معطيات وحقائق تكشف.. لماذا عجزت إسرائيل عن ردع صواريخ لبنان؟
ووفقاً لمحللين عسكريين وسياسيين وباحثين في الأمن القومي، فإن المؤسسة الإسرائيلية تخشى من أن يؤدي رد واسع – وتحديداً في جنوب لبنان- إلى مواجهة شاملة تفضي إلى توحيد الساحة اللبنانية مع جبهتي غزة والضفة الغربية، وهو ما يشكل إنجازاً لفصائل المقاومة الفلسطينية، لا سيما حماس والجهاد الإسلامي.
ويستقرئ محللون وعسكريون الاعتبارات التي نوقشت في اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، وأجمعوا على أن أحد أهم الاعتبارات كانت أن إسرائيل ليست لديها مصلحة حالياً في الانجرار إلى حرب مع لبنان، لأن من شأن ذلك أن يتحول الأمر إلى صراع متعدد الجبهات؛ لذلك أوصت المؤسسة الأمنية برد يركز على حماس في لبنان وغزة، ولا يضر بأهداف حزب الله في لبنان.
هذا التوجه عبّر عنه رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي خلال مشاورات الكابينت، حيث قال إن مصلحة إسرائيل هي إبعاد حزب الله عن جولة التصعيد، وتوقع أنه إذا كان الرد الإسرائيلي يركز على أهداف حماس في لبنان فلن يتدخل حزب الله بالضرورة.
تآكل الردع
وعن الأسباب التي أفضت ليكون الرد الإسرائيلي محدودا في قطاع غزة وجنوب لبنان، قدّر المحلل العسكري في حديث عبر “الجزيرة نت” أنه لا أحد من الأطراف -خاصة في إسرائيل- معني بمزيد من التصعيد والمواجهة الشاملة، خصوصا في ظل عدم جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية لحرب على عدة جبهات.
وأشار إلى أن معظم الوزراء في حكومة نتنياهو لديهم ثغرات كبيرة في المعرفة والخبرة في ما يتعلق بالساحة اللبنانية، التي هي أكثر تعقيداً وخطورة من قطاع غزة، حيث كان لهذه الحقيقة تأثير مخيف على معظم الوزراء الذين امتنعوا عن مقترحات لاتخاذ إجراءات أكثر تشددا ضد حزب الله.
تحذير إستراتيجي
واستعرض ليف رام أسباب الرد الإسرائيلي المحدود ودوافعه، وعزا ذلك إلى استعداد إيران وحزب الله للتصعيد في مواجهة الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سوريا، وتآكل الردع إثر الأزمة الداخلية في إسرائيل، واحتدام التوتر على جبهة غزة، والخوف من تصاعد المقاومة في الضفة والقدس خلال رمضان، وكذلك الفتور في العلاقات مع الولايات المتحدة.
ويعتقد المراسل العسكري أنه حتى استعادة قوة الردع، فإن حدود الرد الإسرائيلي على أي هجمات يقف وراءها حزب الله سيبقى محدودا ومقتصرا على الساحة السورية، حيث ستصعد إسرائيل من استهداف أهداف مهمة لحزب الله وإيران على الأراضي السورية.
توترات أمنية
ووفقا لتقديرات مركز الأبحاث، فإن التهديدات الأمنية لإسرائيل اشتدت مؤخراً، حيث كان هناك ارتفاع في التهديد الذي تشكله إيران، التي أصبحت في الواقع دولة على عتبة نووية، في الوقت نفسه تعمل إيران على تعميق نفوذها الإقليمي، في وقت تعمل فيه على توطيد علاقاتها مع جيرانها في الخليج، برعاية الصين.
وتواجه الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية منذ فترة طويلة تصعيدا على الساحة الفلسطينية، وعلى جبهة غزة، حيث تتصاعد المقاومة المسلحة في الضفة والتوترات الأمنية في القدس والأقصى في رمضان، في حين يظهر حزب الله سلوكاً أكثر خطورة، مما يشير إلى احتمال تآكل الردع تجاهه.
شرخ إسرائيلي
ويعتقد أن الشرخ في المجتمع الإسرائيلي -الذي وصل إلى المؤسسة العسكرية جراء تصاعد الاحتجاجات- شكّل جزءا من المخاوف التي هيمنت على قرار حكومة نتنياهو التي تواجه أزمة ثقة بين الإسرائيليين تجاه طبيعة الرد والإبقاء عليه محدودا وعدم الانجرار لحرب شاملة من شأنها أن تتسبب في سقوط حكومة نتنياهو.
ورأى المحلل السياسي أن نتنياهو تحوّل إلى رهينة لابتزازات الائتلاف الحكومي، خاصة تحالف “الصهيونية الدينية” برئاسة الوزير بتسلئيل شموتريتش، وحزب “القوة اليهودية” برئاسة إيتمار بن غفير، مشيرا إلى أنه قد يوظف أحداث الأقصى والهجمات المحدودة على جنوب لبنان وغزة من أجل حرف الأنظار عن الأزمات الداخلية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أكد المحلل السياسي أن نتنياهو يبحث من خلال أي تصعيد محدود عن طوق نجاة لحكومته، ولتفادي تداعيات الاحتجاجات التي تتسع في الشارع الإسرائيلي ضد خطة إصلاح الجهاز القضائي.
ورداً على سؤال لماذا تعمدت حكومة نتنياهو التصعيد في الأقصى رغم التحذيرات المتكررة من المقاومة في فلسطين ولبنان؟ قال إلدار إن “حكومة نتنياهو سعت لتصدير أزماتها الداخلية التي تهدد متانتها وتلوح بتفككها”. (الجزيرة نت)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook