آخر الأخبارأخبار محلية

الحركة الدبلوماسيّة والمبادرات الداخليّة… كيف سترتدّ على لبنان؟

خلال أسبوعٍ، شهد لبنان حركة دبلوماسيّة، من خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجيّة الإيرانيّة حسين أمير عبد اللهيان، ترافقت بموقف أميركيّ حازمٍ، أكّد أنّ على اللبنانيين إنتخاب رئيسهم. وقد لاقت المملكة العربيّة السعوديّة الدعوة الأميركيّة، فشدّد سفيرها لدى لبنان وليد بخاري في جولته على القيادات السياسيّة، على أنّ الرياض لا تتدخّل في الإستحقاق الرئاسيّ، وليس لديها مرشّح معيّن، في دلالة على أنّها لم تُبدلّ نظرتها، وهي لا تزال تُنادي بالتوافق داخليّاً على الرئيس، وأنّ لا يكون طرفاً سياسيّاً.

 
وترافقت هذه الحركة مع مبادرة قام بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على رؤساء الأحزاب والكتل النيابيّة، في مُحاولة لتقريب وجهات النظر، وجسّ النبض حول إمكانيّة الذهاب لحوارٍ، لإنهاء الأزمة الرئاسيّة.
 
في الشكل، هذه الجولات والزيارات والتصاريح تُعتبر إيجابيّة، لكنّها لا تُقدّم ولا تُؤخّر في إنهاء الشغور، فقد أتى الموقف السعوديّ ليُلاقي تصريح وزارة الخارجيّة الأميركيّة، ويرمي كرّة الإنتخاب في ملعب المجلس النيابيّ ، أيّ أنّ واشنطن والرياض تركت للبنانيين حريّة إختيار رئيسهم، بالحوار والتوافق في ما بينهم. ويعتبر مراقبون أنّ الإجماع الخارجيّ حول الملف اللبنانيّ لم يتحقّق بعد، وهو عقبة أساسيّة تقف أمام إنجاز الإنتخابات، فهناك جهّات داخليّة كانت تُعوّل على موقف سعوديّ واضح تجاه رئيس تيّار “المردة”، أمّا الآن، فإنّها ستُحافظ على حيادها، ولن تحسم موقفها، وستستمرّ بالإقتراع بورقة بيضاء أو بشعارٍ، أو لأحد المرشّحين السابقين لها، ما يعني أنّ لا خرق سيحصل لو دعا رئيس مجلس النواب نبيه برّي لجلسة جديدة.
 
ونتيجة لذلك، يرى المراقبون أنّ المبادرة الفرنسيّة لن يُكتب لها النجاح، وهي تمرّ بمرحلة حرجة، وقد تحترق في أيّ لحظة. وبينما كانت أوساط نيابيّة تضع آمالاً على زيارة عبد اللهيان لبيروت، للضغط على “حزب الله”، ودفعه للتراجع عن دعم فرنجيّة، جاء الموقف الإيرانيّ الرسميّ داعيّاً أيضاً لتحمّل اللبنانيين المسؤوليّة بانتخاب الرئيس. ولكن في المقابل، تقول الأوساط إنّ لكلام وزير الخارجيّة الإيرانيّة دلالات أخرى، وهي أنّه فوّض “الثنائيّ الشيعيّ” باختيار المرشّح وانتخابه، وطهران ستكون مباركة لأيّ رئيسٍ يُساهم “الحزب” و”حركة أمل” في وصوله، أيّ أنّ هذا الأمر سيُؤدّي إلى تمسّك حارة حريك وعين التينة برئيس “المردة” أكثر، والتشدّد بشروطهما بالذهاب للحوار لمناقشة ترشّيح فرنجيّة.
 
وفي ما يخصّ جولة بو صعب على الكتل النيابيّة، فإنّها لن تُساهم في أيّ خرقٍ، نظراً لأنّ الخارج غير موحّد وهو مختلف بين وصول رئيسٍ “ممانع”، وبين انتخاب شخصيّة إصلاحيّة وسطيّة، وهذا ينعكس على الأفرقاء في الداخل سلبيّاً. ويتضّح أنّ “حزب الله” لن يقوم بالتنازل عن ترشّيح فرنجيّة، وهو لا يزال يسعى لتوحيد النواب المنتمين لفريق الثامن من آذار. وفي هذا السيّاق، فإنّ أبرز عقبة أمامه تتمثّل بعدم حلّه للمشاكل العالقة بينه وبين النائب جبران باسيل، ما يُؤشّر إلى أنّه غير قادر على حشد الأصوات لمرشّحه، وهو سيأخذ البلاد إلى المزيد من الفراغ، ريثما يقتنع الخارج بفرنجيّة، ويضغط على النواب السنّة وكتلة “اللقاء الديمقراطيّ” من أجل السير به.
 
وفي مقلب “المعارضة”، فقد أبدت الأخيرة إرتياحاً لما صدر عن الخارجيّة الأميركيّة والسفير البخاري، واعتبر مراقبون أنّ هذا الأمر يخدمها بعدم إنتخاب رئيسٍ “ممانع” يُساهم في تعزيز سيطرة “حزب الله” على مفاصل الدولة، سياسيّاً وعسكريّاً. إلّا أنّ المراقبين يلفتون إلى أنّ “المعارضة” لا تزال تتخبطّ باختيار مرشّحها، وهي من يُعطي إشارات لفرنسا أنّها غير قادرة على إيصال رئيسٍ “سياديّ” – وسطيّ وإصلاحيّ، وهي من دفعت باريس لترشّيح فرنجيّة، وهي من رفعت حظوظه بعدم توصّلها إلى توافق في ما بينها بعد 7 أشهرٍ من إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.
 
ويعتبر المراقبون أنّ لبنان لم يتأثّر بعد بالتقارب السعوديّ – الإيرانيّ، وخير دليل على ذلك عدم تأييد الرياض لفرنجيّة، ما يُشير إلى أنّ لها مخاوفها من انتخاب رئيسٍ “ممانع” مرّة جديدة. كذلك، فإنّ إيران لم تُقدّم تنازلات بل تركت الحريّة لـ”حزب الله” لحسم الإستحقاق الرئاسيّ.
 
وأمام كل ما تقدّم، فإنّ الأزمة الرئاسيّة تُراوح مكانها، فالداخل لا يزال ينتظر أميركا وفرنسا والسعوديّة ومصر وقطر، فيما يتمسّك بشروطه التعجيزيّة، ويُصعّب مهمّة الخارج في التوافق. ويقول المراقبون إنّ اللبنانيين يُضيّعون فرصة جديدة لانتخاب رئيسٍ، من خلال عدم الإستفادة من التطوّرات في المنطقة، في الوقت الذي تتّجه فيه البلاد إلى المجهول، مع إقتراب ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من نهايتها.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى