آخر الأخبارأخبار محلية

لودريان آتٍ… ولكن لا رئاسة ولا حوار

 
أعادتني كثرة الحديث عن عودة مرتقبة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان وما يمكن أن يحمله معه من حلول ممكنة للعقدة الرئاسية بمثل لبناني يتردّد كثيرًا عندما تسعى أي فتاة غير جميلة إلى تزيين نفسها، فيقال لها هذا المثل “شو بدّا تعمل الماشطة بالوجوه القاشطة”؟ 

وهذا المثل ينطبق اليوم على مهمة “الماشط الفرنسي”، الذي سيحاول بكل ما أعطي من قوة دفع رباعي وربما خماسي بعدما دخلت طهران على خطّ التسويات أن يجمّل الوجوه اللبنانية “القاشطة”.  

فلا هذا “الماشط” لديه مشط ساحر، ولا الوجوه اللبنانية “القاشطة” قابلة للتجميل. وهذا ما حاول القيام به أكثر من “ماشط” ماهر ولم ينجح في مهمته، لأن “دود الخلّ منّو وفيه”. فإذا لم يكن لدى هؤلاء اللبنانيين “القاشطة” وجوههم قابلية للتغيير فعبثًا يتعب “الماشطون” والناشطون وجميع الذين حاولوا أو سيحاولون تغيير ما في قوم ما لم يغيروا هم أنفسهم ما في نفوسهم. 

ومع هذا، فالجميع ينتظرون وصول لودريان في جولته الثانية المرتقبة بعد منتصف تموز الحالي، وهم جميعًا متوافقون، على ما يبدو، على ألاّ يتوافقوا على شيء إلا على الامعان في افقار من لم يفتقر بعد، وعلى اغراق البلاد في مشكلات تتوالد وتتكاثر مع كل طلعة شمس. 

في الزيارة الأولى للموفد الفرنسي قال هؤلاء الذين يحاولون الاختباء وراء أصابعهم ما يريدون قوله. أمّا لودريان فقد “صمغّت” أذناه لكثرة ما استمع إلى ما يجب أن يُقال وإلى ما لا يجب أن يقال. 

في زيارته الأولى أرادت فرنسا أن تقول من خلال موفدها إن لديها مبادرة – حل. أمّا القوى المسيحية فقالت لها إن هذا الحل “غير ماشي”، وإن عليها أن تفتش عن حل آخر يكون أكثر انسجامًا مع تاريخها وعلاقاتها المترسخة في أذهان اللبنانيين على أنها “الأم الحنون” للبنان. 

وبعدما راجعت باريس شركاءها الدوليين والاقليميين في الحل الممكن يبدو أنها ستنطلق اليوم من الدائرة الأولى أو من النقطة الصفر، سعياً لتجاوز الشغور الرئاسي. وعليه فإن الجميع في لبنان ينتظرون ما الذي سيقوله لودريان وراء الأبواب المغلقة، وما سيحمله في جعبته من جديد، وما إذا كان من اسم جديد سيعمل على تسويقه، أو هل سيدعو إلى طاولة حوار موسعة.  

وحول ما ستكون عليه مهمة لودريان فإن انسداد آفاق الحلول والمخارج تطرح علامات استفهام قوية حول قدرته على تجاوز العقبات والصعاب التي تواجه مهمته الرئاسية، ومحاولة إصلاح ما أفسده الدهر، خصوصًا أنه لم تبرز أي معطيات فرنسية رسمية تؤكد أو تنفي ما يدأب بعض الجهات السياسية والإعلامية في لبنان على ترويجه لجهة أجندة موفدها أو مضمون ما يمكن أن يحمله من أفكار وطروحات جديدة. ويبدو واضحاً أن هذه الجهات تحاول اسقاط رغباتها وتطلعاتها المعروفة على ما تريد للموفد الفرنسي أن يحمله، في حال صحت المواعيد التي تسربت لعودته أكثر مما هي معطيات مثبتة فرنسياً، خصوصًا في ظل هذا التضارب في اليومين الأخيرين عبر معلومات تؤكد أن لودريان سيزور الرياض في موعد قريب، ولكنه لن يحضر الى بيروت فوراً بعد هذه الزيارة. 

وحتى لو أتى فإن ما سيلاقيه في بيروت بات معروفًا، وهو يختصر أزمة عميقة لا حلّ لها في المدى المنظور، في ظل التفاوت الحاصل في المواقف المتناقضة بين هذا الفريق، الذي يدعو إلى الحوار ويُتهم بأنه يخبئ ما لا يمكن توقعه من مفاجآت، وفريق آخر لا يرفض الحوار من حيث المبدأ، ولكنه يقول إن من جرّب الجرّب يكون عقله مخرّبًا. 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى