ما الذي نعرفه عن شبكة اليمين المتطرف التي فككتها السلطات؟
نشرت في: 08/12/2022 – 19:02
قالت السلطات الألمانية الأربعاء إنها قامت بعمليات دهم في مختلف أنحاء البلاد أوقفت خلالها 25 شخصا من أفراد “مجموعة إرهابية” من اليمين المتطرف للاشتباه بتخطيطها للإطاحة بالقوة بالمؤسسات الدستورية الفدرالية، وفي مقدمتها البوندستاغ، مجلس النواب الألماني.
أعلن قائد الشرطة الجنائية الألمانية هولغر مونتش الخميس أن المجموعة التي تم تفكيكها فككت الأربعاء بعد تخطيطها لإطاحة المؤسسات الديمقراطية، كانت بحوزتها أسلحة كثيرة ومختلفة، الأمر الذي يدل على خطورتها.
وقد ضمّت هذه الشبكة نبلاء وجنود نخبة سابقين وامرأة روسية ونائبة سابقة من اليمين المتطرّف.
وأضاف مدير مكتب الشرطة الجنائية الفدرالية لشبكة “آ ار دي” الإعلامية العامة إن المجموعة “تتكون من مزيج خطير من الأشخاص الذين يتبنون معتقدات غير عقلانية، بعضهم لديه الكثير من المال، والبعض الآخر يمتلك أسلحة ولديهم خطة أرادوا تنفيذها (…) وهذا هو سبب الخطورة ولذلك تدخلنا”.
ومن جهته أفصح المدعي العام لمكافحة الإرهاب بيتر فرانك خلال مؤتمر صحافي في كارلسروه غرب البلاد بخصوص هذه المجموعة، “لقد كانت مزودة بمجلس يضم أشخاصا تم تعيينهم لتولي بعض الحقائب الوزارية.. وذراع عسكرية مع جيش ألماني جديد”.
وقال إن استعدادات المجموعة “وصلت إلى مرحلة متقدمة” رغم عدم تحديدها موعدا لتحركها. وأضاف: “نحن على يقين من أنهم كانوا سيمضون إلى التنفيذ”.
كما أوضح أن “عمليات التفتيش تظهر ذلك أيضا”، فقد عثر على أسلحة في 50 مكانا تم دهمه، بدءا من “أقواس نشاب إلى بنادق وذخيرة، وهذا يدل أنها غير سلمية”.
وقال إنه من المرجح أن تتم توقيفات أخرى، “حددنا أشخاصا آخرين لا نعرف بعد وضعهم بالضبط في ما يتعلق بهذه المجموعة”.
ووفق السلطات، كانت هذه الخلية المفكّكة “مدفوعة بأوهام الإطاحة العنيفة والأيديولوجيات التآمرية”
ويستهدف التحقيق إجمالا 54 شخصا تم إيقاف 25 منهم خلال عمليات الدهم صباح الأربعاء. وتتبنى المجموعة إيديولوجيا “مواطني الرايخ”، وهي حركة متطرفة اكتسبت زخما مع فرض السلطات قيودا لاحتواء فيروس كوفيد-19.
وقد تأسست الخلية “في نهاية عام 2021 على أبعد تقدير” وكانت “تهدف للقضاء على النظام القائم في ألمانيا” في مشروع لا يمكن تنفيذه إلا “من خلال استخدام الوسائل العسكرية والعنف ضد ممثلي الدولة”.
هذا وقد تم إلقاء القبض أيضا على شخص في النمسا وآخر في إيطاليا. وإلى حد الساعة، يشمل التحقيق 52 شخصاً. كما أعلن المدّعون العامّون في بيان أنه يُعتقد خصوصاً في أن المشتبه بهم “قاموا باستعدادات ملموسة لاستخدام العنف لاقتحام البرلمان الألماني مع مجموعة صغيرة مسلحة”.
“قلق للغاية”
وقد شارك في العمليات التي نُفذت في ساعة مبكرة صباح الأربعاء أكثر من ثلاثة آلاف عنصر بينهم وحدات النخبة لمكافحة الإرهاب، قاموا خلالها بتفتيش أكثر من 130 عقاراً، قالت بشأنها وسائل إعلام ألمانية إنها واحدة من أكبر عمليات الشرطة التي شهدتها البلاد.
من جهته، قال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه “قلق للغاية” بشأن المؤامرة واعتبر أن الموضوع وصل إلى “مستوى جديد”.
وكشفت وزارة العدل عن قائدَين مفترضَين للمجموعة، حدّدتهما الصحافة الألمانية على أن الأول الأمير هاينريخ رويس، المنحدر من سلالة ملوك ولاية تورينغن الإقليمية شرق البلاد، وهو رجل أعمال سبعيني، تم اعتقاله في فرانكفورت، ويملك قصراً اقتحم قرب باد لوبنشتاين وسط البلاد.
أما الثاني، فقد أشارت الصحافة الألمانية إلى أنه مقدّم سابق في الجيش الألماني. وكان قائد كتيبة مظليات في التسعينات ومؤسس وحدة القوات الخاصة (KSK)، واضطر إلى مغادرة الجيش في نهاية التسعينات بعدما خرق قانون الأسلحة.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع أرني كولاتس إن هناك جنودًا آخرين متورطون في المؤامرة بينهم جندي عضو في وحدة القوات الخاصة.
كما ذكر بيان النيابة امرأة روسية وصفتها الصحافة الألمانية بأنها رفيقة “الأمير رويس”. وأشار المدّعون إلى أنها عملت كوسيطة في محاولة للاتصال بالسلطات الروسية للحصول على دعم محتمل.
بينما نقلت وكالتَي الأنباء الحكومية الروسية “ريا نوفستي” و”تاس” عن السفارة الروسية في برلين نفيها أي علاقة مع مجموعات “إرهابية” أو “غير قانونية” في ألمانيا.
قاضية ونائبة سابقة في برلين
كما تم اعتقال امرأة أخرى أيضا، أشارت الصحافة الألمانية إلى أنها بيرجيت مالساك وينكيمان، القاضية والنائبة السابقة عن حزب البديل الألماني اليميني المتطرف، والتي كانت عضوا في البرلمان بين العامين 2017 و2021.
وقال المدعي العام بيتر فرانك، دون الإفصاح عن هويتها مباشرة، إنه “كان سيتم إسناد حقيبة العدالة إلى نائبة سابقة في البوندستاغ” في حكومة المتآمرين.
وبدأت إجراءات لإقالتها من منصبها كقاضية في برلين. بعد انقلابهم، إذ كان يعتزم المتآمرون وضع الأمير رويس على رأس حكومتهم.
هذا، وقد تم عقد أربع اجتماعات على الأقل خلال الصيف الماضي لتوسيع الشبكة، بحسب مكتب المدعي العام، وطالت جهود التجنيد أفراد الشرطة والجيش بشكل خاص. أما الفرع العسكري للخلية الاجرامية فكان مسؤولاً عن شراء الأسلحة وتنظيم التدريبات.
وفي الربيع الماضي، قامت السلطات بتفكيك مجموعة يمينية متطرّفة أخرى يُشتبه في أنها خططت لهجمات في البلاد ولخطف وزير الصحة على خلفية إجراءات مكافحة كوفيد-19.
وتم على وجه الخصوص استهداف حركة ألمانية معروفة باسم “رايخسبرغر” (مواطنو الرايخ)، يشترك أعضاؤها في مفهوم رفض نظام الدولة، ولا يعترفون بمؤسساتها ولا يطيعون الشرطة، كما أنهم لا يدفعون الضرائب.
ومن بين حوالي ألفي ناشط مؤيّدين لهذه الأيديولوجيا في ألمانيا، تطرّفت إحدى المجموعات لتضم من ينكرون حصول المحرقة على وجه الخصوص، وكانت تنادي باللجوء إلى العمل العنيف.
وفي السياق، أشارت النيابة إلى أنه في ما يتعلق بالمجموعة التي تم تفكيكها، فإنّ أعضاءها يستندون أيضاً إلى نظريات “كيو آنون” (QAnon) التي تروج لها جماعات يمينية متطرّفة تآمرية في الولايات المتحدة.
هذا، وقد صنّفت السلطات الألمانية في السنوات الأخيرة عنف اليمين المتطرف بفي البلاد من التهديدات الأولى للنظام العام، قبل الخطر الجهادي.
فرانس24/أ ف ب
مصدر الخبر
للمزيد Facebook