الدولار تخطّى الـ100 ألف… ماذا تنتظرون؟
فيما تزداد وطأة الأزمة المعيشيّة يوماً بعد يوم على المواطنين، مع تخطّي سعر صرف الدولار لأوّل مرّة في تاريخ لبنان عتبة الـ100 ألف ليرة، في ظلّ حصول أغلبيّة الموظفين على رواتب بالليرة اللبنانيّة، لا يزال مجلس النواب غير قادر على انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة بسبب الإختلافات الكبيرة بين الكتل النيابيّة، ما أدخل البلاد في أزمة فراغ لا تبدو أنّها ستُحلّ في المدى القريب.
Advertisement
وما عمّق مشكلة الإستحقاق الرئاسيّ هو إعلان “الثنائيّ الشيعيّ” رسميّاً عن دعم رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، علماً أنّ هذا الأمر لم يُقدّم من حظوظه حتّى اللحظة، ولم يزد الأصوات الداعمة له. وتقول أوساط سياسيّة “معارضة” إنّ “الأمين العامّ لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله لن يتخلى بسهولة عن إيصال فرنجيّة إلى بعبدا، فبترشيحه أراد أنّ يضع النواب مرّة جديدة أمام خيار إمّا إنتخاب مرشّح الثامن من آذار وإمّا الفوضى والفراغ”. وتُضيف الأوساط أنّ “فريق “الممانعة” يضع آمالاً على تسويّة خارجيّة تزيد من نفوذه السياسيّ في لبنان، تماماً كما حصل عند التوصّل لاتّفاق بين الدول الغربيّة وطهران في الملف النوويّ الإيرانيّ في السابق”.
ورغم أنّ التقارب السعوديّ – الإيرانيّ له إيجابيّات كثيرة على استقرار المنطقة عسكريّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً، إلّا أنّ الأوساط ترى أنّ “تأثيره لن ينعكس على الوضع الرئاسيّ والسياسيّ في لبنان، فوزير الخارجيّة السعوديّة فيصل بن فرحان أعلن أنّ على اللبنانيين العمل في ما بينهم لانتخاب رئيسهم بالحوار والتوافق والتفاهم”. وتُتابع الأوساط أنّ “قوى الممانعة” هي التي تنتظر إشارات خارجيّة خلافاً لما تدّعيه، وتُريد أنّ تستثمر موضوع إعادة إستئناف العلاقات الدبلوماسيّة بين الرياض وطهران لصالحها، كيّ تقول إنّ محورها هو الفائز في المنطقة، وتفرض شروطها الرئاسيّة على نواب “المعارضة”، وبالتالي إيصال سليمان فرنجيّة إلى بعبدا”.
وبينما يتمسّك “الثنائيّ الشيعيّ” بفرنجيّة من جهّة، هناك قوى “المعارضة” في المقلب الآخر لا تتّفق في ما بينها، ولا تُريد إنتخاب أيّ رئيسٍ تابعٍ لفريق الثامن من آذار وسط تلويحها بتطيير جلسات الإنتخاب، من جهّة ثانيّة. ويرى مراقبون أنّ هذه الكتل تُعطّل أيضاً الإستحقاق الرئاسيّ، ففشلت في تسميّة مرشّح ينال دعم كافة أفرقائها لأنّ من يقترعون لرئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض يُريدون رئيساً “سياديّاً” يُواجه “حزب الله”، فيما البعض الآخر يطمح لإيصال شخصيّة من خارج الإصطفافات السياسيّة التقليديّة، قادرة على معالجة الوضع الإقتصاديّ وإطلاق عجلة الإصلاحات التي طال انتظارها.
ويُضيف المراقبون أنّه إذا تأمّنت الظروف للدعوة لجلسة رئاسيّة جديدة لانتخاب فرنجيّة، فإنّ هناك “التيّار الوطنيّ الحرّ” ربما سينضم إلى المقاطعين لتعطيل النصاب، لقطع الطريق أمام رئيس “المردة”، إذ أنّ النائب جبران باسيل لا يزال يسعى لجرّ الكتل المسيحيّة لحوارٍ في بكركي لتعزيز موقعه السياسيّ في السنوات الستّ المقبلة، على حساب “القوّات” و”الكتائب”.
ويلفت المراقبون إلى أنّ التعطيل أصبح سلاحاً لـ”الثنائيّ الشيعيّ” والبعض في “المعارضة”، فكل فريقٍ يُريد إيصال مرشّحه أو تطيير نصاب الجلسات. ويُشدّد المراقبون على أنّ كلّ تأخيرٍ في إنجاز الإنتخابات الرئاسيّة سيُؤزّم الوضع الإقتصاديّ أكثر، ويزيد من تدهور الليرة أمام الدولار بسبب عدم الإستقرار السياسيّ الذي يُعتبر ركيزة مهمّة ومُؤثّرة على الوضع الإقتصاديّ والنقديّ.
ويُؤكّد المراقبون أنّ مصرف لبنان بات غير قادر على لعب دورٍ فعّال في السيطرة على ارتفاع الدولار، فالمعالجة هي لدى الحكومة الإصلاحيّة الجديدة التي ستكون مهمّتها وقف التدهوّر الإقتصاديّ والمعيشيّ. ويلفت المراقبون النظر إلى نقطة أساسيّة وهي أنّ هويّة الرئيس المقبل ستُحدّد موقف الدول العربيّة والغربيّة من دعم لبنان ماديّاً أو عدمه، فهناك خشية من أنّ الإتيان بمرشّح من فريق “الممانعة” سيُوسّع الهوة بين بيروت والعواصم الخليجيّة، ويحرم البلاد من المساعدات التي ستُوظَف في الإصلاحات والبنى التحتيّة وخلق الوظائف الجديدة.
وأمام كلّ ما ذُكِرَ، ليس هناك من بوادر حلّ قريبة، فالنواب وضعوا هدفاً حتّى قبل انتخابهم، وهو أنّ يُؤمّنوا مصالحهم السياسيّة على حساب أوجاع اللبنانيين. وبينما يُتوقّع أنّ يرتفع سعر صرف الدولار في الأيّام المقبلة، ويُنهك كاهل المواطنين أكثر، ألا يستوجب هذا الأمر تنازلاً من قبل من سمّوا أنفسهم مسؤولين، ويتّفقوا في ما بينهم على إسم رئيسٍ قادر على الإنتاج والعمل، كيّ يتبقى شعب يحكمونه في المستقبل؟
مصدر الخبر
للمزيد Facebook