فئة محددة لم يخرقكورونامناعتها… ومعلومات جديدة تكشفها الابحاث
“كوفيد 19 ” او “كورونا”، الفيروس التاجي الذي انطلق من الصين، شغل العالم وقلب مقاييسه رأسا على عقب منذ بداية العام 2019 وحتى يومنا هذا.
لم يميّز “كورونا” بين البشر، بل تسرّب الى مختلف دول العالم جاعلا منها مقرات عامة للصمت والاقفال والخوف والقلق في الوقت نفسه.
وعلى الرغم من كل هذا الواقع، لم يتمكن “كوفيد 19” من دخول أجسام كافة البشر، فهناك فئة محددة لم تصب به ولم تعان من عوارضه، فماذا يقول العلم عن هذه الظاهرة؟
هناك ثلاثة احتمالات عامة إذا ما كنت تظن أنك لم تصب بالفيروس على الإطلاق:
أن تكون مخطئا، وبالتالي تكون قد أصبت بالفعل بالفيروس ولكنك لم تدرك ذلك، او ألا تكون قد احتككت به، أو أن جسمك به آلية دفاع إضافية نجحت في صده.
وفي هذا الاطار ووفقا لما ذكرت محطة الـ”BBC” تقول الدكتورة ليندزي برودبنت المتخصصة في علم الفيروسات بجامعة سَري بإنجلترا: “هناك الكثير من الأشخاص الذين يقولون إنهم لم يصابوا مطلقا بمرض كوفيد. غالبيتهم على الأرجح مخطئون، فلربما أصيبوا بالعدوى ولكنها لم تسفر عن أية أعراض”.
وتضيف: “لكننا نعلم أن هناك بعض الأشخاص الذين لم يصابوا بالعدوى على الإطلاق، حتى بين هؤلاء الذين يعملون في بيئة مرتفعة الخطورة، كالممرضات”.
وتوصلت دراسة لأشخاص أجروا اختبارات كوفيد بصورة دورية إلى أن نصف هؤلاء الذين أصيبوا بمتحور أوميكرون لم يدركوا إصابتهم، أو أرجعوا الأعراض الخفيفة التي ظهرت عليهم إلى سبب آخر.
الأجسام المضادة
وهنا يمكن الاشارة الى الأجسام المضادة كجزء من جهاز المناعة، التي تعمل مثل القذائف التي تلتصق بالفيروسات، ما يمنعها من عدوى خلايا الجسم، وتخبر بقية مكونات جهاز المناعة بأن تقتل الفيروس.
الأنواع المختلفة من الأجسام المضادة تلتصق بأجزاء مختلفة من الفيروس:
الأجسام المضادة التي تلتصق بالطبقة الداخلية للفيروس – المسماة القفيصة النووية (nucleocapsid) – والتي تحمي الشفرة الجينية للفيروس.
كافة اللقاحات المستخدمة في المملكة المتحدة تدرب الجسم على مهاجمة البروتين الشوكي فقط. حتى بعد مرور عام على آخر جرعة منشطة تلقيتها، أظهر الاختبار أن لدي مستويات مرتفعة من الأجسام المضادة للبروتين الشوكي.
ويتعلم الجسم كيف يهاجم الأجزاء الأخرى من الفيروس فقط عندما يواجه الفيروس ذاته. إذا ما كان دمي يحتوي على الأجسام المضادة للقفيصة النووية، فإن ذلك يعني أنني أصبت بعدوى كوفيد من قبل.
وتأتي نتيجة التحليل سلبية، وهكذا تكون فكرة أنني لم أصب بكوفيد مطلقا قد تخطت أولى عقباتها.
كافة اختبارات كوفيد التي أجريتها لم تأت نتيجة أي منها إيجابية
يتساءل البعض لماذا لم تأت نتيجة فحوصاتهم ايجابية على الرغم من اجراء الـ “PCR” مرات عديدة، وتاتي الأسئلة وعلامات الاستفهام على الشكل الاتي:
كنت أجري اختبارات المسحة السريعة مرتين في الأسبوع خلال فترة طويلة من تفشي الوباء لكي أتمكن من الذهاب إلى العمل، ولم تات النتيجة ايجابية.
كنت أجري اختبارات ما يعرف بتفاعل بومليرايز المتسلسل “PCR”، أو الاختبارات السريعة، كلما ظهرت عليّ أعراض، ولم تات النتيجة ايجابية
كنت أجري اختبارات بشكل يومي عندما أصيب أفراد أسرتي بكوفيد، ولم تات النتيجة ايجابية.
وعلى هذا الصعيد تستنتج البوفيسورة مايني جاء التالي:
“إضافة إلى ان نتيجة اختبار الأجسام المضادة للقفيصة النووية تشير إلى أنك ربما لم تصب بعدوى متكاملة الأركان، ربما تكون قد أصبت بما نطلق عليه عدوى مُجهَضة ‘”. فكرة العدوى المُجهضة تعني أنك تُستَهدف من قبل الفيروس، بل ويتمكن الفيروس من الوصول إلى الأماكن اللازمة لبدء العدوى، ولكن جسمك يحاصره قبل أن ينتشر.
ونعلم أن ذلك يحدث من خلال الدراسات التي عمدت إلى إصابة الأشخاص بالعدوى. خلال تلك التجارب، كان يتم بخ الفيروس في أنوف المتطوعين الأصحاء، ومع ذلك فإنه من بين الأشخاص الـ 34 الذين شاركوا في الدراسة، لم تظهر العدوى إلا على نصفهم.
خط الحماية الأول هو الجهاز المناعي الفطري. هذا هو الدفاع التلقائي لأجسامنا. لا يستطيع ذلك الجهاز أن “يتذكر” عدوى الفيروسات المختلفة، ولذلك كل مرة تحدث الإصابة تكون بمثابة المرة الأولى بالنسبة له، لكنه يعمل بسرعة وبإمكانه وقف انتشار العدوى أو صدها.
أوضحت الدكتورة برودبنت ذلك من خلال إجراء تجارب استخدمت فيها رئات مصغرة تم زراعتها باستخدام خلايا بشرية، وحاولت إصابتها بعدوى الفيروس.
تقول برودبنت: “وجدنا شخصا واحدا لم نتمكن من إصابته.كنا نصب كميات هائلة من الفيروس على تلك الخلايا ولكن لم تحدث العدوى”.
النصف الآخر من الجهاز المناعي يعرف بالجهاز المناعي التكيفي، أو المكتسب، والذي يتعلم ويتحسن مع الممارسة. وهنا يأتي دور اللقاحات التي تهيء الجسم لمحاربة كوفيد.
دور اللقاحات
وتقول البروفيسورة مايني: “ربما تكون اللقاحات قد قامت بدورها على أتم وجه ومنحتك مناعة جيدة جدا، لكن اللقاحات لا تمنح سوى حماية محدودة ضد الإصابة بالفيروس، وسرعان ما تتلاشى. كما أنه لم تكن هناك لقاحات خلال العام الأول من الوباء.بيد أن هناك طرقا أخرى يستطيع من خلالها هذا الجزء من الجهاز المناعي أن يوقف العدوى.فقد أظهرت عينات الدم المأخوذة من العاملين بالمستشفيات قبل الوباء أن بعضا منهم كان لديه بالفعل ما يعرف بالخلايا التائية (T-Cells). هذه الخلايا تعمل كحراس يفحصون الخلايا الأخرى بحثا عن أي دلائل على حدوث العدوى. وإذا ما وجدوا خلية مصابة، يقتلونها.
حتى قبل وصول الحالات الأولى إلى المملكة المتحدة، كان بعض الأشخاص لديهم تلك الخلايا المكافحة لكوفيد في دمهم. هذا على الأرجح ناتج عن إصابتهم بفيروسات كورونا المسببة لنزلات البرد الشائعة، والتي تشبه إلى حد كبير فيروس كوفيد.
هل هناك تفسيرات أخرى لعدم الاصابة بكورونا؟
بعض الأشخاص لم يتعرضوا مطلقا للفيروس لأنهم توقفوا عن الاختلاط بالناس. وقد أجريت حوارات مع أشخاص عزلوا أنفسهم لما يقرب من 1000 يوم، عادة لأن جهازهم المناعي ضعيف ما يجعلهم أكثر هشاشة. هذا لا ينطبق علي، إذ كنت أستقل القطار لأذهب إلى العمل خلال تفشي الوباء، بل وكنت أنام إلى جانب طفلي الصغير في الفراش خلال مرضه.
الفكرة الثانية هي المناعة الجينية التي تحدث مع أمراض أخرى.
المثال الشهير هو فيروس نقص المناعة المكتسبة لدى البشر “إتش.آي.في”. هناك عدد قليل ونادر من الناس المولودين بطفرة جينية تحميهم تماما من الفيروس. هذه الطفرة التي يطلق عليها اختصارا “سي.سي.آر 5” تحدث في جزء من شفرتهم الجينية وتعمل على تغيير “الأقفال” الموجودة في خلايا الجسم بحيث لا يستطيع فيروس إتش.آي.في اختراقها. وقد تم الاستفادة من ذلك في علاج بعض المرضى المصابين بالفيروس، وتبين أن طفرات مماثلة تمكنت من الحيلولة دون دخول فيروس كورونا إلى خلايا أجسام بعض الأشخاص.
تقول الدكتورة برودبنت: “عدد الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من المقاومة الجينية ضئيل للغاية”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook