آخر الأخبارأخبار محلية

القاضي الرديف في انفجار مرفأ بيروت.. بين إحياء التحقيق ودفنه!

عادت قضية انفجار مرفأ بيروت إلى واجهة الأحداث في اليومين الماضيين، ليس بسبب حصول المحقق العدلي القاضي طارق البيطار على “ضوء أخضر” لاستكمال تحقيقاته “المعلّقة والمجمّدة” قسرًا، بفعل “تعطيل” هيئة محكمة التمييز، ولكن على خلفيّة “ابتكار جديد” تمثّل في استحداث ما سُمّي بـ”القاضي الرديف”، يبقى في منصبه “طالما المحقق العدلي لا يمكنه تنفيذ مهامه”.

 
رغم كونها تشكّل “سابقة” من نوعها، لناحية الذهاب إلى تعيين قاضٍ “وكيل” بوجود القاضي “الأصيل”، وجدت الخطوة من يدافع عنها، بداعي “الضرورات الملحّة” التي يفرضها واقع “التكبيل” الذي يُحاصَر به القاضي طارق البيطار، ولدوافع “إنسانية”، باعتبار أنّ هناك أمورًا “عاجلة وملحّة” تتطلب علاجًا سريعًا ومتابعة فورية، من بينها البتّ بمصير الموقوفين في الجريمة بلا محاكمات.
 
لكنّ هذا “المنطق” لم يَبدُ مقبولاً لدى كثيرين، ومن بينهم أهالي ضحايا انفجار المرفأ، الذين شعروا بـ”ارتياب مشروع” من “نوايا” المنظومة، التي لم تدّخر جهدًا في سبيل “إزاحة” القاضي البيطار، لتلجأ في نهاية المطاف إلى “إحراجه” بهذا الشكل فـ”إخراجه” على الأرجح، فيما لم يتوانَ البعض عن المطالبة صراحة بـ”تدويل” التحقيق، بعدما ثبُت أنّ السلطة لن تسمح بوصول ذلك المحلي إلى مكان.

 
باسيل خلف الخطوة؟
 
لم يكن التزامن بين بدء التداول بخطوة “القاضي الرديف” مع المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل “صدفة”، برأي المتابعين، خصوصًا أنّ الأخير أثار من ضمن جملة الملفات التي أثارها، ملفّ من يصفهم بـ”الموقوفين ظلمًا” على خلفية قضية انفجار مرفأ بيروت، والذين ذهب إلى حدّ اعتبارهم “أسرى في السجون”، معلنًا إطلاق معركة “تحريرهم” بكلّ السبُل الممكنة.
 
وقد يكون القاضي “الرديف” أحد هذه السُّبُل، وفق ما يقرأ المتابعون، علمًا أنّ المقاربة “العونية” للموضوع لا تبدو بعيدة عن هذه القراءة، حيث دافعت أوساط “التيار” عن الخطوة، بوصفها “إحياءً” للتحقيق، خلافًا لما يقوله “المغرضون”، إذ من شأنها أن تعالج “أزمة” تعطيل التحقيق، من خلال تفويض صلاحيات البتّ بالأمور العاجلة لقاضٍ آخر “غير مكفوف اليد”، طالما أنّ هناك من يصرّ على “تكبيل” القاضي البيطار.

 
لا ينكر “العونيون” أنّ مثل هذا الوضع “غير مثالي”، ولكنّهم يعتبرون أنّ “الظلم” الذي يتعرّض له الموقوفون، وبعضهم لم يرتكب أيّ ذنب، بل ثبُت أنّه قام بكلّ المسؤوليات القانونية المترتبة على مرتبته الوظيفية، أكبر من كلّ هذه التفاصيل، بل يصرّون على أنّ هذه الخطوة مطلوبة، حرصًا على دماء الشهداء، ومن أجل إرساء “العدالة”، حتى لا يدفع البعض ثمن إهمال الكبار، “المحصَّنين” عن كلّ المسؤوليات.
 
يريدون “إعدام” التحقيق!
 
بمعزل عن صحّة الدوافع “العونية” من عدمها، فإنّ المعترضين على الخطوة، والتي يؤكدون أنّها “غير قانونية ولا منطقية”، إذ إنّه لم يسبق أن عُيّن قاضٍ رديف على قضية بوجود ذلك “الأصيل”، يصرّون على أنّ معالجة “التحفظات والهواجس” كان يجب أن تسلك مسارًا آخر، يتمثّل في “الضغط” من أجل “تحرير” القاضي الأصلي، ووقف “مهزلة” كفّ يده، بالحدّ الأدنى من خلال إجراء التشكيلات المطلوبة في هيئة التمييز.
 
وفيما يشير هؤلاء إلى أن حلفاء “التيار” هم من يقفون وراء “تعطيل” التحقيق، ما يعني أنّ الأوْلى بباسيل كان أن يطلب منهم، وتحديدًا “حزب الله”، وقف التدخلات بالمسار القضائي، والتوقيع على تشكيلات هيئة التمييز، يرون أنّ جميع أطراف المنظومة “تتقاطع” عند الرغبة في “تطيير” القاضي البيطار ولو اختلفت الأسباب، بعدما ثبُت أنّه لا يقبل أن “يُسيَّر” من القوى السياسية، أو أن يصبح “أداة” لها لتنفيذ ما ترغبه وتتمناه.
 
لكنّ المعترضين، الذين يعربون عن تفهّمهم لخطوات أهالي الضحايا، يخشون أن يكون ما حصّل مقدّمة لمطالبة قد تصبح مشروعة بـ”تدويل التحقيق”، رغم أنّ التجارب السابقة لا تصبّ لصالح تحقيق دولي قد لا يفضي إلى نتيجة، إلا أنّ الأكيد أنّ الاستمرار بالمسار القائم حاليًا لا يمكن أن يكون حلاً، بعد “إفراغ” التحقيق من مضمونه، عبر محاولة تحويل القاضي، أصيلاً أم رديفًا، إلى مجرّد “باش كاتب” لدى بعض السياسيين.
 
بمعزل عن الدوافع خلف فكرة “القاضي الرديف”، وبغضّ النظر عن “جدوى” مثل هذه الخطوة، لا شكّ أنّ التحقيق بانفجار مرفأ بيروت يشكّل “مهزلة قضائية” بكلّ المعايير، فالجريمة “الخطيرة” التي لم يسبق لها مثيل، والتي ذهب ضحيتها المئات بين قتيل وجريح، لا تزال “رهينة” سياسيّين، نجحوا في تغيير القاضي الأولى، ويريدون الإطاحة بالثاني مهما كان الثمن، ولو كان “تمييع” الحقيقة بكلّ بساطة!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى