هدف القوات يصطدم بحائط مسدود..
تتقاطع المؤشرات السياسية في لبنان على فكرة أن التسوية الشاملة أو الموضعية ليست قريبة وأن الاشتباك السياسي والاعلامي سيبقى مستمراً في المرحلة المقبلة والفراغ الرئاسي قد يُستتبع بفراغات أخرى ولن يتوصّل أحد من القوى السياسية على المدى القريب الى حلّ يحدّ من الفوضى العارمة المسيطرة على البلاد.
تشير المُعطيات إلى أن الخط الاحمر الوحيد لدى الدول الاقليمية والمعنية بالملف اللبناني هو الاستقرار الامني والأمن الاجتماعي وعدم ترك لبنان للتفلّت الشامل والتحلل الكامل لمؤسسات الدولة والأجهزة الامنية، لأن ذلك من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على بعض الدول الاوروبية ويكون له تبعات سلبية على النفوذ الغربي في لبنان.
وفي ظل الكباش الحالي حول ملفّات عدّة من بينها الملفّ الرئاسي الذي يشكّل في هذه المرحلة رأس جبل الجليد، يبدو أن “حزب القوات اللبنانية” يسعى الى توسيع هامش مناوراته لكي يتمكّن من تحصيل القدر الاكبر من المكاسب السياسية في الفترة المقبلة على اعتبار أنه الحزب الذي حقق انتصاراً جدياً في الانتخابات النيابية الاخيرة وأثبت قدرته على الاستقطاب وتحسين واقعه الشعبي.
هذا الهدف “القواتي” قد يتحقق إذا ما استمرّت التوازنات السياسية على ما هي عليه اليوم وتمسّك رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بتعنّته في المواقف التي تُبعده عن حلفائه السياسيين الوحيدين، أي “حزب الله”، لكنّ “القوات” قد تجد نفسها أيضاً أمام حائط منيع يجعلها تُقدم على تنازلات كبرى مشابهة للعام 2016.
ترى مصادر سياسية مطّلعة أن “القوات” قد تواجه عقبات كثيرة في طريقها نحو المرحلة المقبلة، ذلك إذا ما قرّرت وبشكل مفاجىء الذهاب نحو مفاوضات عميقة مع القوى المسيحية، لأن هذا النوع من “الحوار” سيؤدي حتماً الى إعادة تعويم باسيل والاتجاه نحو أسماء يرضى عنها هو بالتوازي مع رضى سائر القوى المسيحية، وهذا الامر ترفضه “القوات” بشكل قاطع وتحاول تجنّب الوصول اليه مهما بلغ حدّ الاحراج السياسي بالنسبة اليها.
لكن الذهاب الى مثل هذا الخيار سيجعل من “القوات” جسراً سياسياً يمكّن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من البقاء في السلطة بشكل حاسم، أما رفض الحوار مع باسيل والتمسّك بموقف معراب عدم تعطيل النصاب الدستوري لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حتى وإن كان الرئيس المُنتخب هو سليمان فرنجية، سيجعل قوى الثامن من آذار تسدّد في مرمى قوى المعارضة وتحقق انتصاراً كبيراً لا يصب في مصلحة “القوات” نهائياً سواء لجهة الحسابات المناطقية أو السياسية والواقع الاستراتيجي العام في لبنان.
وهكذا، قد تجد “القوات” نفسها أمام حائط مسدود في المرحلة المقبلة إلا لو تمكنت من اختيار اسم وتوحيد واقعها السياسي والرئاسي مع باقي قوى المعارضة وتحديداً “قوى التغيير” و”المستقلين” وبعض “النواب السّنة“.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook