آخر الأخبارأخبار محلية

الوكالة الوطنية للإعلام – فانا عمم النشرة الاقتصادية للوكالة الوطنية للاعلام: أزمة لبنان السياسة قبل الإقتصاد

وطنية – عمم اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)، ضمن النشرة الاقتصادية، تقريرا للوكالة الوطنية للاعلام، أعدته الزميلة أميمة شمس الدين بعنوان: “أزمة لبنان، السياسة قبل الإقتصاد”، جاء فيه:

تستمر الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية في لبنان للسنة الثالثة على التوالي، ويستمر انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية ومعه انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تزداد نسبة الفقر والفقر المدقع بشكل كبير، فضلاً عن تراجع الخدمات الاساسية الحياتية للمواطنين من كهرباء ومياه، ويرافق ذلك ارتفاع اسعار المحروقات واسعار كل السلع.
والأدهى أن أموال اللبنانيين محتجزة في المصارف ورواتبهم فقدت اكثر من 90% من قيمتها، ولكن بالرغم من كل ذلك هناك خبر ايجابي في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان، إذ شهدت السياحة نوعاً من الازدهار بعدما قدم الى لبنان نحو مليون و500 الف زائر من مغتربين وسياح اغلبهم من العراق ومصر والاردن، ومن المتوقع ان يساهموا في ادخال زهاء اربعة مليارات من العملة الصعبة الى لبنان.
وللخروج من هذه الازمات، أعدت الحكومة اللبنانية خطة تعاف تشمل اصلاحات عديدة، كإجراءات مسبقة فرضها صندوق النقد الدولي من اجل عقد اتفاق بينه وبين الدولة، واهم هذه الاجراءات: قانون الكابيتال كونترول، تعديل قانون السرية المصرفية الذي اقر أخيراً في المجلس النيابي، اعادة هيكلة القطاع المصرفي، اقرار الموازنة، توحيد سعر الصرف.
وتوصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي مع لبنان على خطة مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار.

وفي بيان صحافي، أعلن صندوق النقد أنه توصل إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية مع لبنان، لتسهيل تمويل مدته 4 سنوات.

وقامت السلطات اللبنانية -بحسب البيان- بدعم من خبراء صندوق النقد بصياغة برنامج إصلاح اقتصادي شامل يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد، واستعادة الاستدامة المالية، وتعزيز الحكم والشفافية، وإزالة العوائق التي تحول دون نمو فرص العمل، وزيادة الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار.
للاضاءة على الوضع الاقتصادي في لبنان واسباب الازمة وسبل الحل، كان لـ”الوكالة الوطنية للاعلام” هذا الحديث مع الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة البروفسور مارون خاطر، الذي رأى انه على الرغم من أن ازمة لبنان تبدو اقتصاديَّة، فإنها في الحقيقة ومن دون أدنى شَكّ سياسيَّة بامتياز. واعتبر ان الأزمة في بُعدِها السياسي، ليست إلا انعكاساً مباشراً لصراعات المحاور المتغيرة الأهواء والأسماء والأهداف. وفي بعدها الزَّمَني، الأزمة نتيجةٌ مباشرة لانتقال أمراء الحرب من ساحات القتال الى قاعات السياسة ولاستقدامهم لأدواتهم ومهاراتهم من طائفية وزبائنيَّة واستقواء ومحاصصة وفساد.
اما اقتصاديا، فلفت خاطر الى انه منذ انتهاء الحرب إلى اليوم، عاش لبنان غياباً كلياً للتخطيط واستشراءً للفساد والهَدر والمُحاصَصَة وتواطؤاً مُريباً بين المصارف والمَصرِف المركزي والدولة ومُروراً مُلتبساً عَبر ثَغَرات قانون النَّقد والتسليف.
في سياق مُتَّصِل، اعتبر البروفسور خاطر أنَّ هذه العوامل ساهمت، بالإضافة إلى غيرها، في تكريس واقع العجز المتزايد للموازنات وتثبيت مبدأ العبثية في المعالجات، مما أوجد فجوة مالية تَوَسَّعت مع مُرور العقود ليصبح لبنان واقتصاده ومصارفه فجوةٌ كبرى.
وقال: “لم تتوان السلطات السياسيَّة والنقديَّة عن تسخير مقتدرات الدولة وقوانينها في سبيل شراء وقت لم يَلق إلا الهدر مَصيرا. واستُنفدت المراوغات والهندسات والمُماحكات ولم يَتعب الفاسدون”.
اضاف: “استقطبت المصارف الودائع من الأقطار الأربعة ومن جيوب فقراء الداخل وأغنيائه وسلفتها للدولة ضاربةً العلم والمنطق وإدارة المخاطر والتحوط عُرض الحائط. واستنفذت الأموال لتثبيت سعر الصرف وتمويل المصاريف والديون فتأمن استقرارٌ هَشّ وسط تقلبات الداخل والخارج إلى أن حَلَّ تشرين. انقطعت الودائع وحل مكانها خروج الأموال في الوقت. سادت الاستنسابية والإذلال من قبل المصارف بحق أصحاب الأموال والحقوق”.
وتابع: “استمر غياب الحلول ورُفِضَ الكابيتال كونترول ودخلت البلاد مرحلة ما قبل التفجير. فُجّرت بيروت وبات العيش وسط الدخان والغبار أسلوب حياة اللبنانيين. شَحَّت موجودات المركزي فانخفض الدعم وزاد الضغط المعيشي والاجتماعي. انطلقت المفاوضات مع صندوق النَّقد الدَولي وانتهت شفهية وبقي مفعولها كذلك. تحوَّلت المصارف من تمويل الاقتصاد إلى تنفيذ تعاميم المركزي تنفيساً للاحتقان تارةً وتذويباً للودائع طوراً. رُفِضت خطة الحكومة وتوزيعها للخسائر كونها تهدف إلى إعدام المصارف إلا أنَّ المصارف نفسها بدأت بتنفيذ تدابير ظالمة بِحَقّ المودعين لاقت بها الحكومة في مقاربتها وباتت كأنها تَعدُمُ نفسه حتى باتت التعاميم تصدر في كل مصرف على حداً وأصبحت الاستنسابية هي القانون في غياب الأصيل”.
ورأى خاطر ان التدهور ليس إلا نتيجةٌ طبيعية لغياب المعالجات. ولا يُمكن “للترقيع” أن يشكل حلاً أمام فداحة الأزمة كما أن علاج النتائج دون الأسباب لن يُفضي إلى نتيجة.
ولفت ان العام الحالي الذي شارف على نهايته لم يشهد أي تطورات إيجابية حقيقية اذ لم نلمس تقدما في أي من الملفات بل إن المعالجات أتت لتعاكس النظريات والمنطق. مؤكداً ان زيادة الرواتب ليست حلاً لمشكلة القطاع العام كما أن زيادة الدولار الجمركي لا يمكن أن يؤمن تمويلها.
وقال: “ليس الإقصاء المالي ما يجب أن تقوم به المصارف وهو ليس جزءا من إعادة الهيكلة المنشودة. ليست المناكفات والمماحكات ما ننتظره ممن يُناط بهم مصير اللبنانيين”.
استطرادًا، شدَّدَ خاطر على أنَّ الطحين والخبز والبنزين والدواء عناوين الهائيَّة لِحَرف النَّظر عن المُشكلة الحقيقية وهي مشكلةٌ مرتبطة عضوياً بتعريف الدولة وبشكلها. الاقتصاد كما اللبنانيون يصارع للبقاء وقال: “كل بيتٍ في لبنان يحاول أن يؤَمِّنَ البُنية التَّحتية اللازمة للعيش ولا يَخجل الحكام! بَل إنَّهم يصارعون هم أيضاً للبقاء على مقاعِدِهمِ وهم مُنتهون أن الصلاحية قبل انتهائها”.
وختم: “إذا كانت الأزمة في توصيفها وفي مقاربتها سياسيَّة، فلا بدَّ للحلول أن تأتي من لَدُن السياسة فتكون هي نفسها الداء والدواء. عملياً، يَجب أن تنطلق كل الحلول من عقد وطني يُرسي استقراراً سياسياً حقيقياً يجعل من النهوض الاقتصادي أحد نتائجه الطبيعيَّة. التفاوض مع صندوق النقد، وضع خطة إصلاحية قيد التنفيذ، توحيد سعر الصرف، تحسين الجباية، مكافحة التهرب عناوين لا يمكن أن تتحول واقعاً ما لم يتفق جميع الأطراف على شكل الدولة وهويتها، وما لم تتمكن هذه الدولة من بسط سلطة القانون على كامل أرضها وبَحرِها وجَوّها. عندها يكون الحلُّ شاملاً ورؤيوياً يرتكز على تحفيز الاقتصاد على النمو واستعادة الثقة، مستنداً إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يكون قابلاً للتنفيذ بمضمونه”.

             ============ 
 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى