آخر الأخبارأخبار دولية

“ما يقومون به تشويش”… حسابات مزيفة صينية تعمل على تشتيت الانتباه عن المظاهرات

نشرت في: 06/12/2022 – 13:53

تتسع رقعة المظاهرات في عموم الصين وسط القيود المشددة التي تفرضها الحكومة، في إطار سياسة “صفر كوفيد”. ويبحث مستخدمو تويتر عن معلومات بشأن المدن التي تشملها المظاهرات لكنهم يواجهون بسيل عارم من التغريدات المثيرة للغرائز التي تظهر شابات في صور مثيرة وتعرض إعلانات لخدمات “الصداقات”.

منذ يوم الأحد 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أي شخص يقوم ببحث عن معلومات بشأن مدن صينية عرفت خروج مظاهرات على غرار العاصمة بكين وشانغهاي وهانغ زهو، فإنه يصطدم بسيل لا ينتهي من الحسابات المزيفة. ويجعل هذا العائق من المستحيل العثور على معلومات مفيدة فيما بدا وأن صور المسيرات تنتشر بوتيرة ضعيفة.

وفي 2 كانون الأول/ديسمبر الجاري، فيما بدأت السلطات التخفيف في القيود الصحية في بعض المدن على غرار شانغهاي وغوانغ زهو. قام فريق تحرير مراقبون فرانس 24 بتحليل تغريدات صينية تواصل إغراق عدة وسوم وتعليقات على المنشورات على تويتر.

يتم نشر هذه التغريدات كل ثانيتين من حسابات مختلفة على تويتر معظمها تم إنشاؤه مؤخرا ولا تملك هذه الحسابات إلا عددا قليلا من المتابعين وفي بعض الأحيان لا يتابعها أحد، وهو دليل معروف على أن الحساب المعني من المرجح أن يكون مزيفا أو تم إنشاؤه آليا.

تقرؤون أيضا على موقع تحرير مراقبون: كيف يمكن كشف الحسابات المزيفة والمنشورات الكاذبة على تويتر؟

تشير هذه التغريدات إلى مدن مختلفة مع عبارات متشابهة وفي بعض الأحيان متطابقة وفي بعض الأحيان تكون مكونة من كلمات عشوائية أو أجزاء من جملة لا معنى لها باللغتين الصينية والإنكليزية. كما تم نشر صور متطابقة في مرات لا يمكن حصرها.

هذه التغريدات على تويتر تأتي من عدة حسابات على المنصة وتحمل نفس اسم المستخدم “小女人22”.، لكنها تذكر مدينتين مختلفتين شينغدو (على اليسار) وبيكين (على اليمين). © مراقبون

وتم نشر نفس الصور بعدد كبير على حسابات مختلفة ما أحدث إرباكا على صفحة استقبال تويتر. وتم تقديم الحسابات الموجودة أسفله تحت أسماء مستخدمين مختلفة ولكن بنفس صورة الحساب ما يجعلنا نرجح أنها حسابات مزيفة.

هذه الصور لامرأة جالسة على أريكة حديقة تم نشرها على تويتر من خمسة حسابات مختلفة يملكون نفس صورة الحساب. وتشير هذه المنشورات إلى شوزهو (في الأعلى على اليسار) وشنغهاي (في الأعلى على اليمين) وغوانغزهو (في الأسفل على اليمين) وبيكين (على اليمين). وتمت الإشارة إلى أن هذه المدن كانت مؤخر مسرحا لاحتجاجات ضد القيود الصحية.

هذه الصور لامرأة جالسة على أريكة حديقة تم نشرها على تويتر من خمسة حسابات مختلفة يملكون نفس صورة الحساب. وتشير هذه المنشورات إلى شوزهو (في الأعلى على اليسار) وشنغهاي (في الأعلى على اليمين) وغوانغزهو (في الأسفل على اليمين) وبيكين (على اليمين). وتمت الإشارة إلى أن هذه المدن كانت مؤخر مسرحا لاحتجاجات ضد القيود الصحية. © مراقبون

ويرى الخبراء أنه من المحتمل أن تكون الحكومة الصينية متورطة في نشر هذه التغريدات ولكن لا وجود لدليل على ذلك إلى حد الآن. ويجب القيام بتحقيق أكثر عمقا وتنسيق مع المنصات لتحديد مصدر هذه الشبكة ومعرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بنشاط مدبر.

“يبدو أنه تم حذف بعض الحسابات”

جمع المحقق بنجامين ستريك عضو “مركز المرونة المعلوماتية” Centre for Information Resilience، أكثر من 3000 تغريدة من خلال استخدام وسم يحدد ثلاثة مدن كتبت بالصينية: بكين #北京 وهانغزهو #杭州 شونكينغ #重庆.

ونشر الباحث استنتاجاته على تويتر معتبرا أن هذه الحسابات “مزيفة” وبعضها يتفاعل مع بعضها الآخر فيما كانت بعض الحسابات الأخرى مجرد حسابات منفردة. وفي صفحته على تويتر، يظهر ستريك أن هذه التغريدات لم تثر سوى تفاعلات ضعيفة ونجد صفات مشتركة بينها.


مجموعة تغريدات على تويتر نشرها المحقق بنجامين ستريك (@BenDOBrown) تظهر نشاط وتفاعل أكثر 3000 حساب مزيفة قامت بنشر تغريدات بوسم لمدن صينية وظهرت بصفات مشتركة تجمع بينها.

وفي صباح الجمعة 2 كانون الأول/ديسمبر، لاحظ أن أكثر من 1200 تغريدة نشرت في غضون 30 دقيقة فقط تحت وسوم #上海 شانغهاي و #南京 نانجينغ و  # 杭州 هانغزو وهو ما كان عليه الحال أيضا طيلة الأسبوع.

وفي تحديث نشره عن بحوثه، لاحظ ستريك أن “بعض هذه الحسابات تم حذفها” ويوضح أن الأمر يتعلق بعادة تميز “الحسابات المزيفة” حيث يتم تعليق الحسابات ومن ثم إعادة إنشائها من جديد. وتمثل سياسة التشويش هذه انتهاكا لسياسة تويتر فيما يتعلق بالمنشورات المشوشة وتحويل وجهة التغريدات ومن المعروف أن تويتر يقوم بحذف مثل هذه الحسابات.



صورتان نشرهما بنجامين ستريك (@BenDoBrown) تظهر أكثر من 2000 تغريدة تم تحميلها باستخدام وسم #杭州 (في الأعلى) ورسم غرافي يظهر أن هذه التغريدات لاقت نسب تفاعل ضئيلة.

“أي شخص معتاد على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يتفطن إلى أنها حسابات مزيفة”

عندما طلبنا منه ما إذا كانت سياسة التشويش هذه ناجعة، أكد ستريك أن في معظم الأحيان لا تؤدي مثل هذه الحملات المنشود منها حيث يقول:

أسلوب التشويش هذا ليس ناجعا في الحقيقة لأن أي شخص يملك الحد الأدنى من الثقافة الرقمية يمكن أن يتفطن إلى أنها حسابات مزيفة. ولكنها تمثل في المقابل عائقا أمام المحققين، مثلي، الذين يعملون على انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان ويعتمدون على صور منشورة على منصات رقمية مثل تويتر. عندما أبحث عن هذه الوسوم وأرى المحتويات الأخيرة، ألاحظ أنها مجرد منشورات من حسابات مضيفة تغطي على مقاطع فيديو لمتظاهرين تعرضوا للضرب أو الاعتقال على يد الشرطة في الصين. يتعلق الأمر بمشكل أعمق، ويجب على شبكة تويتر أن تكون قادرة على صد انتشار منشورات الحسابات المزيفة.

تفحص فريق تحرير مراقبون فرانس 24 الحسابات التي تنشر هذه التغريدات المزيفة عن قرب. وتم إنشاء الغالبية العظمى من هذه الحسابات خلال الشهر الماضي (تشرين الثاني/ نوفمبر 2022) و لم تكن تملك أي متابع وكان صاحبها يقوم بمتابعة حفنة من الحسابات الصينية عشوائيا أو لم يكن يتابع أحدا.

تم إنشاء هذه الحسابات الأربعة خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 ولا تملك أي متابع. اثنان منها (الأعلى على اليسار وفي الأسفل على اليسار) يملكان نفس الجملة المصاحبة.

تم إنشاء هذه الحسابات الأربعة خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 ولا تملك أي متابع. اثنان منها (الأعلى على اليسار وفي الأسفل على اليسار) يملكان نفس الجملة المصاحبة. © مراقبون

وتظهر الصور ذات الإيحاءات الجنسية بشكل نادر على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أن قررت الحكومة الصينية فرض قيود على المحتويات الفاضحة أو الإباحية منذ بداية القرن 21. ومن المستبعد إذا أن هذه التغريدات التي تعرض تقديم خدمات جنسية وتستخدم وسوما صينية نشرها مستخدمون منفردون.

ويقول البروفيسور غاري كينغ مدير معهد Institute for Quantitative Social Science في هارفارد والخبير في العلوم الاجتماعية الحسابية إن هذه التغريدات تمثل شكلا من أشكال “التشويش” التي تهدف إلى تحويل الانتباه عن المظاهرات.

ما يقومون به، عوض مهاجمة الأشخاص الذين ينشرون “محتويات سيئة”، هو التشويش. من الصعب إقناع شخص بتغيير موقفه من الأشياء. ولكن ليس من الصعب تحويل انتباهه وجعله يهتم بشيء آخر. الفكرة هي إغراق الرسائل ذات الطابع السلبي والحكومة الصينية تقوم بذلك على نطاق واسع.

“الرقابة على الإعلام لن تنتهي في المستقبل القريب”

في 30 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أشارت تغريدة على تويتر نشرت الصحافية السنغافورية مليشا تشين إلى أن مستخدمي إنترنت صينيين يشتكون من أن هواتفهم من طراز “هواوي” صينية الصنع تقوم بحذف آلي لمقاطع الفيديو التي تظهر المظاهرات التي قاموا بتسجيلها على دفتر صورهم.


تغريدة على تويتر للصحافية السنغافورية مليشا تشين تشير فيها إلى أن مستخدمي إنترنت صينيين اشتكوا من أن هواتفهم من طراز “هواوي” تقوم بحذف آلي لمقاطع الفيديو التي تظهر المظاهرات والتي قاموا بتسجيلها على دفتر صورهم وذلك رغما عنهم.

ولم يتمكن فريق تحرير مراقبون فرانس 24 من التحقق من هذه المعلومات من مصدر مستقل. ولكن كينغ أشار إلى ذلك لن يكون أمرا مفاجئا في كل الأحوال.

من الممكن أي يكون ذلك متاحا تقنيا ومن المرجح بشدة أن يتكرر ذلك في المستقبل. وذلك سيتواصل في الحدوث وتحت أشكال مختلفة من الممكن أن الهاتف هو من يقوم بمقاطع الفيديو  هذه، كما أنه من الممكن أن يتعلق الأمر بشيء لم نخمن فيه. الرقابة على الإعلام ليست أمرا جديدا وهي ليست مستعدة بعد للاختفاء”.

//platform.twitter.com/widgets.js


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى