آخر الأخبارأخبار محلية

هل سلّم باسيل كل أوراقه دفعة واحدة وماذا عن الشرط التعجيزي؟

عندما استدار رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل 180 درجة، ووقف مع قوى “المعارضة” في دعم ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور لرئاسة الجمهورية، لم يكن يقصد بالطبع أن يكون جزءًا مكمّلًا لهذه القوى. وهذه القوى كانت مدركة للامر، وفي مقدمها حزب “القوات اللبنانية”، الذي تمايز في أي اندفاعة غير مضمونة النتائج لما يمكن أن يكون عليه الموقف النهائي لباسيل، الذي أراد من خلال تموضعه في “خندق” المواجهة مع “حزب الله” توجيه أكثر من رسالة سياسية في اتجاه “حارة حريك”، خصوصًا أنه كان يعرف مسبقًا أن مرشح “المعارضة” لن يتمكّن من تخطّي عتبة الـ 65 صوتًا، وذلك بعدما اعتمد “تكتيكًا” لم ينطلِ كثيرًا على “المجرَّبين” في هذه القوى، من خلال عدم “صبّ” كل أصوات تكتل “لبنان القوي” في خانة ازعور.

هذه الرسائل تلقفها “حزب الله” سريعًا، ولم يتأخر في “استثمارها” سياسيًا، حيث أوفد أمينه العام السيد حسن نصرالله الحاج وفيق صفا إلى “ميرنا الشالوحي” لترطيب الأجواء مع باسيل، الذي تجاوب مع هذه المساعي، وذلك من خلال إعطائه توجيهات فورية إلى “الجيش الالكتروني العوني” بوقف الحملات على “الحزب”، والتي كانت قد بلغت مرحلة متقدمة من حيث التعابير، التي استخدمت، وهي تعابير لم يسبقهم إليها أحد حتى من قِبَل أشدّ الناس عداء لـ “حزب الله”.  
ومقابل هذه الخطوة التي قام بها باسيل، والتي لم تلاقِ الصدى الإيجابي لدى بعض المغالين في “التيار”، والذين كانت لهم ملاحظات حول هذه “الاستدارة الباسيلية”، كان لـ “حزب الله” أكثر من لفتة إيجابية في اتجاه ما أبداه باسيل من ليونة عكستها مواقفه اللاحقة. من أبرز هذه الإيجابيات وقوف “حزب الله” إلى جانب “التيار” في رفضه تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان خلفًا لرياض سلامة من خلال مجلس الوزراء.
وعليه، فإن ما يتوقعه المراقبون لن يتأخر ظهور نتائجه في القريب العاجل، وإن كان البعض لا يزال يراهن على أن باسيل لم يحسم أمره النهائي بعد، وهو وإن بدا في مواقفه الأخيرة في عشاء “التيار” في المتن “طوباويًا” زيادة عن اللزوم. ولكن هذه الإيجابيات في العلاقة المتجدّدة بين “ميرنا الشالوحي” و”حارة حريك” لن تكون بالضرورة تسليم باسيل كل أوراقه دفعة واحدة، وهو الذي قَبل المقايضة بالست السنوات المقبلة بما يمكن وصفه بـ “الشرط التعجيزي”، أي قبول “حزب الله” باللامركزية الإدارية الموسعة، وكأنه أراد أن يقول بطريقة غير مباشرة بأن من يعرقل السير بهذه اللامركزية هو “حزب الله” بالتحديد.  
ويذهب البعض في تفسير هذه “التكويعة” إلى حدّ التشكيك بنوايا باسيل تجاه “حزب الله”، خصوصًا أنه يعرف مسبقًا ما يعنيه موضوع اللامركزية بالنسبة إلى “حارة حريك”، إذ أن هذا المطلب لم يتحقّق طيلة عشرات السنين فهل يمكن تحقيقه في أقل من شهر، أي قبل عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت في أيلول.
ولأنه يعرف تمام المعرفة صعوبة تحقيق شرطه، الذي يصفه بعض الواقعيين في “حزب الله” بأنه “تعجيزي”، ذهب باسيل في طرحه الرئاسي بعيدًا، معلنًا استعداده بالتضحية بالسنوات الست الآتية، من دون أن يعني ذلك تسليمه كليًا بمبدأية قبوله بالسير في انتخاب رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية.
فـ “حزب الله” ليس “ابن مبارح” في السياسة، وهو الذي خبر نوايا باسيل، سواء عندما كان في السلطة أو عندما خرج منها، وهو يعرف بالتالي كيف يتعامل مع كل ظرف بظرفه.
ولكن ما هو أكيد، في رأي بعض الأوساط المراقبة، أن شهر آب سيكون مخصصًا لبلورة الأفكار في انتظار عودة لودريان وما يمكن أن يطرحه من أفكار قد تكون قد نضجت لدى الإدارة الفرنسية، بالتنسيق والتشاور مع مختلف أطراف اللجنة الخماسية.   


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى