انماط النوم… كيف تتغيّر مع تبدل الفصول؟
ويؤدي عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم بانتظام إلى زيادة خطر الإصابة بعديد من الأمراض والاضطرابات الصحية، من أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري إلى السمنة والخرف.
تقول الدكتورة ماريشكا براون، خبيرة النوم في “المعهد الوطني للصحة” (NIH) التابع لوزارة الصحة الأميركية، إن “النوم الجيد يعني أكثر بكثير من عدد الساعات التي نمضيها في السرير”. وتوضح أن النوم الصحي يشمل 3 أمور رئيسية:
الأول: مقدار النوم الذي تحصل عليه.
الثاني: جودة النوم التي تعني الحصول على نوم منعش ومتواصل ومن دون انقطاع.
الثالث: وجود جدول ثابت للنوم.
قلة النوم تجعلك عرضة للأمراض
يُنصح الأشخاص البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 18و60 عاما بالنوم 7 ساعات على الأقل كل ليلة، وإلا فسيكونون عرضة لعديد من المخاطر والاضطرابات التي ذكرناها سابقا.
فعندما تنام، ينتج جسمك بروتينات تسمى “السيتوكينات” (cytokines) ولها تأثيرات معززة للمناعة وتعمل وقودا لخلايا الدم البيضاء. وقلة النوم تقلل من إنتاج السيتوكينات، وتجعلك أكثر عرضة للبكتيريا والفيروسات والأمراض، وفقا لمنصة “فري ويل هيلث” (verywellhealth).
ونظرا لأهمية النوم، فقد تم تحديد عديد من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر عليه مثل الحالة المزاجية، وجودة النوم، والنمط الزمني، والمعلومات الديمغرافية كالعمر والجنس ومستوى الدخل.
النوم وتغير الفصول
وهناك عامل آخر حدده علماء النوم وهو تغير الفصول. تُرى هل هناك علاقة بين تغيرها وبين طرق ومعدلات وأنماط نومنا؟
يستيقظ كثير من البشر بصعوبة في الصباح الباكر خلال أيام الشتاء الباردة، إذ يحتاج الأمر لحشد طاقة إضافية للنهوض من السرير وعدم الاستسلام للنوم.
وتشير دراسة علمية جديدة نُشرت مؤخرا إلى أن البشر يحتاجون إلى مزيد من النوم خلال أشهر الشتاء أكثر مما يحتاجون إليه خلال فصل الصيف.
ويبدو أن هذه الحاجة تحدث لدى جميع الناس حتى أولئك الذين يعيشون في المدن والبيئات الحضرية، حيث تتداخل الإنارة الاصطناعية مع ضوء الشمس الطبيعي في النهار لتؤثر على أنماط نومنا.
يقول الدكتور ديتر كونز، أحد المشاركين الرئيسيين في الدراسة ورئيس عيادة النوم وطب الوقت في مستشفى “سانت هيدويغ” (St Hedwig Hospital) في برلين، إن “دراستنا تُظهر أنه حتى في أثناء العيش في بيئة حضرية، مع الضوء الاصطناعي فقط، فإن البشر يجربون النوم الموسمي”.
ويضيف “أتوقع أن تكون الاختلافات الموسمية أعلى بكثير لدى الناس الذين يعيشون خارج المدن ويتعرضون فقط للضوء الطبيعي”، وذلك وفق ما ذكرت منصة “بي بي سي” (BBC) التي نشرت أهم ما ورد في الدراسة.
وكانت دراسة سابقة قد وجدت أن التعرض للضوء الاصطناعي قبل النوم يمكن أن يثبط إفراز الميلاتونين، وهو الهرمون الذي تنتجه الغدة الصنوبرية التي تنظم ساعتنا البيولوجية، ودورة النوم الطبيعية التي تتكرر كل 24 ساعة، وتجعلنا نشعر بالنعاس.
تسجيلات مفصلة
لكن الدراسة الألمانية الجديدة، التي استخدمت تسجيلات نوم مفصلة لـ188 شخصا عاشوا في المناطق الحضرية وعانوا أنماط نوم مضطربة، وجدت أنه حتى عند تعرضهم بشكل أساسي للأضواء الاصطناعية، فقد عانى المشاركون تغيرات موسمية في النوم، وكذلك في إيقاع الساعة البيولوجية لأجسادهم.
وفي الواقع، نام المشاركون ساعة أطول في شهر ديسمبر/كانون الأول مقارنة بشهر يونيو/حزيران. وكان نوم “حركة العين السريعة” (REM) -وهو أكثر مراحل النوم نشاطا- أطول بمقدار 30 دقيقة في الشتاء مقارنة بالصيف.
كما كشفت الدراسة عن وجود تغييرات موسمية أيضا عندما يتعلق الأمر بـ”نوم الموجة البطيئة” (SWS)، المعروف أيضًا باسم النوم العميق، وهو ضروري جدا لبناء الأنسجة والعضلات وتقوية جهاز المناعة والذاكرة ومعالجة المعلومات المكتسبة حديثًا. كان نوم الموجة البطيئة للمشاركين في الدراسة أقصر بـ30 دقيقة في سبتمبر/أيلول مقارنة بشهر فبراير/شباط.
أنماط النوم تتغير في كل فصل من فصول السنة
وتشير أبحاث ودراسات أخرى إلى تغير أنماط النوم في كل فصل من الفصول، ففي فصل الربيع عندما تتفتح الأزهار وتتطاير حبوب اللقاح، يصاب كثير من البشر بالحساسية من هذا “الغبار البيئي” والعطاس والسعال، مما يقلل من جودة النوم.
كما أن الانتقال للتوقيت الصيفي في فصل الربيع في معظم بلدان العالم يمكن أن يتسبب في إحداث فوضى في دورات نومنا، وبالذات لأولئك الحساسين لتغيرات الضوء.
أما في فصل الصيف، فيزيد التعرض الزائد للضوء من مقدار الوقت الذي نقضيه مستيقظين، كما أن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف له دور مهم في كيفية إخبار أجسامنا لنفسها بأن الوقت قد حان للنوم.
كما لاحظ الباحثون أن اجتماع الحرارة والرطوبة معا يزيد من الحمل الحراري على الجسم، مما يؤدي للأرق وقلة النوم. ويمكن أن تؤدي هذه الاضطرابات إلى انخفاض نوم الموجة البطيئة، وهي إحدى مراحل النوم الأكثر أهمية كما أسلفنا.
أما في فصل الخريف، مع نهاية التوقيت الصيفي والعودة للتوقيت الشتوي وقصر ساعات النهار وزيادة عدد ساعات الليل، فإن ذلك يؤثر على إيقاع الساعة البيولوجية لدينا، وهو ما يجعلنا نشعر بالنعاس في وقت مبكر من المساء.
الأيام الأقصر وغروب الشمس المبكر مع قلة التعرض للضوء يمكن كذلك أن تؤدي إلى النعاس في أثناء النهار، ويترافق مع هذا الشعور بالخمول والكسل والاكتئاب وعدم الرغبة في فعل أي شيء.
وأخيرا، فإن الإفراط في النوم يشبه في تأثيره قلة النوم، فحسب دراسة نرويجية حديثة فإن الأشخاص الذين أبلغوا عن نومهم أقل من 6 ساعات كل ليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والمرض من أولئك الذين ناموا 7 إلى 8 ساعات.
كما وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين ينامون أكثر من 9 ساعات كل ليلة كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى أيضا، وهو ما يؤكد قاعدة الحصول على عدد ساعات نوم كافية من دون زيادة أو نقصان.(الجزيرة)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook