آخر الأخبارأخبار محلية

على ماذا يتفق نصرالله وجعجع؟

من حيث لم يقصد، توافق الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع على نظرية أن لا علاقة للخارج بالملف الرئاسي. فكلاهما لا يريان أن التأثير الخارجي له هذه الأهمية، التي يحاول البعض تضخيمها، ويتفقان على أن هذا الخارج مشغول بقضاياه الخاصة أكثر بكثير من انشغاله بمسألة لبنانية داخلية، وأن الأولويات في هذه المرحلة الصعبة، التي تمرّ بها معظم الدول، هي العمل على تلافي مفاعيل الحرب الروسية في أوكرانيا، وما ينتج عنها من انعكاسات اقتصادية سلبية بدأت تجتاح الكرة الأرضية برمّتها، مع ما يتفرع عنها من مشاكل على مستوى التضخم المالي، الذي بدأ يأخذ مناحي سيئة على الحياة الاقتصادية لمعظم الناس، من مشارق الأرض حتى مغاربها. 

 

فإذا سلّمنا جدلًا أن ما يقوله الرجلان، ومن دون سابق تنسيق بالطبع، فيه الكثير من الصحّ ومن قراءة موضوعية للتطورات الدولية والإقليمية، نسأل مع من يسألون، وهم كثر: ما الذي يمنع إذًا انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، ولماذا هذا الانتظار، ومن يمنع نواب الأمّة من القيام بواجبهم الدستوري الأول، وما الذي يحول دون الحدّ الأدنى من التفاهم بين المتخاصمين على إتمام هذا الاستحقاق في أسرع وقت؟ 

 

هذه الأسئلة وغيرها الكثير يضعها اللبنانيون برسم كل من السيد نصرالله والدكتور جعجع، بوصفهما رأسي حربة في مواجهة مكشوفة بين محورين متناقضين، من حيث الأسلوب والتوجهات والأهداف، وهما بالتالي عاجزين عن تغليب خيار على آخر. وهذا ما أثبتته الجلسات الانتخابية العشر العقيمة، والتي ستتكرّر في الأيام المقبلة، وبعد الانتهاء من احتفاليات الأعياد، وآخرها عيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية، حيث من المتوقع أن يدعو الرئيس نبيه بري النواب إلى جلسة جديدة الخميس المقبل في 12 الجاري، على أن يعتمد مبدأ تكثيف هذه الدعوات، بحيث تكون يومي الثلثاء والخميس، أي بمعدل جلستين في الأسبوع الواحد. 
لكن هذا الأمر، في رأي بعض السياسيين المعترضين على طريقة إدارة الجلسات، لن يقدّم ولن يؤخرّ طالما أن اللجوء إلى “تطيير” النصاب عند نهاية كل جلسة هو السياسة التي يعتمدها محور “الممانعة”، وهذا ما يطالب بعكسه “المحور السيادي”. 

 

فإذا كان الخارج مشغولًا بأموره ومشاكله الخاصة، وإذا كان الداخل غير متوافق على الآلية السليمة للعملية الانتخابية، فإن لبنان باقٍ من دون رئيس إلى أن يقرّر هذا الخارج أن يتدّخل لوضع جميع من همّ في الداخل أمام مسؤولياتهم. وهكذا نعود إلى عكس ما بدأنا به لنؤكد أن الداخل أعجز من أن ينتج سلطة جديدة من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، وأنه لا بدّ من أن يتدّخل الخارج لدفع الأمور نحو خواتيمها المعهودة. هذا ما كان يحصل في السابق. وهذا ما لا بدّ من أن يحصل اليوم أو غدًا أو بعده. 

 

لم يُقنع كلام السيد نصرالله الكثيرين من اللبنانيين، الذين لم يُقنعهم أيضًا كلام الدكتور جعجع. وإذا كان ما يقولانه مقنعًا فعليهما تغيير التكتيك الذي يعتمدانه، وكلٌ على طريقته الخاصة، في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، باعتبار أن السياسة، التي يعتمدها كل من “حزب الله” عبر تمسّكه بخيار “الورقة البيضاء”، وحزب “القوات” بإصراره على الاستمرار في ترشيح النائب ميشال معوض، لم توصل أحدًا إلى مبتغاه الشخصي، ولن توصل. 

 

وهذا ما حاول الرئيس بري القيام به عندما دعا إلى الحوار لمرتين متتاليتين، ولم يلق تجاوبًا يذكر، خاصة من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. 

 

فإذا لم يتحاور اللبنانيون في ما بينهم على الأمور البديهية فإن الخارج سيجد نفسه مضطرًّا على التدّخل حتى ولو كان انشغالاته لـ”فوق رأسه”.   


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى