الأسعار تضاعفت مئات المرات.. ماذا عن الرواتب؟
اعتباراً من اليوم يُنهي لبنان دعم الخدمات العامة بانضمام قطاع الاتصالات الى التسعيرة الجديدة التي تضاعفت 7 مرات. وبذلك ستنضم فاتورة الانترنت الجديدة الى اسعار فواتير الكهرباء والمياه والمحروقات والاستشفاء والتعليم وبقية الخدمات العامة التي تضاعفت مرات عدة، لكن في المقابل بقيت الزيادة على الراتب خجولة، فهل من تقدير وسطي للحد الادنى للاجور المطلوب ليتمكن المواطن من العيش بالحد الادنى من الخدمات؟
بعدما كانت «اوجيرو» المتنفّس الوحيد في ظل الغلاء الفاحش الذي طال كل القطاعات والمرافق العامة والخدمات والسلع، تنضم الاتصالات اليوم الى التسعيرة الجديدة لتتماشى مع سعر الصرف الجديد. ولو ان الزيادات التي لحقت باسعار خدمة الانترنت مُحقة ومبررة الا ان رواتب الغالبية من اللبنانيين لم تلحظ بعد زيادات تسمح بالتنعّم بخدمات الحد الادنى من المعيشة.
فبعد ارتفاع فواتير الكهرباء المليونية لم ينعم اللبناني بعد بساعات تغذية اضافية ولا يزال غير قادر عن الاستغناء عن اصحاب المولدات الخاصة، ورغم ارتفاع فواتير اشتراكات المياه لا تزال المياه مقطوعة عن غالبية المنازل بحجة عدم توفر المازوت في حين هي تتوفر لدى اصحاب الصهاريج الذين يشترونه من الدولة ويبيعونها للمواطن بالدولار وهؤلاء ايضا لا يمكن الاستغناء عنهم. اما عن خدمة الاتصالات والانترنت فمن المعلوم ان خدمات اوجيرو لا تطال كل المناطق حتى تلك القريبة من بيروت وان كانت التعرفة الجديدة لأوجيرو المفروضة بالليرة اللبنانية عادلة الا انّ الغالبية التي لا تصلها هذه الخدمة ستضطر الى تأمين خدمة الانترنت من الشركات الخاصة التي تجبر مشتركيها على دفعها بالدولار باسعار مضاعفة عن تلك التي تقدمها اوجيرو، وفي هذه الحالة ايضا لا يمكن الاستغناء عن هذه الشركات. في كل الاحوال لا من يراقب ولا من يحاسب الا انّ على المواطن ان يدفع الفواتير مضاعفة. فإلى اي مدى سيكون بمقدور المواطن ان يتناغم مع نمط العيش هذا خصوصا ان راتبه لم يرتفع ليغطي حاجاته الاساسية؟
في السياق، يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ»الجمهورية» ان الرواتب زادت بالليرة عما كانت عليه قبل الأزمة الا ان التوازن بين حاجات المواطن الاساسية ومدخوله لا يزال غير متوفر، اي اننا لا نزال بعيدين عن ذلك، مذكّراً بأن رواتب القطاع العام زادت 7 مرات، وان بعض الشركات في القطاع الخاص لجأت الى دولرة جزء من الراتب او زيادته مرة او اثنين لتتراوح ما بين 15 الى 20 مليونا.
وفي مقارنة سريعة بالارقام، اورد شمس الدين الآتي:
كانت قيمة فاتورة المياه قبل الأزمة 300 الفا، اي نحو 200 دولار وهي ارتفعت مع الأزمة الى 932 الفاً ووصلت راهنا الى 4 ملايين و200 الف، اي انها زادت 13 مرة.
بالنسبة الى الكهرباء، فاتورة المنزل التي كانت تصل الى 25 الفا لدى استهلاك 250 كيلوات/شهر، اضحت اليوم 5 ملايين و 900 الفا اي بزيادة 23500 %
سعر صفيحة البنزين بعدما كانت 25 الفا أضحت مليوناً و 800 الف اي بزيادة 7120 %.
كلفة خدمة الموقف parking بعدما كانت 2000 ليرة الى 5000 ليرة اضحت اليوم لا تقل عن 300 الف ليرة.
ولدى احتساب هذه الفواتير بين الامس واليوم وفق سعر الدولار في السوق السوداء، من الملاحظ انّ بعضها ارتفع بالليرة اللبنانية انما هو فعلياً لا يزال اقل لدى احتسابه بالدولار مثل فاتورة المياه التي كانت قبل الأزمة 300 الفا اي ما يوازي 200 دولار في حين باتت اليوم نحو 4 ملايين و200 ليرة اي حوالى 50 دولارا.
في المقابل هناك بعض السلع والخدمات التي زاد سعرها بالدولار مثل سعر صفيحة البنزين، فبعدما كانت حوالى 17 دولارا هي اليوم بـ 20 دولارا وأكثر.
وتطرّق شمس الدين الى غلاء أقساط المدارس الخاصة التي وفقاً لدراسة اجرتها الدولية للمعلومات شملت 30 مدرسة ستتراوح الاقساط خلال هذا العام بين 450 دولاراً و4000 دولار، وبالليرة اللبنانية من 10 ملايين الى 100 مليون ليرة وذلك باختلاف المدرسة واختلاف المنطقة.
وأسف شمس الدين انه رغم ارتفاع بعض الاسعار ما بين 100 و 120 مرة لم تزد الاجور بأحسن الاحوال أكثر من 10 مرات، ما يثبت ان هناك هوة كبيرة بين زيادة الاجور وارتفاع الاسعار وقليلة هي المؤسسات التي دَولرة الرواتب وحافظت على قيمتها.
وردا على سؤال، اعتبر شمس الدين ان الحد الادنى للاجور يجب ألا يقل عن 45 مليونا وليس 9 ملايين ليرة المعمول به راهناً، على انّ هذا المبلغ بالكاد يكفي لتلبية حاجات المواطن الاساسية.
على من تقع المسؤولية؟
حمّل شمس الدين المواطن اللبناني وحده مسؤولية ارتفاع الاسعار بهذا الشكل الفاحش لأنه يقبل بها ولا يعترض رغم انّ ذلك من حقه، فهو يقبل بأن يدفع 600 الف ليرة كثمن موقف في بيروت من دون ان يعترض علماً ان الشركات الخاصة تستبيح الطرقات العامة وتسلب المواطن ثمن الوقوف. فالمواطن يتغاضى عن المحاسبة وتحصيل حقوقه.
والأمر سيّان بالنسبة الى المدارس الخاصة التي تستغل توقف التعليم في المدارس الرسمية لترفع اسعارها، متسائلاً لماذا لا يتخذ الاهالي موقفا موحدا من مقاطعة المدارس الخاصة فتتراجع الاقساط فوراً.
كذلك عندما يقبل اللبناني بشراء الخضراوات من متجر بأسعار تفوق اسعار السوق، فهو يشجّع على عمل هذا التاجر بدلاً من ان يقاطعه.
ورأى شمس الدين ان المواطن وحده المسؤول عن كل ما نعيشه من مأساة في هذا البلد لأنه قبِل بأن تُستباح امواله وحقوقه واملاكه ولا يُقدم على المحاسبة.
ايفا ابي حيدر – الجمهورية
مصدر الخبر
للمزيد Facebook