشاركًا كما غيره من المكّونات السياسية في المساهمة إلى جانب الحكومة والقوى الأمنية في تحمّل جزء يسير من مسؤولية يجب أن تكون مشتركة ومعمّمة. فهذه المعضلة الوجودية تطال الجميع من دون استثناء، وليس فقط فئة محدّدة من اللبنانيين، لأن هؤلاء النازحين موجودون في ألف قرية وبلدة، من جنوب لبنان إلى شماله، ومن سهله إلى ساحله مرورًا بالجبل، أي أنهم موجودون، وبكثرة، في كل لبنان، وأن أي أذى قد يتأتى من فوضى هذا الوجود قد يصيب الجميع في حال لم يتم تداركه مسبقًا.  
هذا هو الواقع، الذي يجب أن يكون من بين الاولويات بعد أولوية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فهذا “الرئيس الفدائي” عليه مع جميع المكونات اللبنانية، التي توافقت على انتخابه على أساس أن الأمن أولوية من بين أولويات اقتصادية وحياتية واجتماعية كثيرة. وعليه، فإن أزمة النزوح بنسختها الجديدة تتطلب معالجات مطلوب من الجميع، بمن فيهم وزراء باسيل، وبالأخص وزراء الدفاع الوطني والعدل والخارجية والشؤون الاجتماعية، المشاركة في تحمّل هذه المسؤولية، التي يتوقف عليها مستقبل لبنان بكيانه الحالي، بالتوازي مع ما يلزم من اتصالات تجريها المراجع المعنية في وزارة الخارجية والمغتربين مع الأمم المتحدة لمواكبة أي خطة داخلية، وتسهيل ما يمكن أن يقوم به الجيش من خطوات على الحدود.  


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى