آخر الأخبارأخبار دولية

بناؤون وممرضون وعمال توصيل في أمازون… أصحاب المهن الشاقة يعارضون إصلاح نظام التقاعد في فرنسا

نشرت في: 17/01/2023 – 21:29

قدمت الحكومة الفرنسية الثلاثاء الماضي 10 يناير/كانون الثاني مشروع قانون جديدا لإصلاح المعاشات التقاعدية. وفي هذا السياق، حاورت فرانس24 عمالا يعملون في مهن شاقة بدنيا لمعرفة سبب معارضتهم لهذا الإصلاح.

عمال تتراوح أعمارهم بين 22 و60 عاما ويعملون في مهن شاقة بدنيا أو بالأحرى “مهلكة” جسديا. وبينما تخطط الحكومة الفرنسية لتحول تدريجي في سن التقاعد للوصول به إلى 64 عاما، يشرح لنا هؤلاء العمال سبب معارضتهم لهذا الإصلاح المرتقب الذي قدمته رئيسة الوزراء إليزابيث بورن يوم الثلاثاء 10 يناير/كانون الثاني.

 

لم يسبق لي أن قمت بإضراب في حياتي، ولكن إذا كنت مضطرا لفعله فلن أتردد

 

  • دومينيك (59 عاما) مندوب تقني في مراكز التوزيع والبيع الكبيرة في إقليم هو-فيين

صار لي الآن مدة ثلاثين عاما وأنا أعمل في مراكز التوزيع والبيع الكبيرة. وأجريت بالفعل عملية جراحية في الكتفين لعلاج التهاب الأوتار بسبب الحركات المتكررة والأوزان الثقيلة التي أحملها طوال اليوم. أحمل يوميا ما يقرب من 600 كيلوغرام من البضائع. كما إنه من الضروري لي إجراء عملية جراحية في كلتا يدي، من أجل تركيب إبهام اصطناعي؛ فتمزيق صناديق الورق المقوى يوميا لوضع المنتجات على الأرفف قد أفسد مفاصل يدي. لذا عندما يخبرونني أن تقاعدي سيؤجل لبضعة أشهر أو حتى سنة أخرى لا يسعني إلا الرفض. فكلما تقدم بنا العمر أدركنا أنه من الصعب مواكبة وتيرة العمل. إن حمل الأوزان الثقيلة بات أصعب بكثير مما كان عليه قبل عشرين عاما، حتى ركبتي بدأتا في خذلاني.

إن الكثير من الشباب الآن يبحثون عن عمل، وأعتقد أنه من الواجب علينا تدريبهم على هذه الوظائف من أجل السماح للكبار بالتقاعد في سن الثانية والستين. لم أضرب أو أخرج للتظاهر مرة واحدة في حياتي. ولكن إذا كنت مضطرا لفعل ذلك فلن أتردد، لأنه قد وصل بنا الحال اليوم إلى حد من الصعب قبوله. زيادة المشاق على الناس والطلب منهم العمل أكثر سيؤدي حتما إلى الانفجار وعدم التحمل سواء أكان ذلك جسديا أم نفسيا.

 

الكثير من زملائي أصيبوا بالسرطان في عمر الستين عاما

 

  • جون (29 عاما) عامل بناء في مدينة فالنس

إن الوصول إلى عمر 60 عاما في هذه المهنة مع التمتع بصحة جيدة أمر من الصعب تحقيقه، حتى مع افتراض الحصول على عمل يسير.  فأثناء عملنا طوال اليوم نتنفس غبار الأسمنت ونتعامل مع الزيوت والشحوم وكل ما يمكن أن تتخيله من مواد كيماوية في صناعة البناء. كما نستخدم المطرقة طوال الوقت، وهو ما له تأثير كبير على الجسم. فالكثير من زملائي أصيبوا بالسرطان في عمر الستين عاما. وحتى لو لم تصب بالسرطان، فستنتابك المشاكل في الركبتين والظهر واليدين… اعتبارا من سن الخمسين.

البعض من زملائي في العمل بحالة صحية يرثى لها، ويعانون كثيرا أثناء المشي. ويجب علينا مساعدتهم طوال الوقت، وباتوا لا يمكنهم العمل بصورة طبيعية، لقد انتهت حياتهم المهنية. فكيف يمكن الاستمرار هكذا حتى سن الرابعة والستين؟ عندما أراهم في هذه الحالة السيئة أدرك جيدا أنني لن يمكنني الاستمرار في ممارسة العمل. سأحاول أن أغير هذه المهنة، والعمل في مجال تجديد الشقق من أجل تأجيرها. فهذه هي الطريقة الوحيدة للتوقف عن العمل حتى الموت. فها أنا لم أكمل أربع سنوات من العمل في البناء وأدرك بالفعل أنه لن يكون عملا مستداما. أعاني بالفعل من مشاكل في الظهر ولم أصل بعد لثلاثين عاما من العمر.

 

كان جدي يقول لي: “لا يجب إضاعة الحياة في محاولة كسبها”

 

  • جوانا (45 عاما) ممرضة نفسية في مدينة لور

أنا لا أعول إطلاقا على التقاعد، فمن المستحيل بالنسبة لي البقاء كممرضة لمدة 22 عاما أخرى. عندما بدأت العمل بهذه المهنة، كان بوسعنا التقاعد في الخامسة والخمسين من العمر إن كان لديك ثلاثة أطفال، وإن لم يكن ففي عمر السابعة والخمسين. لكن ذلك تغير منذ فترة طويلة.

إن عمل الممرضة النفسية مهنة شاقة للغاية. إنه عبء نفسي ثقيل. ففيها تواجه كل مشاكل الآخرين في العالم، وتستمع لقصصهم الصعبة أثناء المقابلات. لم أستطع التحمل وتوقفت عن العمل العام الماضي. لدي عائلة مكونة من أربعة أطفال… ولم أعد أرغب في تكريس نفسي للعمل فقط. دائما ما كان جدي يقول لي: “لا يجب إضاعة الحياة في محاولة كسبها”.

لقد بدأت التفكير في ترشيد استهلاكي وتقليل نفقاتي من أجل العمل لوقت أقل. لا أعرف كم من الوقت سأستطيع الصمود في هذه المهنة، لكن التقاعد أصبح أكثر وأكثر تجريدا، لم أعد أؤمن به على الإطلاق… إنني أجد بالفعل أن الزمن الذي نقضيه في العمل طويل للغاية، لذلك فإن الأمر سيكون أكثر إحباطا إذا أضفنا له المزيد من السنوات. وسوف يولد هذا شعورا بالاستياء والظلم.

 

لن أستطيع الصمود لوقت طويل

 

  • سفيان* (46 عاما) عامل لدى أمازون في مدينة كبيرة

* اسم مستعار

لقد كنت أتحدث مع زملائي في العمل هذا الصباح عن إصلاح نظام التقاعد. الجميع مستاؤون. وهذا يشعرني بالإحباط. أستيقظ يوميا في الثالثة والنصف صباحا لأقوم بتحميل وتفريغ الطرود لدى أمازون. عمري الآن 46 عاما، وهو سن صعب بالفعل لأنه يعني ببساطة أنه لا يزال أمامي عشرون عاما متبقية… وأتعامل يوميا مع ما بين 10 و15 صندوقا من الطرود يزن كل منها 130 كيلوغراما. إنه عمل مرهق جسديا، كما أن عليك أن تكون نشطا للغاية وتعمل بسرعة كبيرة، لذا فذلك يضيف الكثير من التوتر.

وبنهاية يوم العمل، أجد صعوبة في الحركة والمشي، وأشعر بآلام في الظهر والمفاصل… فالعمل بهذه الصورة حتى ما بعد عمر الستين يبدو لي مستحيلا. لن أكون قادرا على الصمود، وسأضطر إلى العثور على مهنة أكثر ملاءمة. هذا الإصلاح هراء.

 

إنها وظيفة مهلكة للصحة. وأنا أريد أن أتوقف قبل أن تستهلك صحتي

 

  • بنيديكت (60 عاما) مرافقة للأطفال ذوي الإعاقة برياض الأطفال في فوركالكييه

كنت معلمة في رياض الأطفال لمدة 25 عاما، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية بدأت في مرافقة الأطفال ذوي الإعاقة. كانت مسيرتي المهنية شاقة، مع ثلاثة أطفال، وطلاق… أعلم بالفعل أنني لن أحظى إلا بمبلغ تقاعد بسيط، مثل العديد من النساء العازبات. في الوقت الحالي، يجب أن أعمل حتى أبلغ من العمر 64 عاما، ولا أعرف بالضبط ما الذي ينتظرني إذا طبق الإصلاح. لكنني قررت عدم تجديد عقدي. أفضل أن أكون عاطلة عن العمل والعيش على ما تبقى لي من المدخرات أو أبدأ تكوينا جديدا حتى تقاعدي، لأنني قد فاض بيَّ الكيل.

لا أريد العمل مع الأطفال بعد الآن. فأنا أعتني الآن بصبي صغير يمر بظروف صعبة للغاية وعمره أربع سنوات ونصف فقط. لم أعد أستطيع الركض وراءه أو التخاصم معه… إنها وظيفة مهلكة جسديا، وأريد أن لا تتدهور صحتي أكثر. فأنا أعتبر أنني قمت بدوري في العمل، لقد أعطيت كل ما يمكنني تقديمه. أنا الآن جدة، لدي ثلاثة أحفاد، فتيات صغيرات، وأريد أن أعتني بهن.

 

في عمر الثانية والستين يتوفى بالفعل ربع الفقراء. أعتقد أن ذلك أمر شائن

 

  • بالتازار (22 عاما) نادل في باريس

إن نظام التقاعد غامض جدا بالنسبة لي. وأجد صعوبة في تخيل نفسي في عمر التقاعد، وبخاصة أنني لا أريد العمل في تقديم الطعام طوال حياتي – على أي حال، إنه عمل بدني بحت لدرجة أنني لن أتمكن من مواصلة القيام به حتى عمر 64 عاما. لا أعرف حتى ما إن كنت سأظل على قيد الحياة في عمر الستين، أو إذا ما كانت ستقدم إصلاحات أخرى على هذا النظام في المستقبل، أو كيف سيكون حال البيئة… لذلك فأنا لا أشعر أن الأمر يخصني. لكنني مع ذلك ضد الإصلاح تماما. فالهدف من هذا الإصلاح هو توفير المال، وزيادة الإنتاج عن طريق خفض مساهمات وضرائب الشركات ودفع الناس للعمل لفترة أطول. فالفقراء هم من يدفعون ثمن كل ذلك، وخاصة أنه في سن 62 يكون قد مات ربعهم بالفعل. أعتقد أن ذلك أمر شائن.

 

النص الفرنسي: لوو روميو | النص العربي: حسين عمارة


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى