“واكبت في هذا البلد الكثير من الأحداث والخيبات، لذا لن أصوت”

نشرت في: 17/12/2022 – 18:38
شهدت الانتخابات التشريعية في تونس السبت عزوفا كبيرا من التونسيين، في استحقاق سيشكل الحجر الأخير في بناء نظام رئاسي يسعى قيس سعيّد إلى إرسائه منذ أن قرر تغيير النظام السياسي في البلاد صيف 2021. فرانس24 تجولت في تونس العاصمة ورصدت شهادات المواطنين من المصوتين والمقاطعين.
“لن أصوت اليوم، نسيت أصلا أنه تاريخ الانتخابات، لأن الأمر لم يعد يهمني… لن يتغير شيء… صوّت في الاستفتاء، لكني اليوم لن أصوت، الوضع المعيشي صعب للغاية، حتى أني اضطررت لفصل الثلاجة عن الكهرباء، حتى أقتصد في فاتورة الكهرباء، في كل الأحوال هي فارغة…”، بهذه الكلمات بررت خديجة (اسم مستعار) قرارها عدم التصويت.
والسبت يصوت التونسيون في الانتخابات التشريعية التي شهدت إقبالا ضئيلا من قبل الناخبين من أجل اختيار نواب لبرلمان جديد بدل البرلمان السابق الذي قام الرئيس قيس سعيد بحله في 30 مارس/ آذار الماضي.
وبالتزامن مع ذلك يواجه التونسيون أزمة اقتصادية حادة عمقتها نسبة تضخم تجاوزت 9 بالمئة وارتفاع في الأسعار، إضافة إلى فقدان العديد من المواد الأولية في السوق.
ويصادف تاريخ الانتخابات الذكرى 12 لوفاة محمد البوعزيزي، الذي أضرم النار في نفسه في احتجاج أشعل فتيل انتفاضات ما عرف بالـ”الربيع العربي”. وستسفر هذه الانتخابات عن برلمان جديد من المرجح أن يكون لنوابه تأثير ضئيل على سياسة الحكومة.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي عين سعيّد أعضاءها، إن حوالي 659 ألف تونسي أدلوا بأصواتهم حتى الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، أي بنحو 7,19% من إجمالي تسعة ملايين ناخب يحق لهم التصويت.
“كنت أنوي التصويت لامرأة”
السيدة زهرة هميلة اختارت الإدلاء بصوتها، لكنها تفاجأت بعدم وجود امرأة في قائمة المترشحين. وقالت لفرانس24 “كنت أنوي التصويت لامرأة… حتى تمثل النساء في البرلمان، لكني لم أجد نساء على اللائحة، تفاجأت… القانون الانتخابي الجديد غير واضح.”
وفي هذه الانتخابات لم تترشح غير 122 امرأة من بين 1055 مرشحا لمجلس النواب، وهي من أبرز النقاط التي أثارت جدلا في القانون الانتخابي الجديد الذي أرساه الرئيس قيس سعيّد بمرسوم انتخابي في شهر أيلول/ سبتمبر.
للمزيد: الانتخابات التشريعية في تونس… مفاتيح لفهم قواعد القانون الانتخابي الجديد
طاهر الذي كان يجلس في مقهى بتونس العاصمة، غير بعيد عن مركز الاقتراع، قال إنه لم يصوت وهو يعمل كحارس “لأن هذه الانتخابات ليست إلا شكلية، وفي الواقع لا أحد يشعر بمعاناة المواطن، صوتُّ في عدة مناسبات من قبل، لكن لم يلتفت لي أحد ولم يساعدني أحد… السياسيون لا يحققون إلا مصلحتهم الخاصة أما نحن المواطنون لا أحد يهتم لأمرنا.”
وقد شهد مركز الاقتراع بشارع مرسيليا بتونس العاصمة إقبالا ضعيفا على التصويت، فعند العاشرة صباحا بدا رئيس هذا المركز عبد العزيز بهري مرتبكا عندما قدم نسبة المشاركة للصحافيين “0,66 بالمائة هي نسبة المشاركة إلى حد الآن، لم يصوت غير 71 شخصا من بين عشرة آلاف مسجلين”.
وتعتبر هذه النسبة ضئيلة جدا مقارنة بمناسبات انتخابية سابقة، وهو ما يؤكده صحافيو فرانس24 الذين سبق وغطوا انتخابات سابقة في نفس المركز.
“لا أحد من المرشحين قد أقنعني باختياره”
غادة البالغة 40 عاما التي كانت تتجول في أحد أحياء العاصمة التونسية رفقة ابنتها، قالت إنها لم تصوت لأن “لا أحد من المرشحين قد أقنعني باختياره.”
وسيتكون البرلمان الجديد من 161 نائبا. وسيحل محل البرلمان السابق الذي جمّد أعماله سعيّد في 25 تموز/يوليو 2021 وحلّه لاحقا واحتكر السلطات في البلاد، مبررا قراره آنذاك بالانسداد السياسي وتواصل الأزمات السياسية في البلاد إثر خلافات متكررة بين الأحزاب في البرلمان.
للمزيد – ريبورتاج: بعيدا عن صخب الانتخابات التشريعية… تونسيون متخوفون من تدني قدرتهم الشرائية وارتفاع الأسعار
لكن هذا البرلمان الذي من المرجح أن يتم إعلان نتائج انتخابه بعد دورة ثانية بين شباط/فبراير وآذار/مارس القادمين، سيكون مجرّدا من السلطات استنادا إلى الدستور الجديد الذي تم إقراره في استفتاء شعبي في تموز/يوليو الفائت، ولم يشارك فيه نحو سبعين في المئة من الناخبين.
وائل البالغ من العمر عشرين عاما وله محل لبيع الهواتف الجوالة، لم يصوت بدوره، قال لفرانس24 “لا أريد أن أصوت وأندم لاحقا، خلال العشرين عاما التي عشتها إلى حد الآن واكبت في هذا البلد الكثير من الأحداث والخيبات، لذا لن أصوت…”
وتبدو هذه الانتخابات مفصلية بالنظر إلى الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في البلاد.
وأرجأ صندوق النقد الدولي الذي كان من المقرر أن يعطي الضوء الأخضر الإثنين لمنح تونس قرضا رابعا على 10 سنوات بنحو ملياري دولار، قراره إلى مطلع كانون الثاني/ يناير بطلب من الحكومة التونسية التي لم يُغلق ملفها بالكامل.
موفدة فرانس24 إلى تونس صبرا المنصر
مصدر الخبر
للمزيد Facebook