هل دخلت البلاد في مواجهة مسيحيّة – شيعيّة؟
يبدو أنّ الأزمة السياسيّة بين الأحزاب المسيحيّة والشيعيّة فُتحت على مصراعيها، وقد انضمّ “التيّار الوطنيّ الحرّ” إلى “القوّات اللبنانيّة” و”الكتائب” وكتلٍ معارضة في هذا التوجّه الرافض لقيام “حزب الله” و”حركة أمل” بوضع النواب تحت الأمر الواقع، من حيث الدعوة إلى جلسات تشريعيّة، أو فرض رئيسٍ للجمهوريّة وتعطيل الإنتخابات الرئاسيّة.
وبالحديث عن الجلسة التشريعيّة التي من أبرز أهدافها التمديد لمدير عامّ الأمن العامّ اللواء عباس ابراهيم، لاقت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي مقاطعة من قبل أغلبيّة النواب المسيحيين الرافضين للتشريع في ظلّ الشغور الرئاسيّ، فيما أشار مراقبون إلى أنّ النائب جبران باسيل يهدف من خلال رفع سقف المواجهة مع “الثنائيّ الشيعيّ” إلى تحسين شروطه الرئاسيّة عبر أوّلاً قطع الطريق أمام إنعقاد مجلس الوزراء، وثانيّاً رفض الإقتراع لرئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة وإقناع فريق الثامن من آذار بمرشّحٍ يُسمّيه بنفسه.
واللافت بحسب مراقبين أنّ أبرز الأحزاب المسيحيّة التقت في موضوع مقاطعة الجلسة التشريعيّة على الرغم من حسابات باسيل التي تختلف عن “القوّات” و”الكتائب”، فتشكّلت معارضة مسيحيّة لـ”الثنائيّ الشيعيّ” شبّهتها أوساط نيابيّة في فريق “الممانعة” لتلك الرافضة للحوار والتوافق وتعطيل شؤون المواطنين. فهناك بندٌ حياتيّ أساسيّ على جدول أعمال الجلسة وهو التجديد لكهرباء زحلة، الشركة التي أثبتت أنّ القطاع الخاصّ أفضل بكثير في تأمين الكهرباء للبنانيين من القطاع العامّ. كذلك، هناك حاجة لإقرار قانون “الكابيتال كونترول” لإستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدوليّ التي يرى فيها المراقبون أنّها بطيئة بالتزامن مع إستمرار الإنهيار الإقتصاديّ والنقديّ في البلاد.
وفي هذا السيّاق، ترى أوساط نيابيّة مسيحيّة أنّ جدول أعمال الجلسة التشريعيّة مفخّخ بموضوع الكهرباء و”الكابيتال كونترول” وتخفيض السّنة السجنيّة لتمرير التمديد لشخصيّة أمنيّة مقرّبة جدّاً من “حزب الله” و”حركة أمل”، علماً أنّ اللواء ابراهيم لعب أدواراً مهمّة ناجحة سياسيّاً ودبلوماسيّاً خارج حدود الوطن ويُشهد له بالكفاءة والنجاح. وتُضيف الأوساط أنّ لا شيء في الوقت الراهن يعلو على إنتخاب رئيس للجمهوريّة واحترام الدستور، بعدها يتمّ العمل على تشكيل حكومة جديدة والتمديد لموظفي الفئة الأولى العسكريين والمدنيين على حدٍّ سواء أو عدمه. وتقول الأوساط إنّه غير صحيح أنّ هناك تكتّلاً مسيحيّاً يقف ضدّ المكوّن الشيعيّ في البلاد، والخلاف هو على أنّ المجلس النيابيّ هيئة ناخبة ولا يجب أنّ يجتمع النواب إلّا لإنهاء الفراغ الرئاسيّ.
أمّا في ما يخصّ إنتخابات رئاسة الجمهوريّة، فأصبح هناك رفضٌ مسيحيٌّ مطلقٌ لانتخاب فرنجيّة، المرشّح الوحيد لدى “حزب الله” و”أمل” الرافضين حتّى اللحظة التنازل لباسيل رئاسيّاً، أو دعم قائد الجيش جوزاف عون أو أيّ إسمٍ وسطيٍّ آخر. وقد تجلى هذا التمسّك برئيس “المردة” من خلال محاولة تجميع 65 صوتاً لانتخابه، وتأمين الثلثين لعقد الجلسة، بينما “القوّات” و”الكتائب” تقف خلف رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض أو أيّ مرشّحٍ “سياديّ” ينال إجماعاً من أفرقاء “المعارضة”.
في المقابل، يلفت مراقبون إلى أنّ باسيل هو أشدّ الرافضين لوصول فرنجيّة إلى بعبدا، لما يُمثّله هذا الأمر من خسارة سياسيّة لفريقه الذي يُعتبر من أكبر الكتل في البرلمان مسيحيّاً بعد “الجمهوريّة القوية”، بينما “المردة” لديها نائب واحد. فطموح “الوطنيّ الحرّ” المحافظة على بعض المواقع الإداريّة والقضائيّة والعسكريّة التي كسبها في عهد الرئيس السابق ميشال عون، وأيّ رئيسٍ مقرّب من “الثنائيّ الشيعيّ” سيضع حدّاً لهيمنة “التيّار” على الوظائف البارزة في البلاد.
وفيما يشتدّ الكباش النيابيّ المسيحيّ – الشيعيّ، تُحمّل أوساط “ممانعة” الكتل المسيحيّة مسؤوليّة الفراغ الرئاسيّ من باب خلافاتها مع بعضها وعدم الإجماع على رئيسٍ، وتصعيب المهمّة على البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بشأن الحوار المسيحيّ بعد رفضها دعوة برّي للحوار الوطنيّ.
ويعتبر مراقبون أنّ الأزمة السياسيّة باتت بالفعل بين النواب المسيحيين والشيعة في البلاد، وتعزّز ذلك مع إقتراب “التيّار” من الطلاق مع “حزب الله” عبر التلويح بإنهاء تحالف “مار مخايل” معه. ويرى المراقبون أنّ أيّ تقارب بين ميرنا الشالوحي ومعراب لا يزال مستبعداً في ظلّ تبادل الإتّهامات وإستمرار التوتّر بينهما، على الرغم من أنّهما أصبحا يلتقيان في مواضيع نيابيّة، غير أنّ الثقة لا تزال مفقودة بينهما بسبب تحميل “الوطنيّ الحرّ” “القوّات” مسؤوليّة المساهمة بإفشال العهد السابق من جهّة، فيما سمير جعجع يُعارض الحوار مع باسيل بسبب خروج الأخير عن بنود تحالف “معراب” من جهّة ثانيّة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook