صيرفة باقية والدولار على حاله.. معالم المرحلة المُقبلة لن تتأثر بغياب سلامة
يبدو أنّ القلق أمسى حالة مشتركة عند جميع اللبنانيين، لا بل يمكن القول انه اصبح أحد الأنواع المرضية الملازمة للمواطنين اللبنانيين والتي تظهر عوارضها عند كل استحقاق جديد او اشكالية جديدة سياسية كانت ام اقتصادية.
وفي هذا الاطار، يبدو ان ما حصل في الأيام الأخيرة الفائتة من محاولات لملء الفراغ الذي سيخيّم على “المصرف المركزي” بعد مغادرة الحاكم الحاليّ رياض سلامة منصبه، ترك الف علامة استفهام عند المواطنين الذين جلّ ما يريدونه هو الا يضيق الخناق الاقتصاديّ على رقابهم بشكل اضافي.
وحقيقة الأمر، ان محاولة تعيين بديل لسلامة لم تأتِ من باب الترف السياسيّ كما انها لم تأتِ ايضاً من باب محاولة الايحاء ان الأمور في البلاد يمكن ان تستقيم في ظل وجود رئيس للجمهورية او في ظل عدم وجوده، انما اتت لاقفال الطريق على المزيد من الفراغات القاتلة، لاسيما ان المخرج القانونيّ الوحيد المتمثل في استلام النائب الأول لسلامة وسيم منصوري، لم يكن متوفراً وهذا ما تم التعبير عنه من خلال بيان التلويح بالاستقالة الشهير.
أمام هذا الواقع، أكد مصدر متابع لـ“لبنان24” أن “الأمور تتجه نحو الحلحلة، فجميع المعنيين بالملف المالي والنقدي ومن خلفهم مختلف القوى السياسية، عاينوا خطورة المرحلة ودقتها، لذلك يبدو من الواضح ان تراجع نواب الحاكم عن فكرة الاستقالة، بات هو السيناريو الوحيد المُرجح، علماً ان اي استقالة ممكنة لا يمكن ترجمتها بشكل فعليّ، اذ ان اي نائب من النواب الـ4 وبحال قدّم استقالته سيتم وضعه امام الأمر الواقع وذلك من باب التكليف بتصريف الأعمال”.
وأضاف: “مما لا شك فيه ان المسؤولية كبيرة وليست سهلة أبداً، وهنا سيكون المجال متاحاً الى حدً كبير امام نواب الحاكم وسيم منصوري،بشير يقظان، سليم شاهين وألكسندر مراديان ليثبتوا جدارتهم في ادارة الشؤون النقدية والمالية، علماً ان لكل واحد منهم كفاءة وخبرة كبيرة يشهد له فيها”.
واعتبر المصدر أن “بعض الأخبار المتداولة عن سيناريوهات مرتبطة بالاستقالة هي غير صحيحة الى حدّ كبير، وهذه الاخبار يمكن وضعها في لعبة شدَ الحبال في الدقائق ما قبل الأخيرة وذلك بهدف تحصيل أفضل الشروط الممكنة لادارة المرحلة التي ستلي سلامة، لاسيما ان لنواب الحاكم طلبات متعلقة بتشريع الصرف من الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان، وهذه عملية قد تتطلب انعقاد جلسة نيابية بالاضافة الى مسار قانونيّ محدد حتى يتم بلوغ الهدف المرجو”.
وفي سياق متصل قال المصدر إن “القلق الذي راود اللبنانيين في الأيام الاخيرة غير مبرر الى حدّ ما، فالانهيار الكبير ان صح التعبير وقع، وسعر صرف الدولار لن يتأثر مباشرة بخروج سلامة، انما هناك مجموعة عوامل دقيقة تحدد مساراته بعضها اقتصادي وبعضها الآخر سياسي، ومن المُتوقع الا يشهد سعر صرف الدولار في الفترة الزمنية القريبة المدى اي تغيير يُذكر، وذلك بفعل التدفقات المالية التي تنتج عن الموسم السياحي والتي كما هو متوقع ستدوم لبضعة اشهر، وبالتالي يمكن القول ان الدولار لن يتأثر مباشرة بانتهاء ولاية سلامة، كما ان الثبات الذي شهدناه منذ فترة سيستمر وذلك بفعل المجهود الذي تم القيام به مالياً وادارياً ايضاً عبر السلطة السياسية التي تحاول قدر المستطاع وفي مرحلة تصريف الأعمال تخفيف الاعباء المعيشية على المواطنين”.
أما في ما يتعلق بـ” منصة صيرفة”، فجزم المصدر “انها مستمرة ليس في المدى المنظور وحسب انما على المدى الطويل وطالما ان لها الامكانية والقدرة على “دوزنة” السوق الى حدّ ما وعلى منع انهيار رواتب القطاع العام بنسبة 100%”، وأضاف: “نواب الحاكم يدركون تماماً، وعلى الرغم من بعض علامات الاستفهام المحقة، الدور الذي تؤديه صيرفة كما انهم يدركون ان البلاد تمر في حالة من الفراغ غير المسبوق، فرئاسة الجمهورية تعيش الشغور منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون والحكومة تمرّ في مرحلة من تصريف الاعمال الدقيقة جداً والصعبة، اما المجلس النيابي فيبدو ان انعقاده للتشريع سيكون دائماً رهن بعض الكتل النيابية التي تحلو لبعضها سياسات التعطيل ولبعضها الآخر سياسات رفع الصوت والشعبوية”.
وختم المرجع قائلاً: “بناء على ما تقدم، يمكن القول ان نواب حاكم المركزي يدركون ان تغيير السلاح في خضم المعركة قد لا يكون هو الاستراتيجية الملائمة لتحقيق بعض الانفراجات الاقتصادية التي يتمناها المواطن اللبنانيّ”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook