نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية تبلغ رسميا 11,22 بالمئة
نشرت في: 19/12/2022 – 18:42
بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التونسية الإثنين 11,22 في المئة وفق ما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وفي ظل هذا الإقبال الهزيل للمواطنين التونسيين على هذا الاقتراع، يرى خبراء أن ذلك قد يضعف من مشروع قيس سعيّد الرئاسي الذي بدأ بإرسائه منذ العام 2021 أمام معارضة سياسية منقسمة ولا تحظى بثقة كاملة من المواطن التونسي. فما تفسير هذا العزوف وما هي تداعياته؟
قالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الإثنين في تونس إن نسبة المشاركة النهائية في الدورة الأولى من الانتخابات النيابية كانت تجاور 11,22%. رقم، لم يُسجل منذ انطلاق مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد بعد ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي. إذ بلغ عدد الناخبين الذين صوّتوا مليونا و25 ألف ناخب من مجموع تسعة ملايين و136 ألف ناخب مسجلين.
وعلى امتداد ثلاثة أسابيع، بقيت هذه الحملة الانتخابية باهتة ولم تعرف تنافسا انتخابيا في البلاد، عكس ما كانت عليه الأجواء خلال الانتخابات السابقة سواء في 2011 أو 2014 أو 2019.
ولم يكن المرشحون الـ1055 “معروفين بل كانوا قليلي الخبرة السياسية”، وفقا للخبير السياسي حمزة المؤدب، ونسبة النساء لم تتعد 12% من عدد المرشحين.
هذا، وقد نص القانون الانتخابي الجديد الذي أقره سعيّد قبل شهرين من الانتخابات، على ضرورة ألا يكشف المرشحون عن انتماءاتهم السياسية، الأمر الذي أدى إلى غياب كامل لمشاركة الأحزاب.
وفي السياق، طالب التكتل السياسي المعارض “جبهة الخلاص الوطني” الذي يشارك فيه حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية والذي كان أكثر الأحزاب تمثيلا في البرلمانات منذ العام 2011، الرئيس التونسي بالتنحي فورا.
علما أن البرلمان الجديد مجرّد من الصلاحيات الفعلية التي كان يتمتع بها النواب في السابق، استنادا إلى الدستور الجديد الذي تم إقراره إثر استفتاء شعبي في تموز/يوليو الماضي الذي غاب عنه نحو سبعين في المئة من الناخبين.
كيف ستكون ردة فعل الرئيس قيس سعيّد؟
يقول أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعات التونسية عبد اللطيف الحناشي، إن سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 25 تموز/يوليو 2021 “قام بحملة واسعة بمفرده للانتخابات عبر تعدد الزيارات في المدة الأخيرة من منطلق أن لديه شعبية، غير أن النتائج خذلته ولم تظهر ذلك”. مضيفا “خيبة أمل كبيرة جدا، كان يعوّل على إرادة الشعب لكنها غابت”.
وكان سعيّد قد ظهر فعلا في الأسابيع السابقة عديد المرات من خلال زيارة بعض الأحياء الشعبية ولقاء المواطنين وكأنه في حملة انتخابية “بالوكالة” عن المرشحين للانتخابات البرلمانية.
ويوضح الباحث السياسي حمادي الرديسي لوكالة الأنباء الفرنسية “لقد أظهر أن لديه تأييدا شعبيا ولكن اتضح أنه ليس هناك لا شرعية دستورية أو انتخابية”.
ما مصير الدعوات لاستقالة الرئيس والرحيل؟
وقد تعالت أصوات على غرار “جبهة الخلاص الوطني” والحزب الدستوري الحرّ التي دعت سعيّد للاستقالة وإلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة.
لكن يؤكد الباحث الرديسي أنه “لا توجد آلية لإجباره على الرحيل”. كما يرى الباحث يوسف الشريف أنه من الصعب “استقالة الرئيس أو حتى الاعتراف بفشل هذه الانتخابات”.
مضيفا أنه حتى بعد الاستشارة الوطنية التي أقرّها الرئيس مطلع العام وشارك فيها نحو 600 ألف تونسي “رفض (الرئيس) الاعتراف بالفشل”.
من جهتها، أقرت الهيئة العليا للانتخابات بأن النتائج “متواضعة” في انتظار الدورة الثانية مطلع آذار/مارس المقبل.
ما دور المعارضة وماذا تستطيع أن تفعل؟
في الوقت الراهن، تتخبط المعارضة السياسية التي يتقدمها حزب النهضة في انقسامات حادة لأن خلفياتها الأيديولوجية متضادة، وحاولت منذ أن احتكر الرئيس السلطات تعبئة الشارع ودأبت على تنظيم التظاهرات داعية سعيّد “المنقلب” إلى الرحيل.
لكن “البديل الذي تقدمه لا يقنع التونسيين”، بحسب الحناشي الذي يعتبر أن “العزوف الواسع ليس بالضرورة ضد قيس سعيّد، وإنما لأن التونسيين يشعرون بإحباط كبير وقرف من المشاركة السياسية ومن الطبقة السياسية”.
مضيفا أن الطرف الوحيد الذي يملك القدرة على إحداث تغيير في البلاد هو “الاتحاد العام التونسي للشغل” المركزية النقابية. بالنظر إلى كونه الطرف الاجتماعي الأكثر تنظيما وكان له دور كبير في ثورة 2011.
ما موقف القوى الخارجية؟
يذكر أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعات التونسية عبد اللطيف الحناشي أن قيس سعيّد وعد الأطراف الخارجية “بخارطة طريق وتم تنفيذها”.
وفي هذا الشأن، جاء بيان الخارجية الأمريكية ليدعم ذلك، واعتبر المتحدث باسم الوزارة نيد برايس أن الانتخابات البرلمانية في تونس “خطوة أولى أساسية نحو استعادة المسار الديموقراطي في البلاد”، مؤكدا في الوقت نفسه أن نسبة الامتناع عن التصويت المرتفعة تظهر الحاجة إلى مزيد من “المشاركة السياسية” على نطاق أوسع.
من جانبها، أكدت الخارجية الفرنسية في بيان الإثنين “انخفاض مستوى المشاركة” ودعت إلى استئناف المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي.
هذا، ويُعد دعم الشركاء الأجانب حاسما بالنسبة لتونس المثقلة بالديون والتي طلبت من صندوق النقد الدولي قرضا رابعا لعشر سنوات يبلغ نحو ملياري دولار، وهو ما سيمكن من فتح الباب أمام مساعدات أخرى سواء من أوروبا أو دول الخليج العربي.
للتذكير، تواجه تونس أزمة اقتصادية حادة بارتفاع مستوى التضخم في حدود 10% في البلاد، كما زادت تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا من غلاء أسعار المواد الأساسية كالقمح والمحروقات.
فرانس24/أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook