هذا ما يفعله نجيب ميقاتي في الأزمات
ولمن لم يفهم بعد ماذا يعني “الثلث المعطّل” بالنسبة إلى باسيل نحيله إلى سيل الاتهامات التي كيلت في حقّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ اللحظة الأولى، التي قال فيها: “لن أترك مريضًا يموت وأنا مكتوف الأيدي ومن دون أن أفعل شيئًا”. قيل عنه إنه يضرب “الطائف”، وإنه يعمل خارج إطار “الميثاقية”، وإنه نحر ما تبقّى من صلاحيات لرئيس جمهورية غير موجود اليوم بسب عدم ممارستهم العملية الديمقراطية بشفافية، وإنه يحاول أن يستأثر بالسلطة، وإنه طائفي، وإنه لا يراعي شعور المسيحيين.
فإذا أراد المقتنعون بصوابية ما يفعله الرئيس ميقاتي الردّ على كل هذه الاتهامات لردّدوا ما قاله الرجل في مستهل جلسة اليوم، والذي أصرّ على أنها استثنائية، ولخصوا ما يجب تلخيصه من دون أن يكون هذا الردّ بمثابة تحدٍّ لأحد، لأن من يريد أن يأكل العنب يجب ألا يقتل الناطور. فأكل العنب بالحلال يكون بالطرق الشرعية والقانونية، وليس بالقفز فوق السياج.
الردّ الأول على “التيار الوطني الحر” وأبواقه وجيشه الالكتروني هو أن الرئيس ميقاتي حريص على الطائف مثله مثل كثيرين من المخلصين في هذا البلد، الذين لا يزالون يؤمنون بالصيغة الفريدة التي تميزّ عيش اللبنانيين في انصهار وحدة عيش مشترك، مع ضرورة تطبيق كامل بنود هذا الاتفاق، الذي وضع حدّا للحرب اللبنانية. وهو لا ينتقي من “الطائف” ما يحلو له وما يتناسب مع وضعيته كما يفعل غيره، وهم معروفون.
الردّ الثاني له علاقة بصلاحيات رئيس الجمهورية، التي عمل الآخرون على “تقزيمها” وتحجيم الدور الرئاسي عندما حوّلوا رئيس الجمهورية إلى طرف بدلًا من أن يكون حَكمًا ولجميع اللبنانيين على حدّ سواء. فالرئيس ميقاتي عندما كان يطالب بعدم تجاوز صلاحيات رئاسة الحكومة كان يطالب في الوقت ذاته بالحفاظ على صلاحيات رئاسة الجمهورية، وهو الذي يعرف أكثر من غيره، وهو ابن مدينة التعايش، أهمية أن يكون رئيس جمهورية لبنان مسيحيًا، وهذا ما شدّد عليه سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عندما جمع نواب السنّة في دار الفتوى قبل دخول البلاد في الفراغ.
أمّا الحديث عن “الميثاقية” فإن كل الاتهامات مردودة من حيث الشكل ومن حيث المضمون. ولو كانت هذه الاتهامات صحيحة لما كان الرئيس ميقاتي أصر على أن يكون الحضور المسيحي طاغيًا في جلسة لم يرد أحد أن تكون تحدّيًا لأحد، ولم تكن لتعقد لو أن أمور البلاد ماشية على “التك برّن”، ولو أن الطبابة مؤمنة للمرضى مئة في المئة، ولو أن المالية العامة بألف خير.
وهذه الجلسة لم تكن لتعقد لو أن سيد بكركي كان معارضًا لها، وهو الحريص أكثر من غيره بكثير على حقوق المسيحيين وعلى “الميثاقية”. فهل الوزراء جوني القرم، وزياد مكاري، ونجلا الرياشي، وهكتور حجار، وجورج كلاس، وجورج بوشكيان، هم أقل مسيحية من وليد فياض مثلًا؟
ولأن الشيء بالشيء يذكر نشير إلى أنه ومنذ اللحظة التي وصل فيها الوزير الحجار إلى السراي الحكومي لحضور جلسة مجلس الوزراء حتى قامت قيامة من يقومون بمهمة تصنيف الناس وتوزيع شهادات بـ”الوطنية”. وقد غادر الجلسة قبل انتهائها لـ”حفظ ما الوجه”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook