آخر الأخبارأخبار محلية

مَن يريد توريط لبنان بحرب لا ناقة له فيها ولا جمل؟

في الوقت الذي يبدو فيه لبنان منشغلًا بأموره الداخلية المتعثرة في ظلّ استمرار الشغور الرئاسي، وفي الوقت الذي اعتقد فيه كثيرون أن توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، ولو بطريقة غير مباشرة، قادر على بسط حال من الاستقرار في المنطقة، شهدت الأراضي اللبنانية خرقًا من قبل بعض المنظمات الفلسطينية في اتجاه الأراضي الفلسطينية، حيث رُصد اطلاق عشرات الصواريخ، من دون علم السلطات اللبنانية السياسية والأمنية والعسكرية، وكما قيل من دون تنسيق مسبق مع “حزب الله”.  

Advertisement

وعلى رغم أهمية التضامن مع الفلسطينيين في وجه الغطرسة الإسرائيلية فإن المعالجة لا تكون بتوريط لبنان على ما لا طاقة به عليه في الظروف الراهنة، خصوصًا أن “حزب الله”، وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله، كان واضحًا في أكثر طّلة له عندما تحدّث عن مواقيت الحرب مع العدو، وأن الحزب هو الذي يحدّد الظروف الطبيعية للمعركة، وهو لن يسعى إليها إلاّ إذا كان العدو هو المبادر في التطاول على السيادة اللبنانية. 
فللمرّة الأولى منذ عام 2014، أغارت طائرات حربية إسرائيلية على مناطق لبنانية في الجنوب، رداً على صواريخ الـ “كاتيوشا” التي أطلقت من الجنوب في اتجاه إسرائيل، وذلك من ضمن سياق التصعيد التدريجي الذي شهدته الحدود اللبنانية الجنوبية في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يجيز لنا أن نتساءل: هل هناك من يريد فتح الجبهة مجدّداً مع إسرائيل على الحدود مع لبنان؟ ما الهدف من إدخال لبنان مجدّداً في مواجهة عسكرية مع إسرائيل في هذا الوقت الذي يعاني فيه البلد من أزمة طاحنة تكاد تؤدّي إلى تفكك الدولة بأكملها؟ وهل صحيحٌ أن القصف مرتبط بما يجري في مكان آخر، وهل القصف الذي تقف وراءه عناصر فلسطينية تنتمي إلى تنظيمات صغيرة يجري من دون علم أو تنسيق مع “حزب الله”؟ أم أن الحزب الذي يعرف بكل كبيرة وصغيرة تجري في مناطق سيطرته يغضّ النظر، ويحاول، من خلال عمليات القصف الفلسطينية هذه دراسة ردة فعل الحكومة الإسرائيلية الجديدة؟  
الأهم من كل هذا هو معرفة كيف ستتصرّف الدولة اللبنانية المغلوبة على أمرها، وكيف سيتصرف “حزب الله” في مواجهة خرق إسرائيل الخطوط الحمر؟ وكيف سيتمّ التعامل مع هذه الفصائل الفلسطينية، التي يُقال إنها “فاتحة على حسابها”، وأن العناصر المنتمين إليها غير منضبطين. 
منذ زمن بعيد نسمع بعض الأصوات في الداخل الإسرائيلي تتحدّث عن أن انهيار الدولة في لبنان سيؤدي إلى الفوضى العارمة، وهذه الفوضى ستشجع العناصر الفلسطينية المتطرّفة على التصرف على هواها في جنوب لبنان، من دون أن يعني ذلك بالتأكيد أن هذا الحديث متطابق مع الواقع، خصوصًا أن جميع المتعاطين بالملف الجنوبي يعرفون معرفة اليقين أن الجيش الموجودة وحداته في الجنوب قادر على ضبط الأمن فيه، على رغم الضائقة الاقتصادية، التي يمرّ فيها، مع التأكيد أن الجميع يعرفون خفايا الواقع الجنوبي، وبالأخصّ في الداخل الإسرائيلي، وهو أن سلطة “حزب الله” في المناطق الجنوبية مطلقة، حتى أن البعض يردّد عفويًا مقولة أن ذبابة واحدة لا تستطيع أن تغطّ في الجنوب من دون معرفة الكوادر الحزبية الموجودة بكثافة وفعالية في كل مدينة وبلدة وقرية جنوبية.   
ومن بين التفسيرات المعطاة لما حدث أمس، أن “حزب الله” هو الذي “قب الباط” لهذه الفصائل الفلسطينية من أجل تخفيف الضغط عن أحداث الداخل، وتحويل الانتباه إلى لبنان، مع فرضية إمكانية ضبط الوضع وعدم تركه ينزلق إلى حيث لا يريده الحزب. 
ونعود لنسأل: هل بهذه الطريقة، وهل بتوريط لبنان، تُستعاد الحقوق؟  
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى