شعب بكامله يعيش على المساعدات…اللبنانيون رهينة الدولار
هذا الواقع الذي فرضته الازمة المستمرة منذ العام 2019، فرض بدوره نمطا جديدا ومغايرا لما عاشه اللبنانيون خلال الـ30 سنة الأخيرة.
ففي السنوات المنصرمة، وبغض النظر عن صوابية او عدم صوابية السياسات الاقتصادية التي كانت متبعة، كان من الممكن ان يعيش اي مواطن لبناني في شيىء من الرخاء والبحبوحة، كما كان يمكن له ان يؤمن ما يشاء من متطلبات الحياة بطرق واساليب مختلفة.
اللبنانيون ودعوا زمن البحبوحة
وفي هذا الاطار، يرى البعض ان البحبوحة التي كانت تعيش فيها شريحة واسعة من اللبنانيين، كانت مزيفة وغير حقيقية وهي التي ادت الى الكارثة الاقتصادية التي نعيشها اليوم، فيما يرى البعض الآخر انه ليس من واجب المواطن ان يحدد السياسات الاقتصادية انما الاستفادة منها، وبالتالي لا يمكن توجيه اصابع الاتهام نحو المواطنين الذين لا علة فيهم، إن سعوا الى العيش في مجتمع ليبرالي ينتهج مفهوم الاقتصاد الحرّ والتطور والحداثة.
وفي نظرة سريعة الى الأمس القريب والبعيد، يؤكد مرجع اقتصادي لـ”لبنان 24″ ان اي “عائلة لبنانية كان يعمل فيها كل من الام والأب في متوسط دخل لا يتعدى الـ1000 دولار لكل واحد منهما، كان بامكانها تحصيل الامور التالية:
شراء شقة سكنية (الاسكان).
شراء سيارة جديدة من الوكيل (قروض مصرفية).
تأمين السلة الغذائية بمبلغ لا يتخطى الـ300 دولار شهريا.
تامين بدلات النقل ( صفيحة البنزين مدعومة).
الاستعانة بمساعدة منزلية.
التعليم للأولاد.
بالاضافة الى غيرها من التفاصيل الحياتية المرتبطة بالرفاهية وبحق الانسان بالعيش الكريم وبضرورة تحقيق الاهداف والطموحات المختلفة والمتعددة.
ويضيف المرجع ” ان المقاربة المشار اليها اعلاه، لا يمكن تعميمها على كافة المجتمع اللبناني اذ انه، ومنذ ما قبل اندلاع الازمة الاقتصادية الحالية، كان هناك مجموعة لا بأس بها من اللبنانيين الذين يعانون، لكن المفارقة ان حجم هذه المجموعة تضخم بشكل غير منطقي في السنوات الاخيرة، ما ادى الى تمدد حالة العوز والفقر بشكل كبير، ولا نبالغ ابدا ان قلنا ان هناك أكثر من 80% من اللبنانيين الذين اصبحوا فقراء بكل ما للكلمة من معنى، وفي هذا المجال تجدر الاشارة الى انه حتى الساعة لا أرقام ولا احصاءات دقيقة تحدد طبيعة الواقع الاقتصادي اللبناني”.
بين الدولار والليرة
وفي سياق متصل، يؤكد المرجع عينه ان “الأزمة الاقتصادية، ادت الى انقسام المجتمع اللبناني الى قسمين لا ثالث لهما، قسم أول ميسور وغني، وقسم ثان يبحث عن الالية الممكنة حتى يتمكن من تلبية الحدّ الأدنى من متطلبات الحياة.
وهذا التصنيف تم استخلاصه من باب المدخول المادي الذي يجنيه المواطن شهريا او سنويا، فالمواطن الذي يتقاضى راتبه او يؤمن مدخوله السنوي بالعملة الصعبة، وطبعا هنا لا نتحدث عن جزء من المدخول او نسبة منه، انما عن مدخول كامل بالدولار الأميركي، فانه من الطبيعي ان يتمكن من الاستمرار بحياته ومتابعة طموحاته واهدافة وسهراته ومختلف تفاصيل يومياته.
اما المواطن الذي ما زالت الليرة اللبنانية هي اساس دخله والذي ما زال مدخوله الشهري او السنوي مرتبط احتسابه بالواقع اللبناني فهو حتما تحوّل الى فقير من دون ان يقوم بالتراجع النوعي او الكمي على صعيد عمله”.
ويرى المرجع ان ” الفئة الثانية من اللبنانين والتي تمثل الشريحة الاوسع، باتت تعتاش من المساعدات والهبات المختلفة والمتعددة المصادر.
وهنا يمكن وضع المساعدات في خانتين اساسيتين:
مساعدات مباشرة تأتي من الابناء او الأقارب في الاغتراب، وهذا النوع من المساعدات الذي بدأ مرتفعا مع انطلاق الازمة أصبح متضائلا الى حدّ كبير بفعل الامد الطويل للأزمة، اذ ان المساعدات الشهرية التي يرسلها الاقارب الى كل عائلة من عائلاتهم باتت لا تتخطى الـ150 دولار أميركي بشكل عام.
أما النوع الثاني من المساعدات، فهو غالبا ما ياتي تحت عنوان المساعدات العينية، التي تقدمها الجمعيات والمؤسسات المختلفة وفقا لمفهوم “الاعاشة الغذائية” او المعونة الطبية او المتطلبات الموسمية، كالبطانيات والمازوت في الشتاء وغيرها من المساعدات التي تسلّم الى المواطنين الذين باتوا غير قادرين على رفضها او الهروب منها.
في المحصلة، قد يكون من المبكر دراسة أثر الازمة الاقتصادية على الحياة اللبنانية، اذ ان نتائجها ما زالت مستمرة ولا معالجة فعلية لها، لكن يمكن القول انه وبالحدّ الادنى تحوّل المجتمع اللبناني من مجتمع طموح الى مجتمع كامل متكامل يبحث عن المساعدات والهبات والتقديمات”.
المصدر:
لبنان 24
مصدر الخبر
للمزيد Facebook